قانون الخدمة الإجباري

مقالات
  • 13-11-2022, 09:25
+A -A

قانون الخدمة الإجباري

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بشير خزعل

خلال السنوات السابقة اعتاد العراقيون على أزمات، لم يعد الحديث عنها يفضي لحلول سوى التسلي لقضاء الوقت في جميع المنتديات والمجتمعات ووسائل الاعلام، بل صار الكثير منها وسيلة للتندر والنكت، التي يتداولها الناس في مجالسهم الخاصة على واقع مرير لا يريد أن يغادر حياتهم، وكباقي الأزمات (الكهرباء، شحة المياه، البطالة، الفقر، السكن، الفساد، التصحر، فضائح السرقات الخرافية، البيروقراطية وغيرها من ازمات، أثار قانون الخدمة الإلزامية سجالا واسعاً في أوساط المجتمع العراقي، وزارة الدفاع أكدت جهوزيتها لتطبيق القانون فور إقراره، ولا نعلم سر جاهزية وزارة الدفاع المفاجئ، لمثل هكذا قرار!! أثار لغطا وامتعاظا كبيرا بين الناس بسبب الاتجاه إلى مثل هذا القانون وترك القضايا الكبرى الأكثر أهمية، وتساءل الكثيرون عن أسباب توقيت هذا القرار في وقت يعاني فيه الشعب من أزمات في الطاقة والصحة والتعليم والبطالة والفقر، بعض الساسة والمحللين هاجموا القانون باعتباره عـودة إلى عسكرة المجتمع، وهدرا للأموال والطاقات التي يمكن استثمارها في تشغيل الشباب في المصانع والمعامل والمزارع، بدلا من الذهاب باتجاه فتح بوابة فساد وابتزاز جديدة في مؤسسة عسكرية، ما زالت هشة إلى اليوم، السؤال الاهم، لماذا بادرت وزارة الدفاع إلى طرح قانون الخدمة الالزامية في وقت يعاني فيه المجتمع من انقسامات ومشكلات وازمات بنى تحيتة؟، فهل الوزارة بحاجة إلى اعداد من المقاتلين لرفد القوات المسلحة، التي تملأ المدن بدل الحدود، ما زلنا بعيدين عن تلبية متطلبات خدمة العلم، فالعراق لم يرتق بعد إلى مستوى تنفيذ الخدمة الإلزامية، خاصة في ما يتعلق بمستوى البنى التحتية وتأمين مفاهيم الجيش المستقر في أعـداده وتشكيلاته، وفي قواته الساندة وتنوع صنوفه، وما زلنا نتعثر في تأمين أساسيات الجيش العراقي، وبالتالي يجب أن تكون الحسابات دقيقة، إذا ما كانت هناك وفـرة بالموارد، فبالإمكان الإنفاق على المتطوعين، حتى نرتقي بمهاراتهم القتالية ونؤمن لهم القدرات التسليحية وجميع المتطلبات الفنية الساندة، أياً من مقومات نجاح الخدمة الإلزامية في العراق غير متحقق في المرحلة الراهنة ولأسباب عديدة، أولها عدم قناعة الرأي العام بهذا القانون، ولوجود المؤسسات العسكرية المتعددة والمتطوعين والحشد الشعبي، فما الجدوى من الذهاب إلى (خدمةّ اجبارية)، فالامر يبدو وكأنه اتجاه نحو التعبئة واستعارة تجربة النظام السابق في عسكرة المجتمع، وتحت أي مسمى قانون خدمة العلم أو قانون الخدمة الالزامية، لا نريد لأولادنا في عز شبابهم ذل العسكرة وضياع السنين، وتحديات الهروب من الخدمة العسكرية، بينما أولاد المسؤولين والتجار والفاسدين يتمتعون في الخارج والداخل بمزايا الدراسة والعيش والرفاهية، لا نريد مهزلة عسكرة المجتمع وزيادة أعباء الدولة المالية لأغراض عسكرية وفتح أبواب واسعة وجديدة للفساد من خلال خدمة التجنيد الالزامية، خصوصا مع اتساع ظاهرة الفساد في أغلب المؤسسات العسكرية، الأولى أن تخصص تلك الأموال الباهظة، التي يراد لها أن تصرف على خدمة لاطائل منها على الأهم والضروري من الأزمات التي يعاني منها المجتمع، وما يتحدث به البعض من اعضاء مجلس النواب بأن القانون سيقضي على المحسوبية والمنسوبية والطائفية، هو مجرد فقاعات ملونة لذر الرماد في العيون، ولغرض إشغال الناس عن ما لا تسطيع الدولة أن توفره لهم من خدمات ومستوى حياة 
 كريمة.