ثقافيَّة المنوال الروائي

ثقافة وفن
  • 22-08-2021, 07:47
+A -A

اسماعيل ابراهيم عبد
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
نرى أن الفهم الخاص بثقافية المنوال الروائي يهتم بعالم وموضوعة الثقافة حصراً، ولعل التداول الروائي واحدة من بين الحصائل المباشرة للعمل الثقافي، فعليها تقع خطط النظريات الثقافية لعموم السرد، ومنها وفيها يتحقق التحليل الثقافي للمضمون الروائي. وقد يجد النقد الثقافي نفسه محصوراً بين الرواية والشعر والخطاب، وعلمي النفس، والاجتماع، لكنني أرى بأن علينا أن نحافظ عـلى (بيئة فنية) للسرد لأجل أن يكون العمل متجهاً بزاويته الخاصة (بعد التداول)، ولتكون ثقافة الرواية تقانة جمالية، ينبغي لها الأخذ بمبدأ (المشهد الروائي) بكونه بناءات متساوقة في التقانة، تتوافق آلياته مع المناول المعرفية الفنية للسرد. والمناول ذاتها هي (مسار معلومات) لتنوع الموضوعات عند مساحة واحدة، لها مفتاح ايقوني، كما في (الحاسبات)، انها المناول التي تنحسم في شكلين من الاستثمار، الهيمنة والهامشية، كحدود اشتغال شائعة، ينضمّان في نسقية التخالف والتوازي والظهور والإضمار الدلالي اللغوي..
لننظر في بعض موجهات عملنا بحسب أنموذج ادوارد تايلور عام 1871: «الثقافة هي الكيان المركب الذي ينتقل اجتماعياً ويتكون من المعرفة والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعادات». وكذلك الأخذ بعين الاعتبار ما يراه ريموند وليامز (1958): «الثقافة نظام دلالي يفضي حتماً بالنظام الاجتماعي المعين الى حتمية التبادل الاتصالي بين أفراده وحتمية إعادة معايشته وحتمية اكتشافه».
إننا ندعو ان يأخذ النقد بفكرة المناول كونها تفسح مجالاً جيداً لحرية انتقاء وسائل التحليل والتأويل في نقد النصوص بوصفها جملاً كبيرة. يعني هذا، وباستثمار المهادات المتقدمة، اننا سنتوجه الى جانب التنظير والاجراء بواسطة المناول الثقافية الروائية، المقاربة لمناول المعلومات في الكومبيوتر. وكون «النظرية الثقافية: مصطلح يعبّر عن محاولات تصوير وفهم، ديناميات الثقافة. أي الجدل بين الثقافة والطبيعة، فستكون المناول بؤرة ممثلة لطبيعة ومعلومات المحتوى الخاص بنصوص روائية (ما).            
المفاتيح أعلاه تعيننا على التوغل قُدُماً في عملنا، فطالما تعتمد الثقافية الادبية على ثقافة وجدل التحليل الفعل والقول بين اللغة والسلوك الاجتماعي، لذا ستضعنا أمام فرصة تجمع أنماط التبادل كلها بآصرة دراسية متماسكة العرى لأدبية ومعرفية الرواية التي من مهماتها الكشف عن العناصر الجمالية والثقافية، وسيكون افتراضنا لاستعمال المناول، له جدوى تخص الفعل الفني المستزرع لقيم الجمال والتأويل والتطور النسقي للثقافة.
أي سيكون هدف المنوال النقدي حصر سيرورة (الرواية في البيئية المجتمعية) كتركيب متضامن من الجانب القيمي.
إن المنوال ـ بحسب تقليد نماذج المناول في الحواسيب، وبعض تصورات مضافةـ هو مساحة أو فضاء لنماذج متقاربة في إدائها اللغوي والاجتماعي والنفسي، عليه تسجل الموضوعات المتنوعة من حيث التأشير، الصنف، النوع، الأثر، ذلك ان المنوال سيمكننا من أن نضع احتمالات الهيمنة والتصفير، والتوازي والإضمار، كمميزات للأثر ضمن منوال واحد، ولن يتعارض هذا مع طروحات التحليل الثقافي. ويمكن أن نجعل العمل التطبيقي للمنوال مقسماً الى فئات، وهي لن تكون ملزمة كلياً في التحليل، انما سيتم احضارها حسب ضرورات المتابعة. هذه الفئات حقول تحدد المدى الداخل في وحدة التحليل الواحدة.. تستقيم هذه الفئات على النحو الآتي:
الصنف: يخص المساحة العرضية الموجهة للتقصي وما عليها من علامات لا يجوز إغفالها عند وضع سياق لمعنى أو مبنى في مروية المشاهد.
النوع: هو التحديد المباشر للتنميط الفني وتشظياته المقاربة كالقصة الومضة والقصة الشعرية والمسرودة الداخلة في متون الرواية، فضلاً عن رؤى فاعل وفعل التدوين.     
الوسيط التأثيري: وهو يهتم بالفئة الاشارية الموجهة نحو التقصي الجمالي الثقافي بالدرجة الأساس.
إشارية ما بعد التداول: هي اشارات لفئة تخص التأويل الاجتماعي والنفسي والثقافي المزروع في المروية والمنعكس منها الى التعبير والسلوك الاجتماعي وبالعكس.        
نعتقد ان المنوال الثقافي في الرواية عمل فني اجتماعي يرسخ لنا فعل الروي الذي يعاضد شمولية وسعة الرؤية الثقافية، كون الثقافة سلوكاً وفكراً وقيماً متوارثة متبادلة بين الشعب الواحد أولاً، ثم مع الشعوب الأُخرى.