على إيقاع النخوة.. شبابُ سوق الشيوخ يعزفون أنشودة التلاحم لمواجهة كورونا

تحقيقات وتقارير
  • 25-06-2020, 17:36
+A -A

ذي قار - علي جاسم السواد- نصار الحاج
في زحمة مواجهة كورونا وتداعياتها، وبين أصوات تؤازر وتساند الجيش الأبيض للمضي في أداء واجبه الإنساني والوطني بانقاذ المصابين بهذا الوباء غير مبالين بالمخاطر، وبين أصوات أخرى تختبئ خلف منصات إلكترونية لبث الرعب بين الناس وإحباط العزيمة والتشكيك بقدرة الملاكات الصحية الشجاعة وهي تقارع هذا الفيروس المتوحش، يأتي صوت من بعيد يحمل شجن داخل حسن وإحساس حضيري أبوعزيز حاملاً معه هموم وطن وعزيمة شباب لطالما كانت لهم صولات النخوة الجنوبية المشبعة بطين الفرات وقصب الجبايش، صوت طرب له الوطن واستحضر في قلوب الناس الأمل في الانتصار الحتمي على الوباء.
نعم ،إنها ذي قار العراقة والحضارة تشمر عن سواعد أبنائها لتعلن الصمود والتلاحم في درء هذا الخطر، لتقذف الى المقالع تلك الأصوات النشاز ،التي ليس لها شغل إلا تدمير المعنويات وخلق حرب نفسية في كل بيت ومدينة، انتصرت ذي قار لأهلها بعد أن قام عدد من الشباب في منطقة سوق الشيوخ بتحويل المجلس البلدي المدمر تحت ألسنة اللهيب إبان التظاهرات الأخيرة، الى مركز متخصص لمواجهة كورونا.
بامكانيات بسيطة وبجهود ذاتية تمكن هؤلاء الفتية الذين آمنوا بالوطن ،فازدادوا عشقاً وهياماً به، أن يعيدوا بناية المجلس وبوقت قياسيّ، وتسليمه الى الجهات الصحية وتحويله الى مركز لاستقبال المصابين بالوباء.
وكالة الأنباء العراقية( واع) توقفت في سوق الشيوخ وتجولت بين أروقة هذا المركز ورصدت مراحل هذا العمل الطوعي الإنساني والتقت بالقائمين على هذه المبادرة.

 
البدايةُ
وعن هذه المبادرة النبيلة قال صاحب الفكرة المتطوع 
وهام العبودي ل(واع): إن " فكرة المبادرة بدأت بعد ازدياد عدد المصابين بفيروس كورونا، قدمت طلباً الى قائممقام سوق الشيوخ من أجل تحويل بناية المجلس القديمة التي تعرضت للحرق إبان التظاهرات الأخيرة الى مركز متخصص لفحص المصابين بكورونا وعلى نفقتي الشخصية، وبعد حصول الموافقة باشرنا العمل وبمشاركة خمسين شاباً من أبناء المدينة، وبعد أن شاهد المواطنون العمل ،هبوا للمساعدة على الرغم من أنني لم أطلب ذلك، وتبرع المواطنون بمبلغ قدره (85) مليون دينار، واستمر العمل (16) يوماً، وتم تجهيز الردهات وتوفير الأسرة والأجهزة الطبية والمعدات الخاصة بمواجهة الوباء وأجهزة التبريد،وتحولت هذه البناية المحترقة بوقت قياسي الى مستشفى صغير مجهز بجميع الأدوات المطلوبة.

 
همَّة الشباب

شباب سوق الشيوخ أثبتوا وعيهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية ،والوقوف بشجاعة في مواجهة الصعاب ،غير مبالين بالجهد وحتى الإصابة بهذا الفيروس ،ليرسموا لوحة وطنية عمرها بحجم حضارتهم، وبهمتهم أُنجز هذا الصرح الطبي، وعن هذا الموقف الوطني قال قائممقام سوق الشيوخ حسين فرج ل(واع): إنه "وبجهود الشباب وفي مقدمتهم المتطوع وهام العبودي ،تم تأهيل هذا المركز الطبي المتخصص بمواجهة كورونا، فبعد تزايد الاصابات بفيروس كورونا في سوق الشيوخ وكثرة حالات الوفاة واعتبار سوق الشيوخ أعلى الاقضية بالاصابة بالفيروس على مستوى محافظة ذي قار ،تم الحصول على موافقة المحافظ من أجل تحويل البناية المحروقة لقائممقام سوق الشيوخ الى مركز لمواجهة الوباء، وبجهود ذاتية من المتطوع وهام العبودي وعدد من الشباب الذين تحملوا جميع المسؤولية لترميم بناية المجلس البلدي وصيانتها وأخذوا على عاتقهم كل الأمور الخاصة بإعادة تأهيلها وجعلها تحت تصرف مستشفى سوق الشيوخ.
وتابع فرج أن هذا المشروع الانساني ،هو جزء من مجموعة اجراءات تم اتخاذها لمواجهة كورونا منها، 
إكمال مستشفى الكرفان الذي يسع إلى خمسين مريضاً، واستحصال موافقة عقارات الدولة على إنشاء مستشفى كرفاني أيضاً بسعة خمسين سريراً، وكذلك تشكيل غرفة عمليات من خمسة أطباء لاتخاذ القرارات الخاصة بمواجهة كورونا ونشر الوعي الثقافي والصحي وتوعية الناس بالضوابط الوقاية، إن تكاتف أبناء قضاء الشيوخ أسهم في خلق روح التصدي لهذا الفيروس وتلاحم بين جميع فئات المجتمع مع الملاكات الصحية والقوات الأمنية ،وهذا التكاتف هو ما يجعلنا ننتصر على الوباء".

 
إشادةٌ طبيةٌ

بدورها أشادت مديرة مستشفى سوق الشيوخ الدكتورة عاتقة جياد كاظم "بدور الشباب وروحهم الوطنية في إنجاز هذا المشروع وبجهود ذاتية، مبينة أن هؤلاء الشباب استطاعوا أن يهيئوا بناية المجلس البلدي وترميمها وتحويلها الى مركز صحي، مشيرة الى أن مستشفى سوق الشيوخ كان داعماً لتلك الجهود الكبيرة".
وأضافت كاظم أن"مستشفى سوق الشيوخ العام افتتح استشارية باطنية ،وتم تهيئة ردهة سعتها 15 سريراً مجهزة بجميع الأسرة والمستلزمات الطبية من قناني الاوكسجين واجهزة طبية أخرى، مؤكدة أن "البناية من الممكن الاستفادة منها في الوقت الحاضر، وهي صالحة من الناحية الصحية ،أما المشاكل التي يعاني منها مستشفى الشيوخ العام فهي قلة الأطباء الاختصاصيين الباطنيين ،وقلة الأطباء المقيمين الدوريين والمقيمين الاقدميين الباطنيين، والكادر الطبي والصحي ،لأن أغلب الكوادر مصابة بفيروس كورونا وعدم وجود أجهزة إنعاش رئوي ولا توجد ردهة عزل بعيدة عن بناية المستشفى ،لأن الردهة الموجودة للعزل هي في داخل المستشفى".