الحداثة وعلاقة الشاعر بالجمهور

ثقافة وفن
  • 25-09-2021, 08:49
+A -A

وليد خالد الزيدي 
للأثر الثقافي اهمية خاصة يكتسبها كل مجتمع يعتز بقيمته الحضارية الانسانية لكونها تمثل حقيقة من تاريخه الذي يتمركز فيه بدرجة ما بين الامم والشعوب، ولهذا تراه يحافظ عليها بكل الوسائل، كذلك لكل مجتمع حي تاريخ يسجل حركة ارادته في تحويل الفكر والطموح والثقافة الى واقع تعيشه الأجيال، وتستلهم منه التفاعل البناء النهضوي ليواكب تطور الحياة وحداثة طرق العيش فيها

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
محاولات جادة استهدف فيها شعراء كثيرون ايجاد معادلة موزونة ومتكاملة بين الثابت والمتحول او بين التراث والمعاصرة، وتلك قضية جوهرية شغلت اذهان عدد من اصحاب رأي ومفكرين حاولوا لعقود طويلة تقويم التراث من منطلقات عصرية، ولا بد من الاشارة الى مسلمات وافكار آمن بها الغرب وتبناها، وسادت مذاهب وظهرت فيه عقائد مختلفة، فجاءت الاجتهادات مضطربة بعض الشيء، ومع ذلك فان نشأة الحداثة في الثقافة العربية وتطورها لا تكاد تسري عليها قوانين الفكر السائد في مسارات الادب الغربي واتجاهاته، الذي ظهر منذ عهود مبكرة عند اليونان ابان القرن السادس قبل الميلاد، فهو خضع لقانون صراع الاضداد بين(الوحدة والثبات)و(الكثرة والتغيير)،على سبيل المثال
لو تطرقنا للشعر العربي المعاصر لوجدنا ان الحداثة فيه تعد انطلاقة جديدة لكل المراحل، وتعبير عن ازمات الانسان المعاصرة، وتصوير لحياة يجسدها انسان محدث (الشاعر) ليتوجه بها نحو الجمهور بشكل جديد، واسلوب حداثوي، على افتراض ان المتلقين يشهدون تلك الاشكالات المعاصرة، تتجسد بشكل جمالي وصورة جذابة، ومن الخطأ ان نصفها بالخروج عن الوزن او القافية، مع انها تخرج عن النمط التقليدي للشعر، لكن المنطق ان الشعر الحديث يتوجه نحو الموضوعية، فالحداثة هنا حداثة التوجه نحو القارئ (الجمهور) في اسلوب تعاملها مع النفس، ومع الموضوع، الامر الذي يحدث تفاعلا بين الشاعر وجمهوره، لانهما طرفان يتعاملان مع النص الشعري، فتتوثق العلاقة بينهما، فالشاعر سواء كان مجددا او محافظا هدفه احداث التأثير في جمهوره من مسلمة بديهية وهي استخدامه اللغة العربية كوسيلة للتوجه نحوهم لمعرفتهم تلك اللغة، فيحدث تفاعل مشترك بين الاثنين، فاللغة لها ذاكرة والجمهور له ذاكرة تمتد عبر التاريخ وعبر موروث يمثله الطرفان، والقصيدة الحديثة يعدها المحدثون وليدا شرعيا لتراث الشعر العربي الزاخر، وكل جيل يختلف عن الجيل الذي سبقه، فالجيل الحديث ومن خلال استخدامه للحدث يلعب دورا في قضايا ثلاث اولها: المساهمة في تثبيت الموضوع، وثانيا التعامل مع مادة مشتركة ما بين الشاعر وجمهوره، وثالثها توفير حالة توازن بين الحدث التاريخي وبين العصر. اعتمد سير الحداثة، شعراء رأوا أن الشعر العربي في قوالبه التعبيرية الكلاسيكية، ادى دوره واستنفد طاقته، فدعو إلى ترك بحوره التقليدية وعروضها التي صنفها الخليل بن أحمد الفراهيدي، والانعتاق من القيود السابقة في كتابة القصيدة لتحريرها من البحر الخليلي، وأبرز من قاد هذا التوجه الجديد في كتابة الشعر، الشاعرة نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب وجبران خليل جبران وابولو واخرون.