السلام العالمي

ثقافة وفن
  • 20-03-2022, 08:00
+A -A

زهير كاظم عبود 
الحلم الذي بقي يراود البشرية راسخا في ضمير المدافعين عن مفهوم السلام وسيادة التفاهم بين الأمم، ولطالما كانت  (حمامات السلام) التي جعلناها شعارا ورمزا تقليديا للسلام، وعلى ضوء ذلك تشكلت مجموعات وأحزاب وجمعيات تدافع عن إبدال السلام، بدلا عن الحروب وويلاتها وما تخلفه من دمار يكون وقوده البشر والمدن، وسيبقى إلى أمد طويل هذا الحلم البشري في أن يسود مفهوم السلام والتعايش والمحبة والانسجام بين الشعوب، لينتصر دوما هذا الشعار والقيم التي يحملها مفهوم السلام العالمي على ما يتعارض او يتناقض معه.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
 
ولأن البشرية خبرت نتائج الحروب والانتهاكات التي طالت الجنس البشري فقد تنادت الأمم في ما بينها، لتعزيز قيم التفاهم والحوار والتوصل إلى الحلول المشتركة، بديلا عن لغة القتل والعنف والنزاعات المسلحة والحروب الكارثية التي تنتج خسارات كبيرة بالأرواح وبالأموال وبالمستقبل. 
واذا كان العراق من بين تلك الشعوب التي ذاقت ويلات الحروب وما خلفته عليها من ماسي ودمار لم يزل يعاني منها حتى اليوم، فان العالم يشهد حروبا وتصادمات ونزاعات مسلحة، نتيجة عدم وجود تفاهم او حوار يرتقي إلى مستوى العصر والزمن الذي نعيشه اليوم، نشعر نحن أبناء العراق أن الحاجة إلى تفعيل قيم السلام والمناداة، لتغليب لغة التفاهم والابتعاد عن أساليب الحروب في القتال والتدمير هو ما نحتاجه اليوم وغدا لبناء عالم ينعم بالسلام والمحبة
 والتفاهم.
مجلس السلم العالمي الذي كان فاعلا وله تأثيره الدولي والقانوني لم تعد له الفاعلية والقوة التي كان عليها، ومجلس السلم والتضامن العراقي صاحب التاريخ العريق في النضال والمواقف الوطنية ينأى بنفسه عن ممارسة دوره في الوقوف ضد آلة الحرب، التي تحصد الأرواح وتدمر المدن. 
الدور الخجول الذي تمارسه المنظمة الدولية والتي تنص لوائحها وميثاقها على الوقوف ضد الحروب والدمار، الذي تخلفه على الشعوب لا تتخطى حدود الاستنكار او الشجب او الاستماع إلى كلمات وفود الدول في المؤتمرات، وهو ليس دورها الحقيقي في تعزيز السلام العالمي او في السعي لإيقاف عجلة الحرب وحصاد الأرواح البشرية وإيقاف النزاعات المسلحة بين الدول، وعلى عاتق المنظمة الدولية العمل على إيقاف النشاطات العسكرية والقتل والتدمير والحد من تصعيد تلك المآسي البشرية، وأن تسعى لاستعادة السلام بين المنشغلين بالقتال لإيقاف الخسارات البشرية القادمة بكل الطرق والوسائل القانونية، التي يمنحها القانون الدولي لإنقاذ المجتمع الدولي من خطر الحرب وإبعاد شبح الموت عن البشرية، بعيدا عن العقل الوقوف إلى جانب طرف ضد طرف آخر في الحروب والنزاعات التي تحصد الأرواح، موت الأعداد الكبيرة من البشر سواء كانوا مقاتلين في ساحات المعارك او مدنيين يعيشون وسط خوفهم ورعبهم تحت رحمة القصف والموت المجاني بكل دقيقة.
أين غابت المساعي الحميدة والزعامات التي تتبنى السلام العالمي وتدعو إليه؟ أين صارت تلك الأصوات التي تحمل المبادئ الإنسانية وتتوسط بين المتقاتلين، لتضع حلولا للهدنة وشروطا للحوار ونهاية للحروب وأسسا للتسوية للمشكلات والخلافات، التي تبدأ تكبر حتى تتضخم لتصل إلى مستوى الصدام المسلح، مع أننا جميعا لا نختلف أن لا رابح في أية حرب أو صدام مسلح، فالجميع تشملهم الخسارات الموجعة.
وإذا كان مجلس الأمن الدولي يعتمد في قراراته على الإجماع وينقض قراره في حال مخالفة عضو من الأعضاء الدائميين، فما هو الحال إذا كان أحد المتحاربين عضوا في المجلس؟ ولهذا ينبغي على مجلس الأمن أن يسعى جادا لإيجاد طرق لإيقاف القتل والتدمير حالا. 
إن ترك القتال والتدمير مستمرا يؤدي إلى نتائج وخيمة، ليس فقط على المجتمعات المتحاربة انما ستنعكس سلبا على المجتمع البشري بأكمله، وهي دعوة لإعادة قراءة المشهد وأن يصحو الضمير الدولي بسرعة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البشر والمدن، وألا تكون حلول المساعدات الإنسانية وعمليات توطين او إنقاذ اللاجئين ما يدور في أروقة مكاتب المنظمة الدولية، وألا يتم تكرار تجربة الجريمة التي مورست على الشعب العراقي بالحصار الاقتصادي، فالشعوب هي التي تتضرر على العكس من الحكومات والحكام.
تفعيل السلام العالمي مطلوب اليوم لإيقاف النزيف وعدم الوقوف متفرجين او محللين في الفضائيات، وهي دعوة لكل صاحب ضمير حي لتخفيف حدة التوتر بين الدول وان يتم تفعيل أعمال العقل في علاج المشكلات، وأن يتم تحجيم الحرب والقتل والعمليات العسكرية،  نلاحظ جميعا تفاقم التطورات التي طالت المدن والحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا، والتي وصلت إلى قصف المدن وتشريد المدنيين، الا أننا لم نلمس تفاعل الدبلوماسية للدول الحيادية او النازعة لترصين أسس السلام العالمي عن المشهد، ولم نلمس أية بوادر لمنع وقوع الإبادة الجماعية والتشريد الحاصل. 
إن مثل هذه الحرب تجعل ليس فقط المنطقة تعيش ضمن دائرة الخطر، بل إنها تعرض السلام العالمي وأمن البشر إلى خطر محدق لا تفيد بعدها اية مراجعة للندم، لم يزل العالم يشعر انه بحاجة ماسة اليوم لضمان غد أفضل يعم فيه السلام وينعم البشر بحياة هادئة تتعزز قيم المحبة والتسامح والتفاهم بين الحكومات وبين الشعوب.