من نافذة طائرة البابا

مقالات
  • 8-03-2021, 08:41
+A -A

 نوزاد حسن
  دعوني أتحدث ببراءة طفل في الخامسة عن حدث كبير سيقع، حدث مختلف تماما وله سحر حلم جميل. لست أنا من يقول هذا الكلام، وانما تقوله نبضات قلوب المسيحيين جميعا في بلدي. كما تقوله ايضا الرسالة التي ستحملها زيارة البابا الى اور وبيت النبي ابراهيم عليه السلام ومحافظات عراقية أخرى، مصصن دون أن ننسى لقاءه بالمرجع الأعلى السيد السيستاني.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
من نافذة طائرته سيرى البابا زقورة أور كجوهرة متربة، وبحركة من يده يتخيل انه سيزيح عنها طبقات من غبار كثيف. وعلى بعد خطوات او اكثر ستبحث عيناه عن مكان خليل الله عليه السلام. وفي الفضاء الممتد المنبسط بتربته المالحة تكون قطع الاراضي المزروعة والمتناثرة هنا وهناك مثل وشم أخضر. لقد نام هذا المكان قرونا عديدة وسيستيقظ على خطى البابا وهو يرتقي السلم نحو أعلى الزقورة العتيقة. 
من نافذة طائرة البابا فرنسيس سيكون المشهد صامتا جدا مليئا بلغة لا حروف لها. ومن الصعب جدا ان يفهم الكثيرون لغة الحجر التي لا تحتاج الى كلام.
لكن دعوني أذكركم بأني أتحدث كطفل بريء يستغرق في قطعة الحلوى التي بين يديه. الطفل اي طفل لو تأملناه جيدا يذوب في لعبته، يغوص في طعم الحلوى التي يأكلها. هذا الشغف الطفولي هو ما ينقصنا. 
كل الحكومات التي تسلمت السلطة منذ تأسيس الدولة العراقية كانت تحكم بلا شغف حقيقي. لم يكن السياسي يذوب في عمله مثل طفل ناسيا كل شيء من حوله. في الغالب يفكر السياسيون بالخلود والمجد الدنيوي. إنهم يقتلون الطفل في ارواحهم. ولو ان احدهم جرب ان يحكم من دون التفكير بالمجد والخلود والافكار المجردة لصنع من حياتنا جنة. ولتفجرت اور جنائن من ذهب، ولكان لسان الملح فيضا من نور وماء متدفق.
هل يعقل أن يُهمل مكان أثري بهذا الغنى الروحي ويترك من دون ان تجرى عليه حملات تنقيب وتأهيل تجعله قبلة للسياح؟.
مكان مهمل تماما يواجه تضاريس قاسية على مدار العام. ومع توقيت زيارة البابا تذكرنا تلك التحفة المنسية هناك، العائمة في عزلة اهمال سياسي خطير.
 إذن هل سيفاجأ البابا بالهدية العظيمة وقد تلاعب بها الزمن الى هذا الحد؟، هل سيفكر احد من الحاضرين باننا لم نفهم سر الماضي جيدا؟.