مرجل الكتابة

ثقافة وفن
  • 27-10-2021, 07:37
+A -A

حبيب السامر 
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عادةً، في مناسبة أدبية أو من دونها يُطرح عليك هذا السؤال، كيف تكتب وتتعامل مع نصك؟، وينتظر السائل جوابك بانتباه وتركيز شديدين، هناك من يجيب عنه بجواب تقليدي أيضا، كما يكتب الآخرون نصوصهم، ويتوقف!، يعيد السؤال بصيغة أخرى.. كأنه ابتكر طريقة سهلة للحصول على الإجابة.. ومنح الوقت الكافي للكاتب كي يوجز طريقته.. وهو يحصر تاريخه في الكتابة، وكم المعاناة التي تكبدها كي يرسم طريقه ولغته ومنجزه. ماهي طريقتك في كتابة النص؟، هذا السؤال يتكرر كثيرا.. للوصول إلى منظومة العينات المتوالدة في البناء، أو الشواهد المنظورة من حركات المحكيات وتفاعل عمق الوعي المتجدد ليقودك إلى سعة المخيال المتجدد لتكون بذلك رسم النص بعناية محورية أخاذة مثل لوحة تجذبك أبعادها، ألوانها، فكرتها، وحركة ريشة الفنان المجسّدة وهي تتعالق مع اللحظة الوامضة كي تحقق ما لم يقله غيرك في هذا الحقل الإبداعي، لأن النص يتجدد مع نسغ الحياة كونه يستمد خلفيته المعيارية من القيمة المعاصرة والحديثة، ليشّكل بذلك حالة خصبة تنمو مع حركة الكتابة وتطورها بتعاضدها وتنافرها وتنوع مقارباتها، وعلاقاتها مع نصوص وخطابات متنوعة، ربما تناولت، واشتغلت على ثيمة واحدة لكن برؤى ولغة قد تتآصر مع التفاعل الوظيفي لحالة الخلق الجمالي، وفق مسارات تعتمد كينونة وإرث الكاتب وعلاقته مع محيطه وعاداته لتنصهر في مرجل الكتابة. قد يقول أديب، وهو يعتقد أنه يفشي سر طريقته في الكتابة بقوله، أدوّن الفكرة، ثم أتركها متخذاً صمت النفس الذي قد يقصر أو يطول لإعادة تكوين النص مع دخول الصنعة والخبرة والتجربة.. هذا الرأي يمثل نسبة عالية من خطوات الكتّاب في تدوين نصوصهم.. وهناك من يكتب،.
وينهي نصه في ذات اللحظة، ويتعاكس آخر في وقت ولحظة تدوينه، يمسك بالفكرة في لحظتها ثم يتعامل مع النص بطريقة الصائغ الماهر، وهو ينقش اسما في مساحة صغيرة بفنية عالية وخط مبهر، ليكتشف تفاعل الناس مع مصوغاته، وهذا قد يتناسب مع طريقة بعض السائرين في طريق الكتابة، وطرح المنظور التفاعلي بلغة تتعامل مع التحولات المستمرة بنسغ الكتابة وخلخلة اللحظات الراكدة في ذهن الكاتب، غايتها المعالجة لينتج لنا نصاً يحاكي الحياة بلغته، وبؤرة فكرته بعيداً عن التراتيبية المفرطة، وقريباً من نافذة المعنى بمشروعية خالصة تحاكي النص وتتفاعل مع طاقته من خلال تقشير الظواهر للبحث عن جوهر الحكاية بمحورية تدفع النص اتجاه المتلقي من دون الحاجة إلى عناءات كي يكتشف القصدية منه. 
وهناك أيضا من يضع خطة كي يكون النص مرسوما في ذهنه، مرتكزاً على بؤرة مهمة في الحياة، ويصوغها بعناية، تشدنا رشاقة اللغة وهي تلامس دهشة مخيلة المتلقي، وتفتح بوابة نقاش هادئ عبر شرفة الإبداع الحقيقي المكرس لمتعة الجماليات وفتح منافذ التأويل لتقترب من عوالم البناء المعماري المبتكر من دون لبس أو تيه في حركة النص المنتَج، كي يغرينا بوظيفته المشعة بالتطور والدلالة باسترسال الخطاب المسند إلى التخييل بوصفه حالة بصَرية تتخذ من الفعل اليومي لحركة الناس وتناول الأمكنة، وكأن النص الجديد يحلق بجناح الكلمات متعاملا مع زرقة الروح بحوار يعكس الخبرة لملامستها مرايا الفعل النصي بحوار يرصد عوالمنا بقرائن الكتابة، لمعالجة طبقات النص بتوازٍ مع تعدد أصوات الكاتب مع المتلقي بأصابع تمسح عن النص غبارات التكرار لتظهر بواطن الأشياء وتحولها إلى كائنات تكسر صمت الحدث وتسعى إلى اخضرار الحياة بخلاصات التجربة والسعي إلى قضم اللحظة الساكنة وتحويلها إلى كائنات ترقد بسلام على وسائد
المعنى!