العراق .. مئة عام على ولادة الدولة الحديثة

تحقيقات وتقارير
  • 23-08-2021, 11:26
+A -A

بغداد- واع- علي جاسم السواد

على الرغم من أن بلاد الرافدين تشكّلت وفق نسقها الحضاري منذ آلاف السنين، وتأسست فيها عشرات الحضارات العريقة التي لم تسبقها بلاد أخرها فيها إلا إنه وفق المعطيات الحديثة والتي تتشكل على اسسها الدول فان العراق يمر في هذا اليوم الثالث والعشرين من آب العام 2021 بالذكرى المئوية لإعلانه كدولة رسمية موثقة دولياً بعد إعلان الدولة الملكية.

التأسيس

بعد اندلاع ثورة عراقية كبرى في حزيران من العام 1920 وما ترتب عليها من نتائج مهمة لصالح الثوار قررت بريطانيا منح العراق الاستقلال من خلال تشكيل حكومة وطنية عراقية انتقالية برئاسة عبد الرحمن النقيب لتعمل على وضع رؤية في اختيار ملك للدولة الملكية بمفهومها الجديد، وتم اختيار الملك فيصل بن الشريف حسين بن علي ملكاُ على العراق باستفتاء شعبي، وتم اعلان الدولة العراقية الملكية في 23 آب العام 1921، ومع تولي فيصل الأول الحكم على العراق بدأ مشوار بناء الدولة من الناحية الإدارية يسير بخطى متسارعة من خلال اعلان الملك فيصل في العام 1922 عن المجلس التأسيسي الذي يتولى مسؤولية تشكيل الوزارات ومؤسسات الدولة وصياغة دستور للبلاد، وقانون للانتخابات، وتوقيع اتفاقية مع بريطانيا تنظم العلاقة معها على أساس الاستقلال الفعلي للعراق، واختير عبد الرحمن النقيب كأول رئيس للوزراء ثم خلفه عبد المحسن السعدون وتم السماح بتشكيل الاحزاب السياسية.

وظلت الحوارات المتبادلة بين العراق وبريطانيا مستمرة حتى اقرار معاهدة استقلال العراق العام 1930 والتي انهت الانتداب البريطاني وتمكن العراق من خلالها في العام 1932 من الدخول الى عصبة الامم المتحدة.

بناء هيكلية الدولة

وبعد تشكيل المجلس التأسيسي الذي ضم عدداً كبيراً من الشخصيات العراقية المعروفة بدأت الخطوات الفعلية لبناء الهيكلية الإدارية والقانونية للدولة الجديدة باقرار المعاهدة مع بريطانيا التي أكدت استقلالية العراق وضمان دخوله الى عصبة الأمم المتحدة، وفي العام 1925 تم اقرار الدستور  باسم (القانون الأساسي العراقي) والذي عد حينها من الدساتير الناهضة بما تضمنه من مواد تتعلق بحقوق الانسان وتعدد الحريات واقرار الجنسية العراقية، وظلت عملية التأسيس متواصلة من اجل تنظيم العمل المؤسساتي في الدولة.

 المشاكل والتحديات 

إلا إن عملية بناء الدولة الجديدة لم تكن يسيرةً على طرق معبدة بل واجهت العديد من التحديات بسبب الظروف الدولية والاقليمية والمحلية ؛ ما جعل الوضع العراقي من الناحية السياسية يواجه العديد من العقبات والتي اسفرت عنها تغيرات مستمرة بالحكومات وحل متكرر لمجلس النواب، وواجه النظام الملكي الكثير من المشاكل على صعيد بناء الدولة، وقد كشفت الرسالة السرية التي بعثها الملك فيصل الأول لعدد من الشخصيات العراقية المعروفة آنذاك هذه التحديات والتي لخصت بصورة عامة المشاكل الاجتماعية للعراق وآليات الحلول ، غير أن هذه الرسالة لم ترَ النور بعد وفاة الملك فيصل الاول العام 1933 ليتولى نجله الملك غازي الحكم في العام ذاته، وشهدت هذه الحقبة تقلبات وصراعات بين الطبقات السياسية لم تختلف عن سابقتها والتي ادت الى انقلاب بكر صدقي العام 1936 والذي يعد أول انقلاب في الدولة الجديدة إلا أنه في الوقت ذاته شهدت تحقيق عدد من الانجازات منها تاسيس أول إذاعة عراقية وايقاف التعامل بعملة الروبية الهندية واستعمال العملة العراقية وكذلك افتتاح مطار البصرة وسدة الكوت.

وبعد وفاة الملك غازي في حادث اصطدام عجلته في العام 1939 تولى نجله الملك فيصل الثاني الحكم الا انه كان لا يزال صغيراً وفي السن الرابعة فتمت إناطة الوصاية على العرش للوصي عبد الإله حتى تسلم فيصل الثاني مقاليد الحكم بشكل رسمي في العام 1953.

العراق الجمهوري

شهدت فترة الحكم الملكي في العراق من العام 1921 وحتى العام 1958 العديد من التحديات أبرزها تجميد الحياة الحزبية في العام 1925 وانقلاب بكر صدقي في العام 1936 وانقلاب آذار العام 1941 فضلاً عن مشاكل اجتماعية واقتصادية اخرى ما دفع الجيش الى القيام بثورة 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم واعلان الجمهورية العراقية، وشهدت هذه المرحلة العديد من المشاكل بعد تجميد الدستور واعلان الدستور المؤقت والتي سبقها قتل العائلة الملكية صباح يوم الثورة، كما شهدت هذه المرحلة محاولة انقلاب فاشلة في شهر آذار من العام 1959 بقياد عبد الوهاب الشواف وكذلك محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في تشرين الأول من العام 1959، وانتهى عهد الجمهورية الأولى بانقلاب 8 شباط العام 1963 بقيادة عبد السلام عارف وحزب البعث غير ان هذا الانقلاب كان بداية لمرحلة دموية في تاريخ العراق الحديث، ففي العام 1966 توفي عبد السلام عارف بحادث سقوط طائرته في محافظة البصرة ليتولى شقيقه عبد الرحمن عارف رئاسة العراق، وفي العام 1968 قام حزب البعث بالانقلاب على السلطة وتولي ادارة البلاد، الأمر الذي جعل العراق يسير باتجاه آخر نحو السجون والمعتقلات العلنية والسرية وتصفية الخصوم والدخول في صراعات اقليمية وحروب راح ضحيتها ملايين المواطنين وهدر تام للموارد الاقتصادية والبشرية.

العراق الجديد

في العام 2003 سقط نظام البعث بعد دخول قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الى العراق لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ العراق من خلال تاسيس مجلس الحكم واعلان الحكومة المؤقتة في العام 2004 ووضع دستور دائم للبلاد والذي تم اقراره من خلال دستور شعبي في العام 2005 لتجري أول انتخابات في العام 2006 وتشكلت أول حكومة عراقية منتخبة، وشهدت هذه المرحلة العديد من الأحداث السياسية والأمنية، ولكن استطاع العراق أن يستعيد دوره على المستويين الاقليمي والدولي خاصة بعد عقد القمة العربية في بغداد في العام 2012، وكذلك دوره كقوة عسكرية بعد تحقيق الانتصار على عصابات داعش الارهابية في العام 2017.

احصائيات وزارية 

وخلال قرن من عمر الدول العراقية الحديثة حكم العراق ثلاثة ملوك وتسعة رؤساء جمهورية فضلاً عن تشكيل 70 حكومة وتسنم منصب رئاسة 40 شخصاً ويعد نوري سعيد اكثر شخصية تسنمت رئاسة الوزراء بواقع 14 مرة فيما حل جميل المدفعي بالمركز الثاني بواقع 5 مرات

فيما تسنم محسن السعدون رئاسة الوزراء 4 مرات ويعد عبد الرحمن النقيب أول رئيس وزراء للعراق فيما يشغل المنصب حالياً مصطفى الكاظمي.

 


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام