ظاهرة التسول هل تحولت إلى مهنة؟

تحقيقات وتقارير
  • 21-01-2019, 10:06
+A -A
ينتشر في شوارع و تقاطعات بغداد  الرئيسة، اطفال و رجال و نساء متسولين منهم من يستجدي الناس بشكل مباشر ، ومنهم من يبيع المناديل الورقية و اخرون  يمسكون اباريق  شاي و علب  الماء  توسلا  منهم  بالناس  للحصول على ما تيسر من نقود  او ما تجود به ايادي المارة.
و تفاقمت خلال السنوات  الاخيرة ظاهرة  التسول  ليزداد اعداد  المتسولين  بشكل  ملفت ،ربما يكون  الفقر والبطالة من اهم اسباب تناسل هذه الظاهرة بحسب مختصين , كونها لا تقتصر  على جنس او عمر معين  فالاطفال و الشيوخ من الرجال و النساء  كلهم  يمدون  يد الطلب ويتشاركون بملابسهم رثة ووجوه متسخة وهي طريقة  سهلة  يسلكها هؤلاء لكسب القلوب و الاستحواذ على ما في  الجيوب.
من مدن بعيدة
احمد ، ذو الـ 35 عاما , متسول على جسر الجادرية  في بغداد , يقول  لـ(واع) : انه "قدم من محافظة الديوانية لممارسة هذا  العمل بسبب فقر  حالته و عدم وجود عمل في  مدينته يلبي احتياجات عائلته و ابنائه  طلاب  المدارس و أمه المريضة" .
متسولة اخرى  تخفي وجهها خلف نقاب وتحمل طفلا صغيراً متنقلة به بين المركبات في شوارع منطقة الباب المعظم ,تحدثت الينا في البدء بامتعاض شديد بعد رفضها  المتكرر  ظنا منها اننا من جهة قد تقتادها الى مركز الشرطة التي دخلته لمرات كما عرفنا ,وبعد ان اطمأنت قالت "اسكن  انا و مجموعة  من النساء  معي  في  منطقة  الباب الشرقي في شقة مؤجرة , نخرج  صباح  كل  يوم  (على باب  الله ) بعد  ان يأتينا سائق  متفقين معه يوزعنا بين المناطق ثم يعود لنا مساءا  ليجمعنا".
وكشفت المتسوله  عن "وجود  عمارات و مناطق في منطقة  الباب  الشرقي خاصة  بسكن  المتسولين من المحافظات".
مهنة مربحة
الفقر والعوز هي مبررات لمن يمارس التسول لاستجداء المال  من سخاء  جيوب الاخرين .
 حاولنا ان نعرف  على مقدار ما يحصل عليه  المتسول يوميا من اموال ، لكن  لم يرضى احد منهم بالبوح لنا عن ذلك , مكتفين بالقول (انه رزق من الله).
مفوضية حقوق الانسان تؤكد  ان "اعداد  المتسولين  في بغداد بازدياد وقد يبلغ عددهم  100 الف متسول" , بحسب  حديث عضوها  فاضل  الغرواي  الذي بين  لوكالة الانباء العراقية (واع) ،أن "معدل  ما يحصل  عليه  المتسول  الواحد في شوارع  بغداد، يقدر  من  400 الى 500 الف دينار باليوم الواحد" ، مؤكدا ان  "جزءا  من ذلك المبلغ يذهب  للسمسار  المسؤول  عن  مجموعة من الاطفال  او النساء  او الشيوخ  وهو الذي ينشرهم بين التقاطعات المرورية المزدحمة".
اليات للحد من الظاهرة
وعن ازدياد  الظاهرة و انتشارها  في  شوارع  بغداد و الخطط والاجراءات  للحد منها واحتوائها , قال الناطق  باسم  الوزارة  عمار  منعم "لدينا عدة اليات و خطط  للتخفيف  من هذه  الظاهرة  المرتبطة  بالفقر  و الكسب  غير  المشروع  و من بين  الاليات هو عرض  شمول  المتسولين  ببرنامج  الحماية  الاجتماعية مقابل  تقديمهم  تعهد يضمن تركهم ملف التسول , غير  ان اغلبهم  يرفض ذلك".
اما المتحدث باسم  وزارة  الداخلية  اللواء  سعد  معن  فقد  اوضح ، ان "مفارز  الداخلية و دورياتها  المنتشرة  في بغداد تلقي القبض على المتسولين و تودعهم السجن حسب القانون ".
واضاف ،ان "الحالة و المادة القانونية لهم  تقتضي اخلاء سبيلهم بكفالة بعد مدة قصيرة "،مؤكدا "الحاجة إلى قوانين جديدة اكثر ردعا لكون الظاهرة باتت تشكل قلقا للمواطن وتسئ الى سمعة المجتمع" .
وتابع سعد ،أن "الحصول  على المال  بسهولة  و دون عناء هو ما يجعل اعداد  المتسولين  بازدياد  كما ان طرق التسول تتنوع عند مزاوليها  من مكان الى اخر" .
وتكمن خشية الجهات المسؤولة من تحول ظاهرة التسول الى مهنة خصوصا بعد تزايد اعدادهم خصوصا في ايام المناسبات الوطنية والدينية.