العواصفٌ والغبار.. أزمةٌ متجددة

مقالات
  • 6-06-2022, 08:03
+A -A

 د. صادق كاظم
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
يحلُّ الغبار ضيفاً ثقيلا علينا وبقوة، من خلال عواصف ترابية يستمر إيقاع هبوبها بشكل مستمر ولأشهر طوال، قادمة كما يقول خبراء الارصاد الجوية الذين يتابعون حركة الطقس في العراق. 
من المؤكد أن الجفاف وشح الأمطار من العوامل، التي أسهمت في تعرض العراق حاليا لهذه العواصف الترابية غير المسبوقة في تاريخنا الحديث، إذ إن البلاد ما زالت ومنذ عامين وأكثر لم تعرف سقوطاً للأمطار، يمكن أن يجعل البوادي والصحراوات العراقية بساطا أخضر، يكون مانعا امام هبوب العواصف الترابية، التي تغطي سماوات المدن العراقية المختلفة وواحدة من أكثر المعاناة لسكانها. نحن نعاني من جغرافيا صحراوية قاحلة تغطي نسبة كبيرة من مساحة بلادنا، وهي من يتسبب بالطقس الحار المهيمن على مناخ البلاد خلال فصلي الصيف والخريف وأجزاء من الربيع، اضافة إلى ما يعانيه من موجات غبارية بين فترة واخرى، فضلا عن مشكلات الجفاف وانحسار المساحات الخضراء ونقص الواردات المائية من دول المصب، التي لجأت إلى تقليل الإطلاقات المائية، صوب العراق بذريعة عدم كفاية الخزين المائي 
لديها.
الحلول والدراسات والمقترحات، التي قدمت لمعالجة أزمة الغبار والجفاف تتهم الحكومة، بعدم الجدية أو السعي لحل الأزمات المتعددة المرتبطة بالجفاف والمناخ، اذ إنها لم تبادر حتى هذه اللحظة لإقامة سدود مائية متعددة على طول نهري دجلة والفرات، يمكن ان توفر خزينا مائيا كافيا ، اضافة إلى ممارسة الضغط السياسي على كل من تركيا وايران لضخ المزيد من كميات المياه إلى افرع الأنهار الداخلة إلى العراق، وكذلك اللجوء إلى خطط طوارئ أخرى أو إقامة خزانات مائية في المناطق، التي تنحدر فيها السيول خلال مواسم الامطار الغزيرة للاستفادة منها، خلال مواسم الزراعة، فضلا عن استخدام مواد مثبتة للكثبان الرملية، يمكن أن تقلل من نسبة تطايرها وارتفاعها في الجو، التي تعد السبب الرئيس وراء انتشار العواصف الترابية الحالية، اضافة إلى استثمار الصحراء في اقامة مشاريع زراعية وعمرانية وصناعية، يمكن أن تقلل من نسبة التصحر وزحف الكثبان الرملية أو من خلال الاستعانة بمنظمات دولية ذات خبرات متطورة ومتقدمة في هذا المجال، يمكن أن تتشارك بها معنا بذلك.
وصف المشكلة وتحديد أسبابها فقط ليس حلا، بل إن الحل يكمن في قيام الحكومة والجهات المعنية بوضع خارطة طريق لمعالجة هذه المشكلة من مختلف الجوانب، التي من بينها اعادة استزراع المناطق الصحراوية القريبة من المدن، مع اتباع وسائل الري الحديثة والمقننة لاستهلاك المياه، وكذلك اساليب الإدارة الصحيحة لذلك النوع من الاراضي، إضافة إلى زراعة المصدات في الأحزمة المحيطة بالمدن وبانواع عديدة من الأشجار المتحملة للجفاف والعطش، فضلا عن استخدام مواد كيمياوية صديقة للبيئة في عملية تثبيت الكثبان الرملية وايقاف زحفها او التقليل من حركتها، حيث إن هناك تجارب للعديد من الدول في المنطقة والعالم في استخدام مثل هذا النوع من المواد، التي أعطت بدورها نتائج إيجابية 
عديدة. 
اما الجلوس وانتظار الحلول الطبيعية كهطول الأمطار خلال المواسم القادمة فهذا ليس حلا، بل استسلام مؤسف ومؤلم لمشكلة تنتظر ان تقف البلاد بكل طاقاتها لمواجهتها، وايجاد الحلول المناسبة والناجحة لها.