وحش يطارد النساء.. عراقيات يَروين رحلة تحدّيهن لسرطان الثدي

تحقيقات وتقارير
  • 31-10-2023, 10:48
+A -A

بغداد- واع-آية منصور
لم ترعبني فكرة اصابتي بسرطان الثدي، بقدر حيرتي بمصير طفلتي التي كانت تبلغ من العمر شهرين فقط، كان سبب وجعي وخوفي، اذ اني واثناء رضاعتي لها، انتبهت لوجود كتلة غريبة، ثم تبين انها سرطان الثدي، وبالطبع فإني لم اصدق في بادئ الأمر فراجعت مرارا وتكرارا وفحصت كثيرا، حتى استسلمت. 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام

تبدو منتهى أحمد (35 عاما) اليوم سعيدة بعد ان تمكنت من القضاء على سرطان الثدي، وتسترجع بحديثها لوكالة الانباء العراقية (واع)، اياما مريرة صادفتها، تؤكد خلالها انها تلقت الدعم النفسي حتى من الاطباء الذين عالجوها، واجروا العملية، ثم باشروا بمنحها جرعات الكيماوي المنتظمة، تكمل بقولها: "كنت ابكي ليل نهار وافكر باولادي ومن ضمنهم الرضيعة التي لم تتلق حليبا من صدري، بعت كل ما املك من مجوهرات، استلفت المال، واجريت العملية، ما جعلني اشعر قليلا بالمواساة، هو انهم لم يستأصلوا الثدي، بل اكتفوا بازالة الكتلة التي كانت كبيرة جدا، لكن الأيام التي تلت العملية والعلاج كانا الاصعب في حياتي" 

سارعوا للفحص المبكر 

تحث منتهى النساء على الفحص المبكر، محفزة اياهن بشهر التوعية بسرطان الثدي، شهر اكتوبر، حيث يتم التنبيه والتذكير دائما بضرورة الفحص الذي قد يساهم بالتخلص من السرطان بنسبة 80 الى 90%، وتبدو اليوم سعيدة بالخلاص منه، رغم ذلك فإنها لا تتوانى لحظة باستمرارها الفحص الدوري من أجل الوقاية. 

في اي المستشفيات نفحص؟ 

وترى الدكتورة شيماء الكمالي، اخصائية طب الأسرة، والصحة العامة. ان مراكز الكشف المبكر لسرطان الثدي موجودة في جميع محافظات العراق، حيث يوجد أكثر من 22 مشفى يحوي على قسم خاص بسرطان الثدي، وتوجد مستشفى واحدة على الاقل في كل محافظة، تحوي فرعا للفحص المبكر المجاني الكامل طوال السنة وليس في شهر اكتوبر فقط، وتكمل بحديثها لوكالة الانباء العراقية. 
وأضافت:"تحوي مراكز واقسام فحص سرطان الثدي، الفحص السريري، الأشعة، الخزعة، والماموغرام، ويبدأ الفحص من عمر عشرين سنة، مرة واحدة في السنة حيث يتم فتح دفتر خاص بالمراجعة، لتسجيل الملاحظات الخاصة بها وبجسدها، اما اللواتي يمتلكن تاريخاً مرضياً او تليفات، فسيكون عليها الفحص مرتين في السنة، الماموغرام لمن هن بعمر الاربعين، لكن يتم وضعه للحالات الخاصة لمن لديها تاريخ مرضي، او كتلة تشير لاحتمالية وجود السرطان"
واوضحت الكمالي، ان من ابرز علامات واعراض سرطان الثدي، اولها التغير بشكل ولون الجلد حيث يبدأ بالتحول الى شيء يشبه قشر البرتقال، او انسحاب الحلمة الى الداخل، بالاضافة الى الافرازات الغريبة والدموية من الحلمة، مع وجود كتلة غريبة في الثدي او منطقة الابط، احيانا التورم لثدي واحد او الثديين، وتضيف قائلة: "عند ظهور هذه الاعراض يجب الاسراع بالفحص، ولكن الافضل دائما هو عدم انتظار ظهور الاعراض للتوجه الى الفحص اذ يفضل اتباع الوقاية بشكل دوري دون ان تظهر الاعراض من اجل السيطرة على المرض اذا ما كان موجودا"

ليس في تشرين الأول فقط 

تزداد المراجعات كل سنة من خلال التوعية، لكن الزيادة في نسب واحصائيات الإصابة بسرطان الثدي، لا تعني زيادة الاصابات، بل لربما قد تكون النسب ما زالت كما هي، لكن نسب الفحص هي التي ازدادت، ويأتي هذا من خلال التوعية المستمرة والضرورية، كما توضح الدكتورة شيماء والتي ترى بحديثها لوكالة الانباء العراقية، ان الامر يتطلب توعية وحرصاً اكبر، تكمل قائلة: "نحتاج للوعي الكبير بسبب ان الكثير من النساء يعتقدن ان الفحص يكون في اكتوبر فقط، اخبرني احد الاطباء ان سيدتين حضرتا للفحص، واحدة منهما كان واضحا عليها الاصابة بالسرطان، حينما سألها عن سبب تأخيرها، اجابتها، انهما كانتا ينتظران شهر اكتوبر من أجل الفحص، وهذا شيء خاطئ جدا، الفحص يمكن ان يكون في اي يوم واي شهر واي وقت" 

وتبين الدكتورة شيماء، ان بعض الفتيات يشعرن بالخجل او الخوف من المرض، تسرد قصة احدى المريضات، التي فحصتها بنفسها، اذ كانت كما توضح الكمالي، مصابة بشكل واضح بالسرطان، اذ ان جميع الاعراض تدل على ذلك، ثديها الايسر كان صلبا جدا، ولونه احمر، فيما اختفت حلمتها كليا، وحينما حاولت عصرها، اخرجت الكثير من الافرازات المتقيحة، توضح الكمالي، انها سألت عن اسباب عدم حضور الفتاة رغم وضوح الاعراض عليها، لتجيب: "اشعر بالخجل من ان يراني زوجي هكذا، ما زلت عروساً، ابلغ من العمر خمس وعشرين سنة، تخيلت انه مجرد شيء بسيط، لكنه هو من أصر بعد ان شعر ان لي اعراض"
تؤكد الكمالي، ان: "الفتاة انهارت حينما علمت بانها ستضطر لاستئصال الثديين معا، ولو كان المصاب ثديا واحدا، لذا فإن طلب الدعم والاحتواء في تلك المواقف واللحظات الصعبة،  ضروري جدا".
وتابعت: "اتمنى ان تبتعد نساؤنا عن الشعور بالخوف او الخجل، سرطان الثدي مرض شائع ويمكن التغلب عليه اذ كشفته في بادئ الامر، وقد لا تتطلب سوى 3 جرعات الى 6 في كشفه المبكر، لكنه قد يبقى متطلبا للعلاج من خمس حتى عشر سنوات اذا ما تأخر الكشف عنه" 

هل من نسب له؟ 

فيما تشير الدكتورة اخصائية الجراحة، أبابيل مشكور، ان سرطان الثدي هو اكثر نوع تُصاب به النساء، وثاني سبب للوفاة بعد سرطان الرئة، وحسب اخر احصائية لسنة ٢٠٢٣، فإن واحدة من اصل كل ثماني نساء، معرضة لخطر الإصابة به، وواحد من اصل كل 667 رجال  تم تشخيصهم، وانه مثل اي مرض خبيث الاسم والطبيعة، فقد يعتاش في الثدي صامتا تماما بدون اي إعراض ملحوظة، او مع ظهور الأعراض وتشير الدكتورة ابابيل الى ان نسبة الإصابة في العراق اكثر من باقي الدول في المنطقة العربية بسبب التلوث والإشعاعات الناتجة عن الحروب واستخدام الأسلحة المحرمة، تكمل بحديثها لوكالة الانباء العراقية (واع): "تعددت اسباب هذا المرض ولعل اهم اسبابه العامل الوراثي المرتبط بالاستعداد الجيني الموروث، والنشاط الهرموني المبكر المتمثل ببدء الدورة الشهرية ما قبل عمر 12 سنه، او وجود بعض الاورام الحميدة ذات القابلية للتحول للنوع الخبيث مثل الاورام الشحمية lipoma واكيد لا ننكر العوامل المساعدة لظهور المرض والمرتبطة بالنمط الحياتي مثل التدخين والكحول والسمنة المفرطة".

بالأرقام 

ويحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى بين الأمراض السرطانية من حيث نسبة الاصابة بحسب سجلات وزارة الصحة العراقية، وبنسبة تقدر بـ 36.1% من اجمالي عدد الحالات، فمن بين كل ثلاث نساء مصابات بالسرطان هناك امرأة واحدة تشخص بسرطان الثدي.
وبحسب دراسة اجرتها المكتبة الوطنية للطب NLM والواقع مقرها في ماريلاند/ الولايات المتحدة الامريكية، فإنه تم التعرف على مجموع 72,022 حالة سرطان الثدي بين النساء في العراق بين عامي 2000 و 2019. معدل حدوث السرطان الثدي القياسي حسب العمر (ASIRs) كان 37.883/100,000. وسجلت حالات سرطان الثدي في العراق ارتفاعًا ملحوظًا خلال فترة الدراسة، بمعدل التغير السنوي المتوسط (AAPC) +3.192%.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن في عام 2020، شُخصت إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي وسُجلت 000 685 حالة وفاة بسببه على مستوى العالم. وفي نهاية عام 2020، كان هناك 7.8 ملايين امرأة على قيد الحياة تم تشخيص إصابتهن بسرطان الثدي في السنوات الخمس الماضية، مما يجعله أكثر أنواع السرطان انتشاراً في العالم. ويحدث سرطان الثدي في كل بلد من بلدان العالم بين النساء من كل الأعمار بعد سن البلوغ ولكن بمعدلات متزايدة في مراحل متأخرة من الحياة.