صيد السمك بين المهنة والهواية

تحقيقات وتقارير
  • 26-12-2019, 06:36
+A -A
من المهن الجميلة التي تجمع بين جمال الطبيعة والعمل الشاق هي مهنة صيد السمك، ولطالما سمعنا في مرويات التراث الكثير من القصص الرائعة التي تجمع بين الحقيقة والخيال بشأن هذه المهنة، ويمكن القول إنه ليس هناك أحد منا لا يرغب بالذهاب الى النهر والصعود في قارب صغير كي يتمتع بجمال المنظر والراحة النفسية.
واجتهد الشعراء بالتغني في السمك وأنواعه عند نظمهم لأبياتهم الشعرية فضلاً عن مناجاة الصيادين في ما بينهم ورسم صورة في مخيلة السامع تكاد تكون متحفاً فنياً يحمل أثمن التحف النادرة التي لا تغيب عن ذاكرة من يحيا هذا الجمال.
 
مهنة متوارثة
 
حدثنا الصياد أبو أحمد، 58 عاماً عن المهنة وما تحمل من معاناة ولذة في الوقت نفسه قائلا: "انا منذ الطفولة كنت أرافق ابي للتمتع بجمال الطبيعة واحاول قدر الامكان أن أمسك بعض الأسماك بيدي وأحملها الى والدتي لكي نتناول أفضل وألذ الأطعمة التي وهبنا  الله إياها، وكان والدي في كل يوم يذهب الى النهر مرتين، مرة يعيد ترتيب الشبكة ويجعلها بطريقة تتناسب مع رميها في النهر، حتى تمر ساعات ويرمي تلك الشبكة ليلتقطها بعد ذلك وهي تحمل الكثير من أنواع السمك". 
وأضاف بأنه "كنت احاول مراراً ان اتعلم منه أصول الصيد وكيفية التعامل مع معداته، وأوقاته ومواسمه، حيث افضل القيام بذلك من الليل إلى الصباح ونحن على ظهور القوارب نتحرك وفق خطة مناسبة، وفي الصباح ننقل الصيد وما قسمه الله إلى (العلوة) الخاصة ببيع السمك".
 
أيام التكاثر والصيد 
وتابع ابو احمد  "غالبا ما كنا نتوقف عن صيد السمك في ايام التكاثر من اجل ان نعطي هذه الثروة الثمينة حقها كي تزداد وتتكاثر ولا نحرم من هذه النعمة، لكن ومع الاسف هناك من يحاول ان يتعدى على هذه الثروة بطريقة غير مهنية وذلك من خلال رمي المتفجرات لصيد الأسماك"، مشيرا الى، ان "هذه الوسيلة غير مشروعة، اذ يتم قتل مجموعة كبيرة من الأسماك وبكميات كبيرة، كما أن هذه الطريقة لها العديد من المخاطر على الصيادين، فيمكن أن يؤدي استخدامها إلى إصابة الصيادين".
وانا أتجول في سوق السماكين في منطقة الكرخ قرب جسر الشهداء في منطقة الشواكة لوجود علوة متخصصة بالسمك النهري فيها الى جانب علوة يطلق عليها –خان الجبن.
هذه المنطقة تقع قرب ضفة نهر دجلة من ناحية الكرخ وقريبة ايضا من احياء سكنية قديمة هي التكارته والشواكة وسوق حنون وسوق السماكة.. الذي يعرض لوازم الصيد من الشباك والسنانير بالاضافة الى لوازم ادارة القوارب الخاصة بصيد السمك في نهر دجلة.
ويذهب الصيادون الى صيد الاسماك عند الساعة الرابعة صباحا او الخامسة فترمى الشباك في نهر دجلة لتخرج بعد وقت قصير وهي محملة بالاسماك اذ يختلف العدد حسب الرزق الذي يقسم للعبد من الباري عز وجل اما كميات وفيرة واما باعداد قليلة"  
 
هواة الصيد 
يصف بعض الهواة -صيد السمك- بانه من اجمل وسائل الترويح عن النفس عند الذهاب الى البحيرات او الانهار".
يقول محمد جعفر ،32عاما :ان "الملل حين ينتابني اذهب برفقة اصدقائي الى نهر دجلة لصيد السمك وانا احمل السنارة او مايسمى بالعامية (الشص) وفي بعض الاحيان ننتظر ساعات طويلة من اجل ان نصطاد الاسماك الكبيرة ونحن نتمتع بجمال المناظرالخلابة ونعمة الله التي رزقنا بدجلة الخير ام البساتين". 
 
اسعار السمك ويوم تناوله 
تختلف اسعار الاسماك في العراق فقد يكون سعر الكيلو الواحد بين الاربعة الاف دينار الى الخمسة الاف دينار ويعد السمك من الوجبات الرئيسية في العراق وخاصة في يوم الاربعاء لاعتقاد الاسر العراقية ان هذا اليوم جالب للارزاق، وهذه عادة قديمة جدا ويكاد الجميع ان يتفق عليها.
وطرق تحضير السمك تتنوع بين المقلي والمشوي والمسكوف، ويكاد العراق البلد الوحيد الذي يشتهر بأكلة المسكوف، وهي طريقة لشي السمك على الفحم، بعد اضافة انواع من البهارات والاحماض، اذ يتباهى سكان بغداد بهذه الاكلة ويقدمونها بفخر لكل زائر اجنبي.