تقطيع أوصال الرأي العام

مقالات
  • 24-01-2021, 05:57
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
 محمد شريف أبو ميسم 


حين أسس الحاكم المدني «بول بريمر» لبيئة الفوضى، تعكز في حينها على الطائفية السياسية التي تبنتها دوافع الفساد والاستئثار بالمال العام نكاية بالآخر، وجرت خلفها ضياع فرص التنمية، وتردي الخدمات،
 تحت مظلة الصراعات والمناكفات التي كانت تطعمها وسائل الاعلام المدعومة بالمال السياسي بالمزيد من الفتن بهدف تحقيق مصالح الاراداة التي احتلت البلاد في العام 2003 ، فشرّع قوانينه المئة، وكان كل شيء يسير وفق ما كان مخططا له بهدف الوصول الى تطبيقات «نظرية الصدمة» التي وضعها الليبرالي «ميلتون فريدمان» بهدف انتقال الشعوب من شكل الدولة الرعوية صوب دولة رأس المال مرورا بالفوضى. وفي هذه الأثناء كانت قوى الارهاب جزءا لا يتجزأ من أدوات صناعة الفوضى، بهدف تمزيق تشكيلات المجتمع، وتكريس وجود الدولة الفاشلة . 
وكانت العلوية لارادة الاحتلال التي بقيت فاعلة على الأرض من خلال مسميات لمنظمات دولية أو جهات دبلوماسية مارست أدوارا مباشرة أو غير مباشر، مستغلة صراع القوى النافذة، فكان لها الدور الرئيس في تعطيل تنفيذ المشاريع والخطط بهدف تكريس حالة التخبط، من قبيل (مشروع ميناء الفاو الذي أعلن نية العمل به منذ العام 2004 ومثله مشروع القناة الجافة، وخطط الحكومات السابقة الخمسية وسواها، والستراتيجيات الخاصة بمكافحة الفساد، والستراتيجية الوطنية للطاقة التي أعلن عنها في العام 2013 وقيل انها ستضع العراق بمصاف الدول الصناعية بحلول العام 2033، ولكنها انتهت في غياهب النسيان، وصولا الى أبسط الخطط، ومنها خطة التعداد العام للسكان التي تعد أداة مهمة بيد من يريد أن يبني دولة على أسس علمية). بينما كانت القوانين الأساسية في تنظيم الحياة عصية على الولادة ومن بينها قانون المحكمة الاتحادية، الذي يمنع التجاوزات على الدستور ويضع حدا للفوضى ولسياسات ليّ الأذرع، وقانون النفط والغاز الذي ينظم ادارة الثروة النفطية ويقطع الطريق على المتلاعبين بقوت الشعب، وقانون جرائم المعلوماتية، الذي تسبب غيابه في فوضى عارمة، تلاعبت بالرأي العام كيفما تشاء وكسرت عروة الوئام المجتمعي، بينما عطلت تطبيق قوانين (البصرة عاصمة العراق الاقتصادية - مجالس المحافظات- حماية المستهلك - حماية المنتج المحلي- المنافسة ومنع الاحتكار- التعريفة الجمركية - قانون العمل، وسواها)، وهذه الارادة التي تحكمت في ادارة كل هذه الملفات، ليس من الصعب عليها أن توظف قطعان الفكر الظلامي من جديد بهدف مناقلة الرأي العام واعادة تشكيل الخارطة السياسية بدم الفقراء.