أرامل وفاقدات المعيل يَتحدَّّين المستحيل

تحقيقات وتقارير
  • 30-01-2019, 05:43
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد/ شذى الجنابي
في ظل الغلاء المعيشي وصعوبات الحياة تستمر معاناة الأرامل والنساء الفاقدات المعيل نتيجة ضعف رواتب الرعاية الاجتماعية التي لا تكفي لاعالة اسرهن ، ومن اجل انقاذهن من العوز فقد نظمت دائرة الحماية الاجتماعیة للمرأة سوقا خیرية شاركت فیه النساء المستفیدات بعد تلقیهن دورات تدريبیة ثقافية ومهنية لتمكينهن مستقبلا من عدم الاعتماد على راتب الاعانة فقط وفتح مشاريع خاصة بهن تدر عليهن الربح وتسهم نوعا ما بدعمهن نفسيا واجتماعيا للانخراط في المجتمع بشكل ايجابي.
صانعة حلويات التمر
نساء نموذج للصبر وتحدي الصعاب من اجل حماية بيتها وعائلتها، قدمن تضحيات كثيرة بعد وفاة الزوج من أجل تربية الابناء، كل واحدة تصف تجربتها بشكل مختلف عن الاخرى، لكن يتفقن في النهاية أن حلمهن يظل واحدا مشتركا وهو نجاح اسرهن واولادهن وتحقيق احلامهم.
خلود مهدي عبود قاومت كثيرا الظروف القاسية بالصبر، هي  أرملة في سن 35 عاما، مع خمسة اطفال ، وليس لديها اي راتب تعيش به؛ تقول: في بادئ الامر  بكيت كثيرا لأجل حظ أطفالي وشعرت بالعجز فأنا أصبحت مسؤولة عن إعالة اسرة باكملها ، مصاريف البيت، المدرسة، تربية الأطفال، إيجار البيت، لا أملك النقود ولا أملك أي سند آخر غير اهلي الذين يعيشون ظروفا صعبة، ولاسبيل امامي غير اللجوء الى الرعاية الاجتماعية لمساعدتي ، وكنت في حالة نفسية صعبة جدا لا يعلم بها غير الله سبحانه وتعالى ، بعدها حصلت على دعم الباحثات الاجتماعيات وقد منحوني الارادة والثقة بالنفس واستطعت ان اثبت مهاراتي بالطبخ ، وكان اول نتاجاتي هي صناعة الحلويات ( التمور) بالمكسرات والبسكويت وباشكال جميلة، وعمل المعجنات وانواع من الاطعمة الجاهزة، وتم الاقبال على شرائها من قبل موظفات الرعاية ، فشجعوني بالاستمرار وتسويق انتاجي من خلال مشاركتي بالسوق الذي تقيمه رعاية المرأة ، وامنيتي ان املك مسكنا خاصا بي بعيدا عن تهديدات المؤجر بالاخلاء بين الحين والاخر. 
 
خياطة
اما ملكية حمد حسين ( ام طه ) لديها 7 اولاد ، تسكن في بيت تجاوز في قضاء المحمودية مع عائلتها ، هي إحدى النساء الارامل، اختارت أن تشتغل خياطة على ماكنة مستهلكة، لتربية أبنائها، واستطاعت لسنوات أن تصرف على تعليم اولادها ؛ تقول: مع مرور الزمن، نسيت نفسي، اهتمامي الأول كان تعليمهم وتلبية كل متطلباتهم ، لكنني الان اصبحت في 58 من عمري، وكانني أشبه نساء السبعين او الثمانين عاما. مضيفة ؛ راتب الرعاية كل شهرين لا يكفي لاعالة اسرتي، حتى لجأت الى الدائرة لمساعدتي على امل تعويضي بماكنة خياطة جديدة ، وقد تمكنت من الحصول على مبلغ بسيط من المال كقرض تم جمعه من قبل موظفات الرعاية وعملت على تسديده بعد شراء ماكنة اخرى بدلا عن القديمة وبذلت جهودي لخياطة عدد كبير من القطع وتم بيعها على الموظفات، وكانت مشاركتي في السوق الخيرية الذي اقامته الدائرة للمرة الثانية وتسويق انتاجي والحمد لله تمكنت بكل ثقة وارادة من تجاوز كل صعوبات الحياة والاعتماد على نفسي.
 
أعمال حرفية
عن سياسة وخطط الدائرة قالت الدكتورة عطور حسين الموسوي مدير عام دائرة حماية المرأة : الهدف من اقامة السوق الخيرية هو دعم النساء فاقدات المعيل ويكون ريعه للارامل والمطلقات، المستفيدات من اعانة الحماية الاجتماعية التي تصرف لهن كل شهرين،  وعرض منتجاتهن  المختلفة التي تشمل الاعمال الحرفیة والیدوية مثل الحیاكة وصناعة الاكسسوار والزھور الصناعیة، والملابس النسائية والاطفال ، تشجيعا لهن لغرض تمكينهن اقتصاديا واجتماعيا، واضافت الموسوي يعد السوق جزءا من خطة وسياسات وزارة العمل لرعاية فاقدات المعيل والمطلقات من خلال زجهن في سوق العمل للتخفيف عن معاناتهن، وتشجيع المراة ممن لديها مهارات لادارة مشاريع صغيرة مدرة للدخل ولو ان هذا الامر صعب تحقيقه في بعض الاحيان في ظل ظروف التقشف الاقتصادي الذي نعيشه والتخصيصات المالية القليلة، لكن الحمد لله اثمرت تلك المبادرات وشهدت نجاحات كبيرة لم نتوقعها من قبل النساء المستفيدات مثلا لدينا حالة وهي احدى النساء الارامل، لديها ستة اطفال جاءت الينا وهي في مرحلة (العدة) في ظروف نفسية صعبة بعد وفاة زوجها باربعة اشهر وفضلت مواصلة الحياة وإعالة ابنائها وتحملت ظلم المجتمع وكلام الناس القاسي، وتم تشجيعها لتجاوز الظروف وواصلت مسيرة حياتها بعد ان اشتغلت في تحضير الأكلات التقليدية لتبيعها على العائلات والأسر الميسورة ، وشاركت في السوق الخيرية بالاكلات الجاهزة ، وتحملت من أجل مواصلة ابنائها تعليمهم وتسديد مصاريف المعيشة ، وايجار المسكن ، واصبحت امرأة منتجة .
 مبينة هناك عدد من النساء  لا يستطعن المجيء الى الدورات، اذ تشعر بأنها مراقبة طول الوقت، وبالتالي فهي لا تمتلك حرية التنقل والتصرف بإرادتها وتحاول قدر المستطاع تجنب الآخرين خوفا من أحاديث الناس وإثارة الشكوك حولها، موضحة عندما تفقد المرأة زوجها يصبح الكل يتحكم بها، الإخوة والاهل ويتدخلون في خصوصياتها ولا يحق لها الكلام أو النقاش، ويصبح الجميع وصيا عليها دون مراعاة لمشاعرها واحتياجاتها. وبدوري اطالب وسائل الاعلام للوقوف بجانبها من ظلم المجتمع ،لان اهمال تلك النساء اللواتي اضطرتهن الظروف ان يجدن انفسهن في موقف اجتماعي واقتصادي صعب، وبالتالي سوف يؤدي ذلك  الى تداعيات اجتماعية تراكمية مستقبلية، وبالمقابل سيكون هناك جيل ضائع من الاطفال والفتيات ربما يمتهنون اعمالا لااخلاقية او ينحرفون في عالم الجريمة التي ستعود بنتائجها السيئة على المجتمع.
 
 شروط القرض
اما البرامج التأهيلية فقد اكدت الباحثة الاجتماعية هيام كاظم عمران / مديرة قسم الخدمة الاجتماعية في دائرة المرأة : نحن خير معيل للمرأة حيث نسعى دائماً الى تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً والمحاولة للنهوض بواقعها بشكل عام  من خلال تقديم الاعانات على مدار السنة والمحاولات الجادة في زج النساء في ميدان العمل من خلال اشراكهن في الدورات لمدة شهرين، ومنحهن القروض لتمكينهن مستقبلآ من عدم الاعتماد على راتب الاعانة وفتح مشاريع خاصة بهن تدر عليها الربح ودعمهن نفسيآ وأجتماعيآ للانخراط في المجتمع بشكل إيجابي، وتحويلهن من طاقة معطلة الى طاقة منتجة . 
ومن جانب اخر هناك صعوبات تواجه البعض منهن عند منحها القرض وهي الزام المقترض بتقديم كفيل عند منحها القرض وهنا ستواجه صعوبة في توفير هذا الشرط، فضلا عن شرط العمر عند تجاوزها الخمسين من عمرها. لذا اخذ اكثرهن باللجوء الى الدخول للدورات لتعليمهن احدى الحرف بهدف اعالة اسرتها .
الدعم النفسي
كما بينت معاون رئيس ابحاث / مديرة البحث الاجتماعي والدعم النفسي في الدائرة نادية عبد الحسين سعيد قائلة : الأرملة امرأة قدر لها أن تفقد زوجها ومعيلها في مرحلة من مراحل حياتها، وهذا أمر طارئ لا يمنعها من ممارسة حقها في الحياة ، وليس ذلك معناه أن تعيش بقية حياتها في أغلال وقيود لقب أرملة. 
وعن مهام عملهم اوضحت؛ هو الاشراف على البحث الاجتماعي والمسح الميداني في بغداد والمحافظات ، فضلا عن الدعم النفسي المقدم لهن بالتنسيق مع المنظمات المدنية المحلية والدولية ودعم المراة اقتصاديا المتمثل براتب الرعاية الاجتماعية ، واقامة المشاريع 
الصغيرة .
واكدت بأن دائرتنا تستقبل الارامل اللواتي يعانين من العزلة والحرمان والفاقة ، ونظمنا لهن دورات تدريبية ليصبحن قادرات بالاعتماد على انفسهن  ونسعى لرفع مستواهن المعيشي من خلال تنظيم سوق خيرية لتسويق الانتاج ومساعدتهن في اعالة ابنائهن وخصوصا بعد ان انحلت وزارة المراة ، فقد أتجهن اغلبهن نحو دائرة رعاية المرأة التي عملت على شمول النساء فاقدات المعيل براتب الاعانة  ومن ثم ارتبطت بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية استنادا الى قانون رقم (77) لسنة 2012 المادة اولاً منه.
 
الفئات المشمولة
وشملت الفئات ( ارملة , مطلقة , يتيمة الابوين , المعاقة , زوجة المفقود  , زوجة المحكوم , وفئات اخرى ) والدائرة حالياً تعمل على تطبيق قانون الحماية الاجتماعية رقم (11) لسنة 2014 المتضمن الاعتماد على خرائط خط الفقر المعدة من قبل وزارة التخطيط الذي يمثل اهم اليات الاستهداف الدقيق للفقراء بالتوجه نحو الفئات الهشة وجعلهم تحت مظلة الحماية الاجتماعية والعمل على زيادة رواتب الرعاية، وكذلك اشتراك المستفيدات في دورات تدريبية ثقافية ومهنية لتمكينهن مستقبلا من عدم الاعتماد على راتب الاعانة وفتح مشاريع خاصة بهن تدر عليهن الربح ودعمهن نفسيا واجتماعيا للانخراط في المجتمع بشكل إيجابي. 
المصدر: الصباح