الجنوب .. كل الحكومات مقصرة معه

مقالات
  • 23-10-2021, 08:35
+A -A

باسم محمد حبيب
كمواطن عراقي من الجنوب ، لا أغالي إذا قلت إن كل الحكومات التي تولت الحكم في العراق من العام 1921 وإلى الآن مقصرة معه ، ولعل ما يثير الغرابة أن وضع الجنوب لم يتحسن من ناحية الإعمار والخدمات حتى بعد العام 2003  ، إذ نجد أن نسب الإعمار وتطوير الخدمات والبنى التحتية في الجنوب خلال هذه المدة أقل من نسبها في المحافظات الأخرى الأمر الذي يثير تساؤلاً عن أسباب ذلك .

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وبالطبع حاول البعض انطلاقاً من دوافع مختلفة تبرير ذلك بكثرة التحديات التي واجهها العراق بعد العام 2003 ، وهي تحديات كلفت البلد أموالاً طائلة ، من بينها أموال تم صرفها على إعداد وتدريب القوات العراقية وتجهيزها بأنواع الأسلحة التي تحتاجها لمقارعة الإرهاب الذي أغرق البلد بالدماء وشكل أكبر تحدياً أمام الحكومات التي جاءت بعد العام 2003  ، فيما حاول البعض ربط إهمال الحكومة لهذه المحافظات بكارثة الفساد الذي كبد البلاد خسائر كبيرة تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات ، معظمها جرى تهريبها إلى خارج البلاد في أكبر عملية غسيل أموال شهدها التاريخ .
لكن لا يمكن تقبل هذه التبريرات ، لأنه لو كان السبب في الإرهاب والفساد لتأثرت بذلك كل محافظات العراق ، فيما أننا نجد أن وضع محافظات كردستان أفضل بكثير من وضع بقية المحافظات الأخرى ، وهذا ما يصح أيضاً على محافظة الأنبار التي شهدت عملية إعمار مثيرة للإعجاب ، ففي ظرف سنتين بعد تحريرها من داعش ، نفضت مدن الأنبار عنها رداء الخراب والدمار واستبدلته بحلة البناء والإعمار التي شملت البنى التحتية من طرق وجسور وشبكات الصرف الصحي وساحات عامة ومشافي ومدارس .. الخ ، فباتت الأنبار بحلة جديدة .
وبالطبع نحن فرحون جداً بما تشهده هذه المحافظات العراقية العزيزة من حملات بناء وتطوير ، لكن من حقنا أن نسأل حكومتنا المركزية وحكوماتنا المحلية عن سبب تخلف محافظات الجنوب عن ركوب موجة البناء والإعمار هذه ، ولماذا تمتلك هذه المحافظات أكبر نسبة من المشاريع المتلكئة والوهمية وأكبر نسبة من المدارس الطينية والمشتملة على نواقص ، فضلاً عن سوء حالة المشافي والمراكز الصحية مع رداءة حالة الطرق والجسور وأمور أخرى كثيرة .
فواقع حال هذه المحافظات لا يحتمل سوى أمرين لا ثالث لهما : أما أن الأمر نابع من إهمال الحكومة المركزية لهذه المحافظات وتجاهلها لحاجاتها انطلاقا من رؤيتها للأولويات ، أو أن ذلك ناتج من تقصير مسؤولي هذه المحافظات وممثليها في البرلمان الذين لم يكونوا بمستوى ما وضع في عهدتهم من مسؤوليات ، وإذا ما علمنا أن الحكومة المركزية مكونة من أفراد عديدين أصولهم من هذه المحافظات ، لأدركنا عظم تقصيرهم الذي يتطلب وقفة منا لكي نفهم أسبابه ومبرراته حتى يمكننا تغيير الأمور بما يضمن عدم تكرار مثل هذا التقصير مستقبلاً .