قصص قصيرة جداً

ثقافة وفن
  • 15-11-2021, 08:12
+A -A

 حسن السلمان
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
حقيقة عارية
بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الفراق، سنحت له الفرصة أن يراها وجهاً لوجه. كان يُمنّي النفس بإنعاش قلبه الضعيف بنسمةٍ من نسائم ذلك الزمن الجميل، لكنْ ثمة ريح عاتية، اقتلعتهُ من مكانه، وألقت بهِ، خلف أسوار الحقيقة العارية!.
 
عيون الزمن
نحو سبعةِ رجالٍ معصوبي الأعين، تتكاثفُ أنفاسهم في صباحٍ من جليد، كانت البنادق مصوبة. وعلى الجانب الآخر، جانب الحلم الكاذب، تتوقف سبع نساء عن النظر في عيون الزمن.
 
مدينة
تزامن وصوله إلى المدينة التي لا يعرف عنها شيئاً مع هبوط ظلامٍ كثيف، وتساقط زخات مطر عنيفة.. لفَّ المدينة شارعاً شارعاً، ومنطقة منطقة، ولكنه لم يعثر على فندقٍ واحدٍ يأوي إليه.. مع انبلاج الفجر، عاد من حيث أتى، حالماً بمدينة لايشارك من يزورها، الموتى، أسرّتهم الترابية.
 
همسة
كل محاولاتهم لإغلاق عينيه ذهبت سدىً.. عجوز ضاحكة، همست لهم: «دعوهُ هكذا. سيعود قريباً إلى الحياة!».  
 
نِداء سري
على الرغم من صخبِ وضجيج المكائن، إلّا أنّ الأمّ العاملة، استطاعت أن تميز صوتَ طفلٍ يبكي.. على عجلٍ، خلعت بذلة العمل وانطلقت باتجاه كوخٍ بعيد.. كوخ بسقفٍ من صفيح، على بابهِ يجلس طفلٌ قرب شجرة جرداء، وعلى خديه، آثار دموع ناشفة.
 
أساطير الخلاص
في منتصف الطريق توقف حائراً: المسافة التي قطعها تشدّهُ إلى الوراء، وماتبقى من الطريق يشدهُ إلى الأمام، فتوسّد حجراً، وأفرغ آخر مافي جعبتهِ من أساطير الخلاص.  
 
هواجس
اعتاد أن يضع لها وردةً على الوسادة كل يوم. لكنها في ذلك اليوم وجدت وردتين بدلاً من وردة.. من يومها، وهي تغزلُ وتنقض غَزْلها في الوقت نفسه. 
 
هواء الذكرى و»ستائر النسيان»
نصحوهُ أن ينساها قائلين لهُ:»ليست نهاية العالم فقدان امرأة يارجل». فيرد عليهم والحنين عاصفةٌ من العبرات: «حسناً. إذن اوقفوا هواء الذكرى عن التلاعب بـ «ستائر النسيان». 
 
للآباء ذنوبهم التي لاتغتفر أيضاً
«للآباء ذنوبهم التي لاتغتفر أيضاً»: هكذا كان يردد مع نفسه كلما تذكر تلك الليلة التي أطفأ فيها أبوه المصباح، وحرمه من متابعة رحلة الفراشة نحو مصيرها المشتعل. 
 
«......»
«كل مواقد العالم لاتكفي لتدفئة عظامي.. أينكَ. أينكَ يا «عصفور النار». أنت وحدك القادر على أن تبعثني حياً من جديد»: يكتب الشاعر آخر قصائده، ويرمي بها من النافذة، دون إمضاء. 
 
رائحة الكهوف
مثل بحارٍ عنيد، يقود مركبهُ الشراعي بمواجهة رياحٍ عاصفة وأمواجٍ متلاطمة، ظلَّ يطرق باب الرجاء بلا هوادة.. وحينما لم يسمع سوى صدى طرقاته تتردد بين الجدران، أنعشَ خيالهُ بصورةِ رجلٍ يمسكُ هراوةً من حجر، تفوح من أصابعهِ، رائحة الكهوف.  
 
قطط وجنود
مساءً، اقتحم الجنود المدينة.. أشعلوا ناراً وعلى ألسنتها المتراقصة، حلموا بالأسرّة الدافئة وطعم الخبز.. يالهم من مساكين هؤلاء الجنود الذين اقتحموا المدينة مساءً، ولم ينتبهوا لأعداد القطط الكثيرة التي تتقافز في الهواء.