(واع) تستقي من نخلة الصبر لترسو على ضفاف نصر الشاعر عبد الحسين فرج

تحقيقات وتقارير
  • 23-05-2020, 08:52
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد- واع- نمير الحسون - علي جاسم السواد
تصوير صفاء علوان
لم يكن يدور في ذهن الشاعر عبد الحسين فرج وهو يقضي السنوات في سجون البعث الظلامية تحت وطأة تعذيب مميت أن تستنشق رئتاه هواء الحرية، وتصدح قريحته الشعرية بقصيدة ملحمية تتحول بعد ثماني سنوات من تسطير حروفها الى أنشودة كبيرة تلهم الأشاوس الأبطال وهم يتصدون لأشرس حملة إرهابية في التاريخ الحديث.
تجربة شعرية ولدت من رحم المعاناة الطويلة التي امتدت من ثغر العراق ومحبوبته الأبدية البصرة الى مدللة الوطن بغداد الحبيبة، نشأت بين أزقة وقطاعات مدينة الصدر وترعرعت بين شعراء وأدباء، وأناس لن تنحني رؤوسهم يوماً ما للسلطة الإجرامية البعثية، وبالرغم من جراحات المعتقلات ظلت تلك التجربة وليدة نفسها وتحاكي روحها مستمدة الأمل من غد جميل آت بهمة وعزيمة أبناء الوطن الذين ظلوا حجراً عاثراً في طريق الطغاة لحين زواله واقتلاعه من جذور هذه الأرض الطاهرة.
تجربة شعرية هزت ضمائر الأمة واستفزت صوت الإعلام لتجد وكالة الأنباء العراقية (واع) نفسها أمام مسؤولية وطنية وإنسانية للتوغل في مكنونات تلك التجربة من خلال رائدها الشاعر الكبير عبد الحسين فرج الذي خطت أنامله حروفاً من ذهب ليضع في جبين التاريخ بصمة ستظل عالقة في أذهان الأجيال بعد أن صاغ كلمات أنشودة (نحن لا نهزم) التي أصبحت إحدى إيقونات الانتصارات المتحققة على يد أبطال الحشد الشعبي والقوات الأمنية وهم يقارعون العصابات الإرهابية.
وفي بيت قديم لم يبق منه الزمن إلا مكتبة عامرة بالكتب والدواوين الشعرية جلس الشاعر الكبير بتواضع العظماء وهو يستذكر رحلة حياته المليئة بالنضال ضد الظلم التي شكلت في مخيلته صوراً وطنية بعثرتها السنين ليجمع شتاتها في ملحمة وطنية كبيرة لطالما أشاد بها قادة النصر وكبار رجالات الدولة وآخرهم وليس أخيرهم رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي رددها عند زيارته الى هيأة الحشد الشعبي عادَّها من أروع القصائد التي تشكل حافزاً يستلهم منه فرسان الوطن شجاعتهم.
تحدث الشاعر عبد الحسين فرج عن مشواره الشعري وهو يردد بهمس (نحن لا نهزم .. ومنا عطاء الدم ..سقا نخلة الصبر ..رغم ريح الهم.. شراع الاباء يمم.. الى ضفة النصر) وفي لحظة صمت بدأ يقص مسيرته منذ ولادته في مدينة البصرة العام 1955 وإكمال مرحلتي الابتدائية والمتوسطة في هذه المدينة المعطاء، وقال شاعر التحرير والجهاد إنه انتقل مع عائلته الى بغداد في بداية سبعينيات القرن الماضي وأكمل دراسته الاعدادية في اعدادية قتيبة بمدينة الصدر، ونتيجة لمواقفه السياسية التي ولدت من رحم هذه المدينة المعروفة بمعارضتها للنظام الدكتاتوري أخذت حياته مساراً آخر بعد حملة من الاعتقالات التي طالت معظم شباب هذه المدينة المجاهدة وبدأت هذه الرحلة المؤلمة بالنسبة للشاعر عبد الحسين منذ العام 1983، رحلة بالرغم من قساوتها وما ناله من تعذيب وتشوهات جسدية أسفرت عن كسر يده وتحطيم أسنانه وفقدانه البصر لإحدى عينيه إلا أنها زادت من روح المقاومة والتحدي في قلبه وضميره، وظلت تلك الروح الهائمة في عشق الوطن طريدة السلطة ليعتقل مرة أخرى العام 1988، ولم تبتعد عيون الشر عنه حتى بعد خروجه من المعتقل فقد ظل مراقباً من جلاوزة النظام.
وبالرغم من قساوة الحياة وصعوبة العيش في الزمن الصعب، زمن الحصار والمطاردة ظل عبد الحسين كالنخلة الباسقة يعمل ويكد ويمتهن أي شي ليؤمن لقمة العيش لعائلته بجسد متعب بسياط الجلادين، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري عمل الشاعر الكبير في قسم الإعلام بمؤسسة السجناء السياسيين ليتولى منصب سكرتير تحرير في جريدة (الأحرار) التي كانت تصدر عن المؤسسة حتى أحيل على التقاعد بعد عقود من النضال والعطاء.
وعلى الرغم من أن الشاعر عبد الحسين فرج كان يتصور أن مشواره النضالي قد توقف بعد سقوط الصنم إلا أن ما مرت به البلاد من أزمات أمنية متعددة بفعل الإرهاب أعادت لهذا الجبل قريحته الشعرية ليصوغ بأنامله الممزوجة بمعاناة السنين قصيدة (نحن لا نهزم) العام 2006 بعد أحداث سامراء، مبيناً أن فكرة القصيدة كتبت على شكل ومضات بالتعاون مع الشاعر عبد شاكر الذي طلب منه إكمالها، وبعد احتلال عصابات داعش الإرهابية لبعض المحافظات العام 2014 عادت هذه القصيدة لتحلق في سماء الوطن بعد أن أداها المنشد البحريني حسين الأكرف لتمثل تحفيزاً تعبوياً ووطنياً للقوات الأمنية والحشد الشعبي في مواجهة العصابات الظلامية.
ويضيف الشاعر : بعد أن لاقت هذه القصيدة صدى واسعاً اتصل بي نائب رئيس هيأة الحشد الشعبي الشهيد أبو المهدي المهندس وأشاد بالقصيدة كما زارني وفد من الحشد وقدم لي درع الإبداع كما تم منحي وسام أبطال العراق".
ودعا فرج الحكومة الى الاهتمام بشريحة الأدباء والمثقفين وفتح المؤسسات الثقافية وتفعيل دور اتحاد الأدباء ومنظمات المجتمع المدني ،مبيناً أن لديه تسعةدواوين شعرية وأشهرها:
عزة البرتقال 
فواصيل خرقة 
عشب أزرق 
ألبوم المحنة
صحو مقفر
حرب ولكن..