بين الشعر والسرد

ثقافة وفن
  • 8-08-2021, 08:36
+A -A

حميد المختار 
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
كيف يمكننا أن نقتنص الوقت المناسب للكتابة خصوصا ونحن نعيش ظروفا استثنائية منذ ولدنا على هذه الأرض، هل هو وقت الفجر قبل الشروق ام هو وقت الظهيرة، ام نكتب في ساعة متأخرة من الليل وقت السحر مثلا؟ ام ترى أن الاوقات جميعها مهيأة للكتابة؟ وماذا سنفعل بالأمزجة والملل والضجر من الحر الطويل في ساعات النهار القائظة؟ سألت الكثير من الأصدقاء وطبعا ستكون الإجابة مختلفة من واحد إلى آخر، وبالمناسبة انا جربت الكتابة في جميع الاوقات سواء الصباح أو الظهيرة او الليل، وحتى هذه الساعة اعتقد انني ارتحت كثيرا لساعات الليل المتأخرة مع مالها من آثار سلبية على صحتي التي ما عادت قادرة على تحمل اي وقت إضافي للسهر، لذلك جربت الكتابة في اوقات مختلفة، لكن وقت الليل مازال هو الأفضل والمغري للتأمل والكتابة، وثمة مشكلة أكبر وهي موضوع هذا العمود، هذه المشكلة تعارض كتابة السرد خصوصا وانا اعمل هذه الأيام على كتابة رواية جديدة ستكون مختلفة في طبيعة الأسلوب والأفكار، وقد حاولت أن اتناول فيها بعض أحداث زمن النظام السابق في الجزء الأول منها وفي جزئها الثاني سأتناول أحداث زمن ما بعد السقوط، على اية حال المشكلة التي دائما وأبداً تقف لي بالمرصاد هي كتابة الشعر، هذا الشعر المعارض الشرس لكل فكرة سردية أحاول كتابتها، فما ان ابدأ في كتابة نص سردي حتى يبدأ الوحي الشعري الغامض بالهبوط من عليائه ليسد ثغرات الوعي السردي لديَّ ويفتح نافذة لقصيدة جديدة، وحكايتي مع الشعر يطول الحديث عنها لكنني سأختصر وأقول ان الشعر لدي كما هو لدى كل شاعر مزاج ورغبة جامحة وترحال في فضاءات مفتوحة وسفر في الواقع وسفر في الخيال، بمعنى انني في حالة سفري إلى أي مكان خارج العراق او حتى خارج بغداد تزاح من أمامي كل الجدران المرئية وغير المرئية وتفتح امام ناظري مشاهد كما لو كنت في صالة سينما او بالأصح كأنني انا بطل الفيلم الذي يقود قطيعا من الأفكار غير المطروقة وهو يسير في مروج وسهول ومدن لم يزرها احد قبله، وسيكون بالنتيجة نصه نصا مبتكرا بعيدا عن كل نص قرأه لأحد من الشعراء، وفي هذه الحالة يكون اغراء كتابة هذا النص كبيرة وضاغطة على الوعي وأعلن حينها عن توقفي عن كتابة النص السردي لأبدأ بكتابة القصيدة الغاوية التي تحاول سحبي إلى جنتها الموعودة وتفاح غوايتها، لذلك اقول ان كتابة الشعر هي اغواء إلى لذة مرتجاة وكتابة السرد هي هندسة لمدينة سحر في غرابتها وعذابها وستكون هذه المدينة فكرة منبثقة من عوالم الطفولة او الخيال تلك التي يؤسسها الروائي في أرض الواقع، على اية حال الرواية التي اكتبها الآن تزحف ببطء نحو الاكتمال امام وهج القصيدة المضيء في ليلي المعتم.