بعد مرور مائة يوم على حكومة الكاظمي.. ماذا تحقق؟

تحقيقات وتقارير
  • 11-08-2020, 14:07
+A -A

بغداد- علي جاسم السواد
مرت مائة يوم على عمر حكومة الكاظمي، هذه الحكومة التي تشكلت في مرحلة صعبة وحساسة يقف فيها العراق على منعطف سياسي واقتصادي وأمني خطير مع تزايد حدة التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح، وفي ظل هذه الظروف العصيبة والتي أضيف لها تفشي جائحة كورونا وانخفاض شديد في أسعار النفط، هل استطاعت الحكومة أن تحقق الحد الأدنى من برنامجها مع هذا الكم الهائل من التحديات الذي يجعل تحرك عجلة أية حكومة بطيئا ولا يستجيب لحجم المطالب الشعبية والجماهيرية؟، ولكن هل استطاعت حكومة الكاظمي أن تنتصر على تلك الصعاب وتمضي قدما نحو إعادة ثقة المواطن بالدولة؟ وهل تمكن الكاظمي من ترطيب العلاقة مع تلك الأصوات المطالبة بدولة تضمن لها العيش الرغيد تحت سقف الوطن؟
اسئلة لا يمكن الأجابة عنها إلا من خلال تتبع ما تم تحقيقه من قبل حكومة الكاظمي التي رفعت سقف التغيير بمختلف المستويات ويجعلنا أمام حقيقة واحدة سنلخصها بالشكل التالي:

الملف الأمني
لعل الملف الأمني يعد واحدا من أكثر التحديات التي واجهت الدولة في جميع مراحل تشكيلها بعد عام 2003، لذلك كانت لحكومة الكاظمي صولة في إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية على وفق معايير المهنية والتجربة وكانت أولى الخطوات هي إعادة الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب والتي لاقت ترحيبا واسعا من مختلف شرائح المجتمع، ومن ثم تكليف أحد قادة النصر على داعش الأرهابية، الفريق الركن عبد الأمير يارالله رئيسا لأركان الجيش، وتكليف اللواء الركن أحمد العتبي بمهام منصب قائد عمليات الجزيرة.
وحتى تتماسك أركان الأمن في جميع مفاصل الدولة من كل الجهات أصدر رئيس الوزراء أمرا بتكليف رئيس جهاز مكافحة الإرهاب المتقاعد الفريق الركن عبد الغني الأسدي رئيساً لجهاز الأمن الوطني ووزير الداخلية الأسبق قاسم الأعرجي مستشارا للأمن الوطني.
إجراءات الكاظمي لم تتوقف عند حدود تغيير القيادات الأمنية بل بدأ يمارس دوره قائدا عاما للقوات المسلحة بإطلاق عملية أبطال العراق في كركوك والتي لقبها رئيس الوزراء بعملية (نصر السيادة) أثناء إشرافه الميداني وتفقده سير العمليات التي نفذت ضد بقايا عصابات داعش الإرهابية.
وبعد انتشار مقطع فيديو يظهر اعتداء بعض العناصر الأمنية من قوات حفظ القانون.. أصدر الكاظمي قرارا بالتحقيق بملابسة هذا الفيديو والكشف عن الجناة والتحقيق الفوري لمعرفة تفاصيل الاعتداء على هذا المواطن، وفي غضون يومين فقط أحيل قائد قوات حفظ القانون إلى الإمرة وصدر توجيه بإعادة النظر بهذا التشكيل ومن ثم استقبل الحدث حامد سعيد بعد إطلاق سراحه ووجّه بتوفير محام لمساعدته وتكفل بإكمال دراسته.
كما شهدت هذه المدة من عمر الحكومة إصدار عدد من القرارات على المستوى الأمني منها الموافقة على اتباع نظام البديل في إجازات منتسبي وزارة الدفاع وإصدار أمر ديواني بترقية ضباط الداخلية والمنافذ الحدودية ومكافحة الإرهاب، كما وجه الكاظمي باتخاذ إجراءات خاصة لمنع تكرارالاعتداءات على المطارات والمعسكرات والمواقع الحكومية ومقار البعثات الدبلوماسية الأجنبية، كما وجه بإطلاق اسم الشهيد هشام الهاشمي على أحد شوارع بغداد وإرسال طائرة عسكرية لنقل جثمان قائد عمليات بغداد من تركيا إلى بغداد في وقت طالب فيه الكاظمي الادعاء العام بفتح تحقيق بشأن تصريحات بعض السياسيين ضد القوات الأمنية.
تحديد موعد الانتخابات
ولعل واحدا من أبرز إنجازات حكومة الكاظمي تحديدها السادس من حزيران في العام المقبل موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة الذي يعد خطوة إيجابية جاءت منسجمة مع ما طرحه البرنامج الحكومي والذي سيمثل استجابة فعلية لمطالب المتظاهرين، وعلى صعيد المتابعة الميدانية لمجريات الأحداث اليومية كان لحكومة الكاظمي صولة كبيرة بإصدار الأوامر والتوجيهات لإنصاف المتظاهرين والعسكريين على حد سواء، فقد أمر الكاظمي بإطلاق سراح الموقوفين من المتظاهرين عدا المتورطين بالدم العراقي وبالتنسيق مع القضاء كما وجه بالتحقيق الفوري بأحداث ساحة التحرير موجها القوات الأمنية بتوفير الحماية اللازمة للتظاهرات السلمية.
وفي الوقت الذي تعهد به الكاظمي بتأمين علاج جرحى المتظاهرين ونقل بعضهم للخارج وجه الوزارات بالاستماع لمطالبهم وتحقيقها كما وجّه بصرف التعويضات الأولية والقانونية لذوي الشهيد أبو أحمد النحات وإجراء زيارة ميدانية للمتظاهرين في منطقة العلاوي والاستماع الى مطالبهم وتحقيقها.

محاربة الفساد
وفيما ظلت إجراءات محاربة الفساد بصورة فعلية وملموسة مجرد حبر على ورق طيلة السنوات الماضية، جاءت حكومة الكاظمي وخلال ثلاثة أشهر بإجراءات عدها البعض بأنها بداية صحيحة لإعادة بناء الدولة، إجراءات ظلت عصية على الحكومات السابقة ولم يقترب أحد من خطها الأحمر لكن في حسابات الوطن والدفع به نحو تجاوز الأزمات لا وجود لتلك الخطوط بعد أن وجه الكاظمي قيادة العمليات المشتركة بإعداد خطة للسيطرة على جميع المنافذ الحدودية وبحماية الحرم الجمركي في الموانئ، وبدأها بافتتاح منفذ مندلي الحدودي والسيطرة عليه بقوات أمنية خاصة ومن ثم يشدد على اتخاذ الإجراءات القانونية لمنع التجاوزات المالية في منفذ سفوان الحدودي وإصدار أمر بتغيير أربعة مديرين ومعاونيهم في ميناء أم قصر، وباتت جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية تحت سيطرة الحكومة، كما وجه الكاظمي بتشكيل فريق لمراجعة أداء المحافظين ومعالجة الفساد.

الملف الاقتصادي
من بين العقبات التي واجهت حكومة الكاظمي العقبة الاقتصادية في ظل وجود اقتصاد ريعي يعتمد على النفط موردا وحيدا للدولة، لتضع حكومة الكاظمي الأولوية في برنامجها لتعظيم الإيرادات وزيادة منافذها بعيدا عن النفط، بدات بتوجيه الكاظمي لوزير المالية لزيارة السعودية لمناقشة العلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتشجيع الاستثمار والتي أسفرت عن إعداد مسودة للعديد من الاتفاقيات التي تنتظر زيارة رئيس الوزراء الى السعودية لتوقيعها ومن ثم الشروع نحو تعزيز منظومة الكهرباء الوطنية من خلال مشروع الربط الخليجي والتأكيد على دعم القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار، وتوجيه وزارتي الكهرباء والمالية بوضع خطة آنية  لمعالجة وضع الكهرباء وتطوير المنظومة وتجاوز أخطاء الماضي، وتفعيل مشاريع الكهرباء المتوقفة وتزويد الوقود مجاناً للمولدات الأهلية.
وعلى مستوى مواجهة الضائقة المالية وتأمين رواتب الموظفين وجه الكاظمي بإطلاق رواتب الموظفين من دون استقطاع فيما اتخذ قرارا بخفض رواتب الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا وإيقاف مزدوجي الرواتب والوهميين وترشيد الإنفاق الحكومي، وإصدار الأوامر الرسمية بإيقاف ازدواج الرواتب وتشذيب مستحقات محتجزي رفحاء.

متابعة أمور الدولة
ومن يتابع الأوامر والتوجيهات التي اتخذتها حكومة الكاظمي خلال 100 يوم يكتشف أن هناك تفاعلا واضحا بين أعلى سلطة دستوريا وأبسط مواطن، وهذا الأمر يعد أحد مرتكزات الأنظمة الديمقراطية، ومنها افتتاح مستشفى السلام الميداني في معرض بغداد الدولي وكذلك افتتاح عدد من المستشفيات الأخرى في بغداد والمحافظات كما وجه الكاظمي بتكريم ضحايا الجيش الأبيض ووجه وزارة الصناعة بزيادة إنتاج الأوكسجين.
فيما وجه بإنجاز مشروع ماء الإصلاح الكبير في ذي قار كما وافق على تضمين مشروع قناة البدعة لتحلية المياه في محافظة البصرة بموازنة العام المقبل كما وجه الكاظمي بإرسال فريق طبي مع مساعدات إلى لبنان.

زيارات ميدانية 
وعلى مستوى الزيارات الميدانية للوزارات والهيأت، أجرى الكاظمي خلال 100 يوم العديد من الزيارات منها زيارة هيأة التقاعد الوطنية والتوجيه بالإسراع بإنجاز معاملات المواطنين، وزيارة وزارة الدفاع والتي شدد خلالها على منع استخدام السلاح خارج الدولة، كما زار الكاظمي هيأة الحشد الشعبي وأكد دعمه للحشد وتخليد تضحياته، وزار وزارة الداخلية ووجه بالكشف عن المخطوفين والمغيبين، كما زار مقر قيادة العمليات المشتركة واطلع على مستجدات ملاحقة بقايا داعش فيما زار جهاز الأمن الوطني.
كا أجرى رئيس الوزراء زيارة الى وزارة الكهرباء ووجّه بوضع خطة لتوفير الطاقة وحذر من استغلال الوظيفة، كما زار مدينة الطب وأشاد بقدرة الملاكات الصحية على تجاوز أزمة كورونا، فيما زار وزارة النفط وأكد على تعظيم الإيرادات وتشكيل صندوق الاستثمار للأجيال اللاحقة كما أجرى زيارة تفقدية الى سجن التحقيق المركزي.
 
الزيارات الخارجية والداخلية 
أجرى رئيس مجلس الوزراء زيارات ميدانية لعدد من المحافظات منها زيارته الى محافظة كركوك وتفقده القطعات العسكرية لعمليات أبطال العراق- نصر السيادة كما زار محافظة نينوى في ذكرى احتلالها الأليمة من داعش الإرهابي وتعهد خلال زيارته مخيم السلامية في العمل الجاد على إنهاء معاناة النازحين وبشكل دائم.
وزار الكاظمي محافظة كربلاء المقدسة وافتتح عددا من المشاريع المهمة وعقد جلسة مجلس الوزراء في البصرة فيما اطلع على الواقع الأمني والخدمي في الطارمية.
وعلى المستوى الخارجي أجرى الكاظمي زيارة مثمرة الى إيران فيما يستعد لزيارة الولايات المتحدة الأميركية تلبية لدعوة رسمية في العشرين من الشهر الجاري لاستكمال الحوار الاستراتيجي الذي جرت جولته الأولى في شهر حزيران الماضي.