العراق وسؤال الطبقة الوسطى

مقالات
  • 9-02-2022, 08:29
+A -A

  أ.د.عامر حسن فياض
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
 في ظل عراق متغير احتضن تاريخ ارث الشمولية السيئة ومستقبل الديمقراطية الصعب التحقق، انفلت الامن والامان، وتفاقم العجز في الانتاج على نحو مؤرق، وارتفعت البطالة وتعاظم عدد المهمشين، وتفسخت الطبقة الوسطى، وتحول المجتمع الى سوق في ايدي سدنته من الفاسدين المفسدين، يجلد فيه الظالمون أصحاب الظلمات وتعاظم استقطاب الثروة في أيدي اقل من القلة دون الجسم الاعظم من السواد، وتغول الركود الاقتصادي السائر قُدما الى الامام فتوزع الناس بين من راح يلتهم الثروات ويُصدر ريعها الى بنوك الخارج، ومن راح يُفسد من لم يفسد بعد، ومن راح يبحث عن الخلاص في معتقدات تريد للأموات أن يحكموا 
الأحياء. 
ومن راح يداوي جروح الحاضر والمستقبل بعقاقير الماضي وعندها أصبح من الطبيعي بعد أن أرغمت الطبقة الوسطى على التخلي عن (ميسورتها) أن تُرغم ايضا على التخلي عن (استنارتها).
كل ذلك يحدث الآن مع تهدم مُنسق لقيم الوطنية والمروءة والكرامة والتضامن والتسامح والمودة والتراحم والاحترام، ليحل التلوث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي.
وللخروج من حالة الحطام الشامل هذه هناك الكثير، الذي يجب إنجازه وعلينا أن نفكر جدياً بإعادة تأهيل الطبقة الوسطى لنعيد لها ميسورتها الاقتصادية المستقلة واستنارتها العقلية المتجددة، لأنها الحامل الاجتماعي الصلب للبناء الديمقراطي 
الحقيقي.
إن إعادة التأهيل هذه لا يمكن أن تكون برقية سريعة من جهة ولا يمكن أن تترك بزعم أن الزمن كفيل بها من جهة ثانية. بل تحتاج الى فعل وهذا الفعل هو ( البديل/ الحل) لتجاوز هذه الهشاشة بالنسبة للطبقة الوسطى ولتخفيف ذلك الشقاء بالنسبة للتحول الديمقراطي. وهذا الفعل (البديل/ الحل) ينبغي ألا يُختزل بقرار أو رغبة أو امنية، بل يحتاج الى مشروع نهضوي تحديثي شامل ومستديم يستهدف تأسيس بنية تحتية مجتمعية (اقتصادية/ اجتماعية) يسبقها مناخ سياسي مستقر. 
وفي سياق معادلة (السابق واللاحق) فإن عملية النهوض والاصلاح والتحديث في مجتمع يشهد هشاشة الطبقة الوسطى يكون السابق فعلا سياسياً (حكومة ايقاف تدهور)، لتأسيس دولة قوية (مع المواطن)، أي دولة تعتمد مؤسسات ومشاريع سياسية تعالج (مرة واحدة معاً) وليس على التوالي اشكاليات: 
استكمال السيادة وصولاً للاستقلال الحق.
الديمقراطية بدل حالات الاستبداد والديكتاتورية القديمة والجديدة.
تعزيز الهوية الوطنية بدل تنازع الهويات الفرعية (الدينية والقومية 
والعشائرية).
بعد كل ذلك فإن اللاحق لهذا السابق السياسي ينبغي أن يتمثل بالوصول الى تحقيق حافات حلم دولة بإقتصاد إعمار واستثمار وازدهار وبمجتمع استقرار وتقدم ورفاهية وبثقافة تسامح وتعايش وبناء 
سلام.