زمن عاشوراء

مقالات
  • 16-08-2021, 07:47
+A -A

 عباس الصباغ
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ونحن ندخل الى، لحظة العاشوراء التي لم تكن بكل اسبابها ومآلاتها وزمنكانيتها وشخوصها واحداثها الدراماتيكية، محدودة بتلك السويعات القصيرة من غداة العاشر من شهر محرم الحرام، او كانت جزءا من زمن فيزيائي من ذلك النهار الدامي، الذي اسفر عن حدوث اول ثغرة في الاسلام بوقوع الامام الحسين شهيدا على صعيد كربلاء، وما زالت الثغرات تتناسل وتتوالد من تلك الظهيرة القائظة والدامية، وكم حاول الامام الشهيد ان يجنّب دولة جده «ص» التي بنيت بجهود الرعيل الاول من الصحابة «رض»، ان تذهب سدى والتي حاول الامام الشهيد «ع» اصلاحها بكل ما اوتي من قوة ووسائل وبيان وحجة منطق، ولكن كانت الشهادة ابلغ منطقا واقوى حيلة من كل وسيلة، وحققت الدماء ماعجزت عن تحقيقه بقية الوسائل فانتصرت الدماء الشهيدة على سيوف الضلال الصدئة، فسجّل الامام الشهيد «ع» انتصارا باهرا بإمضاء الدماء الزكية لتبقى عاشورا حيّة زاهرة تنبض بالتغيير والاصلاح 
الحسيني.
عاشوراء كرمز اخترقت متون الزمنكان فهي بكل ما تحتوي من ثيمات وشخوص ورموز، لم تكن مقتصرة على صعيد كربلاء الدامي او بيوم الطف الرهيب او بشخص الامام الشهيد «ع» او بالثلة الطيبة، التي رابطت معه في ثغر كربلاء او بسعيها لتحقيق اهداف الفتح الحسيني «من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح» بتقويم الاعوجاج الهرمي ومن اعلى هرم المسؤوليات في الدولة والذي المّ بالأمة، واستئصال الفساد الشامل الذي تمثّل بالسلطة الاموية وقواعدها الفاسدة مع توابعها وذيولها، وذلك ان الاعوجاج والانحراف والانحطاط لاينحصر كله في زمن معين او سلطة بذاتها، فما زالت الدهور حبلى بتلك المعطيات والمخرجات، التي كانت من مخرجات عاشوراء ومن نتائج الطف وما زالت عاشوراء بزمنكانها تتناسل جيلا بعد جيل ليغدو الامام الشهيد «ع» اقنوما وثيمة لكل احرار العالم وثواره ولكل ثورة او حركة تروم التغيير الاصلاحي.
عاشوراء بزمنكانها لم تكن وحيدة جنسها بل كانت البوتقة، التي انبثقت منها جميع الثورات بكافة مسمياتها وايديولوجياتها وكلها استمدت ثيمة التغيير والاصلاح من زمنكان عاشوراء الحسين «ع»، واول تلك الحركات كانت الثورات التي قوّضت السلطة الاموية الفاسدة بعد فترة ليست بالطويلة من زلزال عاشوراء الدامي والمدوي ولا يزال الاقتباس الحسيني مستمرا حتى الآن ورحم الله الجواهري الذي اوجز الفكرة بقوله: 
ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود
 خِتَامَ القصيدةِ بالمَطْلَعِ
وأنتَ تُسَيِّرُ رَكْبَ الخلودِ ما تَسْتَجِدُّ لهُ يَتْبَعِ.