الفخاريات.. قصص سومرية تُعاد من جديد

تحقيقات وتقارير
  • 27-12-2019, 11:54
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد- واع- آمنة السلامي

صناعة الفخاريات في العراق من أبرز الموروثات الشعبية للصناعات اليدوية الموروثة التي عُرفت قبل نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، وارتبطت بالتراث السومري والآشوري والأكدي ،كما بينته أعمال التنقيب عن الآثار في حضارة وادي الرافدين، وتعد هذه الحرفة الهوية الحقيقة  لتراثنا الشعبي ،وكل أداة  تروي قصص الماضي وبساطته بأدق تفاصيله ، فالأواني والأدوات الفخارية تعبرعن الحياة المرفهة التي كان أجدادنا يتمتعون بها من طبيعة حياة القرية.

تحف فنية

حدثنا أبو كامل  75 عاماً وهو يعمل في محله البسيط بمنطقة الكاظمية قرب ساحة عدن، قائلا إنه "على الرغم من كبر سني إلا انني متعلق بهذه الحرفة، فسر ارتباطي بها هو اني ورثتها عن ابي وجدي وانا احب هذه المهنة ،فحين رؤية  كيفية تحويل مادة الطين اللينة إلى الأواني الفخارية الصلبة الجميلة اشعر بفخر واعتزاز أكثر".

وحول المواد التي تصنع منها الفخاريات قال :"نعتمد بشكل أساسي على الطين الأحمر الذي يعرف في العراق باسم"الطين الحر" أي النقي الذي يستخرج من قعر النهر ويصفى من الشوائب ويضاف إليه خليط "البردي" (سعف النخيل)، وتدخل في صناعة الفخاريات أدوات بسيطة، وقد تستخدم آلة العجن (عجانة ) في عملية خلط الطين وبعملية التدوير المستمر وحركة الكواز تُعطى الشكل النهائي للفخاريات ،وبعد ذلك تجفف بطرق بدائية في افران متخصصة".

الحرف التقليدية الأصيلة

تعد صناعة الفخار من الحرف التقليدية الأصيلة التي نالت اهتمام أصحاب المهن وكذلك المهتمون بالآثار العراقية إذ إن التقنيات التي تستخدم في صنع هذه الأدوات بسيطة جداً، وأن صناعة الجرار والفخاريات مهنة  قديمة،  وكان الكثير يعتمدون عليها، لتسد حاجة السكان إلى الأدوات الفخارية في طهي الطعام وحفظ المياه وفي توفير أدوات المنزل والاستخدامات الحياتية الآخرى مثل: "الشربة"وهي عبارة عن آنية صغيرة تستخدم لتبريد الماء صيفاً، وكذلك "الكوز" الذي يستخدم لنقل الماء من النهر، و"السدانة" وهي عبارة عن آنية فخارية كبيرة تستخدم لحفظ الطعام وخاصة الحبوب.

ولا ننسى تنور الطين الذي ما زال العديد من العراقيات يفضلن استخدامه على الرغم من ظهور التنور المعدني وغيره من الأدوات بل حتى الافراح البغدادية التي كانت  على بساطتها تستعمل في ما يسمى بالطبل الصغير والدف والمزمار وكلها كانت صناعة بسيطة ولكنها كانت تُغني عن استيراد الكثير من الاحتياجات التي تسد  متطلبات الحياة.

آلم الاهمال

وفي محافظة ديالى كانت أم زهرة تتحدث بحرقة عن مهنتها التي أهملت من قبل المهتمين بالتراث وكذلك الحكومات المتعاقبة نتيجة عدم تقديم أي دعم من أجل الحفاظ عليها لتبدي خوفها الشديد من اختفاء تلك الأواني الفخارية لتحتل  محلها الأواني الزجاجية (الصينية)، وكذلك الأواني النحاسية وتلك المصنوعة من الألمنيوم.

تقول أم زهرة، : إن "تلك الآواني لها نكهة خاصة تشعرك بأنك قريب من الطين الذي صنعنا الله منه فهو يتناغم مع طبيعة الإنسان، لذا فالطعام في الاناء المفخور وشرب الماء من – الشربة- اجده اطعم واطيب من ماء الثلاجة الحديثة".

الحفاظ على التراث

تنعكس أهمية الحرف والصناعات اليدوية في أن هناك تراثاً حضارياً وتاريخاً لا يمكن ان يُمحى ،فيجب ان نهتم بما قدمه اجدادنا من مراحل التقدم الى ان وصل الينا بهذا الشكل وقد أدركت بلدان عديدة أهمية استثمار تراثها الحرفي ، فعمدت الى انشاء وإقامة آلاف الورش والمصانع من اجل تدريب كوادر فنية قادرة على ان تطور هذه الحرفة بل تزيدها روعة وتالقاً حتى يمكن ان تجذب بها الكثير من السواح الذي يأتون الى العراق فيشترون منها وتصبح محل جذب الى الاخرين كي يزورون العراق وكذلك يبحثون عن تاريخه الفني والحضاري سواء من خلال المطالعة والبحث او من خلال شراء هذه التحف .

مناسبات تراثية

هناك بعض المناسبات التي يزداد فيها الاقبال على شراء هذه الفخاريات منها : الاعياد وكذلك ولادة نبي الله زكريا لانه من ضمن العادات العراقية فان اغلب البيوت يرمون –التنكة- من اعلى سطح الدار لاعتقادهم بان ذلك يذهب الشر عن الدار وكذلك يبعد عيون الحساد .وهم يرددون (يا زكريا عودي عليه كل سنة وكل عام نشعل صينية ).