ظاهرة تسوّل الأطفال.. الداخلية تتحرك قانونياً وأكاديميون يطرحون الحلول

محلي / تحقيقات وتقارير
  • 3-11-2021, 17:28
+A -A

بغداد- واع- آمنة السلامي
انتشرت ظاهرة تسوّل الأطفال بشكل كبير ومنظّم خلال السنوات الأخيرة، إذ يلاحظ في أغلب التقاطعات والطرقات والمناطق انتشار المتسولين الأطفال بكثرة وهم يمارسون التسول بشتى الطرق والأشكال، في المقابل تتربص بهم عصابات منظمة لاستغلالهم وضمان تسوّلهم ضمن إشرافهم، فيما تتحرك وزارة الداخلية في المقابل بإجراءات قانونية للقضاء على هذه الظاهرة والإطاحة بالعصابات المنظمة.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
أستاذ علم النفس في جامعة بغداد، أيسر فخري، يقول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "التسول أصبح ظاهرة وانتقل بعض المتسولين من حالة الحاجة الى الغنى"، إضافة إلى أن التسول أصبح مهنة فيها خطورة كون هناك من يمتهنها مهنة ومن يؤسس لها داراً وآخر يؤسس لها فريق عمل إضافة إلى تأسيس تجارة خاصة بالتسول".
وحذّر فخري، من أن "مخاطر الموضوع تتعلق في خطورة أن تصبح الظاهرة وكانها طبيعية ويصبح الجميع متسولاً بشكل أو بآخر ومنها من يتسول مهنة ومن يتسول وظيفة وليس مادة فقط، بل كل شي أصبح تسولاً وكأنها عدوى مجتمعية".
وشدد، على أنه "ينبغي على المواطن ألَّا يقدم المساعدة الى المتسول ويعطيه مالاً لأنه يعد سلباً لحقوق آخرين من الفقراء"، محذراً من "ذهاب الظاهرة نحو تفشٍ اكبر وظهور ابتكارات وابداع وتحولها إلى مهنة".
أما الأكاديمية والباحثة في الشأن الاجتماعي، ندى العابدي، فتقول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "ظاهرة التسول فيها جانبان، الأول أن هناك عصابات تستخدم هؤلاء الاطفال لأغراض التسول بدون معرفة إن كان أباؤهم او تم اختطافهم او هم من الاطفال المشردين مجهولي النسب، والجانب الاخر ربما بعض الاطفال قد فقدوا احد الابوين او كليهما وبالتالي فقد مصدر العيش ولجأ إلى التسرب من الدراسة".
العابدي أضافت، أن "مثل هؤلاء الأطفال لا يملكون معيلاً فيضطرون الى التسول في الطرقات وفي الكثير من الاماكن"، مبينة أن "الجميع يتفق على أن قضية التسول هي للرزق بوصف أنها طريقة سهلة لتحصيل الاموال بشكل او بآخر، وبطرق متعددة منها مسح زجاج السيارات او بيع المناديل الورقية او باقي الحاجيات في التقاطعات".
وأكدت، أن "هذه الحالة تحتاج الى تضافر جهود عدة جهات حكومية وغير حكومية"، موضحة أن "الجهات الحكومية المعنية بهذا الموضوع هي وزارة العدل - دائرة الاحداث، والمديرية العامة للاحداث، وايضا دائرة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، اضافة الى منظمات المجتمع المدني والسلطة الرابعة سلطة الاعلام التي تسلط الضوء على هذه الظواهر وتحاول أن تشكل وسيلة ضغط على الجهات الحكومية بتشريع القوانين".
ولفتت إلى أن "العراق جزء من بروتوكول او قانون حماية الطفل في الهيئة العامة للأمم المتحدة وهو مساءل دولياً أمام إهمال هؤلاء الأطفال او عمالتهم او استخدامهم او تسربهم من المدرسة أو الضغط باتجاه تحصيل المال في المجتمع من قبل عوائلهم".
وتابعت أن "معالجة هذه الحالة هو أن نشرع قانوناً يجرِّم عمالة الأطفال، وأن يتم ايواء هؤلاء الاطفال المشردين بدور خاصة للمشردين والمشردات، ما يعني تجريم العصابات التي تستخدم هؤلاء الأطفال والقضاء على بؤر تجارة المخدرات"، مؤكدة أن "القضاء على ظاهرة التسول يعني القضاء على الجريمة بكل أنواعها سواء كانت تجارة مخدرات او الجرائم التي يقوم بها الاحداث بمختلف اشكالها في المجتمع".
وأوضحت، أن "القضية تحتاج الى جهد مجتمعي وتضافر مؤسسات الدولة مع مؤسسات المجتمع المدني لرصد الحالات المنتشرة و بالوقت نفسه توفير الحياة الكريمة للاطفال المشردين ودعم دور ايواء الايتام ورعايتهم رعاية كاملة من الرعاية الصحية والرعاية التربوية".

جريمة التسول في القانون
ويقول القانوني علي التميمي، في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "التسول من الأمراض الاجتماعية، والمتسول هو الشخص الذي يطلب من الناس المال باستخدام طرق شتى من الحيل وذلك عن طريق البكاء والتظاهر بفقدان المال ويدعى حاجته إلى المساعدة واصطناع الأمراض والعاهات واستخدام الأطفال حديثي الولادة واستئجار الأطفال لاستخدامهم كوسيلة واستغلال الأماكن المزدحمة كالأسواق ودور العبادة وادعاء الإصابة بالمرض والحاجة إلى العلاج وادعاء المتسول إصابته بالخلل العقلي والتلفظ بعبارات غير مفهومة لكسب شفقة الناس والحصول على الأموال".
ويضيف التميمي، أن "المشرع العراقي عاقب على جريمة التسول بوصفها من الجرائم الاجتماعية في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل حيث نصت المادة 390/1 بان (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر كل شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه او كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد وجد متسولا في الطريق العام او في المحلات العامة أو دخل بدون إذن منزلاً أو محلاً ملحقاً لغرض التسول وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر اذا تصنّع المتسول الإصابة بجرح أو عاهة أو ألحَّ في الاستجداء)".
وتابع: "اما بالنسبة للمتسول الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره فقد نصت الفقرة الثانية من المادة نفسها على: (اذا كان مرتكب هذه الأفعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره تطبق بشأنه احكام مسؤولية الأحداث في حالة ارتكاب مخالفة ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المتسول بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة أن تأمر بإيداعه مدة لا تزيد على سنة داراً للتشغيل إن كان قادراً على العمل أو بإيداعه ملجأً أو داراً للعجزة أو مؤسسة خيرية معترف بها اذا كان عاجزاً عن العمل وإن المشرِّع العراقي قد تعامل مع هذه الجريمة بصورة إنسانية وكان الهدف من العقوبة هو وقائي وإصلاحي".
وأكمل: "كما أن المشرع العراقي في قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983 نص على ظاهرة التشرد حيث نصت المادة 24 منه على (يعتبر الصغير أو الحدث مشردا اذا وجد متسولا في الأماكن العامة أو تصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمل الغش كوسيلة لكسب عطف الجمهور بهدف التسول) إلا أن هذه الجريمة أشرت زيادة في معدلات ارتكابها وتطورت أساليب المتسولين وذلك عن طريق مجاميع اعتبرت هذه الجريمة تجارة مربحة عن طريق مجاميع تمارس هذه الجريمة وفي مناطق تختارها واتخاذها مهنة واستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية ولابد من إعادة النظر في عقوبة هذه الجريمة الخطيرة وتفعيل تطبيق قانون رعاية الإحداث رقم 76 لسنة 1983 بحق الاحداث المشردين وتفعيل الدور الخاصة برعاية المسنين وأن تكون الإجراءات القانونية رادعة بحق هذا المرض الخطير وهذه الظاهرة السلبية وإعادة النظر في احكام المادتين 390 و391 من قانون العقوبات العراقي".

إجراءات وزارة الداخلية لمواجهة الظاهرة
المتحدث باسم الداخلية اللواء خالد المحنا، يقول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "الوزارة تتعامل مع تسول الأطفال بشكل قانوني، وهناك مديرية متخصصة بهذه الظاهرة وهي مديرية شرطة الاحداث والتي تتعامل مع الاحداث دون 18 سنة"، لافتاً إلى أن "المديرية تقوم بإحالتهم ويبقى ملفهم رهن القضاء".
وأضاف المحنا، أن "القضاء تواجهه تحديات وضغوط وواحدة منها أنه ليست هناك بنى تحتية تكفي لإيواء أعداد كبيرة من المشردين او المتسولين،  لذلك عادة ما يتم اخلاء سبيلهم".
وحول دور الشرطة المجتمعية في هذا الشأن، أوضح المحنا، أن "مديرية الشرطة المجتمعية تستهدف حالات محددة من التسول بالنسبة للاطفال، هذه الحالات منها أن ذوي المتسول من الميسورين او من متوسطي الدخل او لديهم مورد ثابت حيث تقوم الشرطة بجلب العائلة واخذ تعهدات منها ومن ثم يتم متابعتها بشكل مستمر يصل احيانا الى سنة كاملة حتى يتم التأكد من أن الطفل ترك التسول وعاد الى المدرسة".
وتابع، أن "هناك ضماناً يكون لهذه الحالات التي تستهدفها الشرطة، اما حالات التسول التي يكون الطفل فيها من عائلة تحت خط الفقر ولديها حاجات إنسانية ملحة ؛ يكون الإجراء قانونياً بحتاً"، مبيناً أن "الإجراء القانوني يتم عبر ادخالهم الاحداث أو احالتهم الى القضاء ويطلق سراحهم".