من الذي يقتل القاتل المُدلل؟

مقالات
  • 31-03-2020, 15:10
+A -A

واحدة من أصعب الجرائم عندما يلبس القاتل ثوب البراءة ،والأصعب منها عندما يكون القاتل متخفياً مضموماً لا يُرى، لا بعين مجردة ولابمجهر ٍ دقيق.
وأبشع القتلة وأخطرهم الذين يقتلون الناس بلا سكين ولا رصاص ولا حبال ،يقتلونهم من الداخل يمزقونهم بلا راحة.
القاتل في 2020 تخطى الأسوار والدبابات وفوهات البنادق والأسوار العظيمة وأطاح بالكبار في دول العالم ،لم تنفع أسراب الحمايات ولا القصور الشاهقة ولاترف الطاوسيّة ولا أي شيء.
أوقف القاتل الناعم والمُدلل المطارات من أقصاها الى أقصاها والمتروات والأسواق الكبرى  ،وأغلق المساجد والسياحة ومراقص الليل ،وعروض الأزياء وحقول النفط وحطم قلوب الملوك والرؤساء.
الدرس العظيم ،الذي أعطاه القاتل المدلل ،إن العالم مهما كبر وتعاظم ،يبقى ضعيفاً وأن الامبراطورات الكبيرة تسقط بسهولة في رمشة عين ،وأن الحروب ليست كما كانت في السابق ،فلا سواتر ولاخطوط أمامية ولا خلفية ولا غارات ولا صفارات إنذار ولا طائرات قتالية ولا دماء .
 جاء القاتل الناعم ليكون ضيفاً ضخماً وثقيلاً على العراقيين الذين انهكتهم الحروب والتفجيرات والحصار وداعش والمجاميع الخارجة عن الدولة وسوء الادارة والفساد المدروس والأيام المبللة بالأوجاع والدماء ،ليحبس العراقيون أنفاسهم ويخيم الهلع على وساداتهم ،وصارت الكآبة هي الطاولة الدائمة في مجالسهم ،لكن درس الدروس الذي وفره هذا القاتل للعراقيين أنه كلما اشتدت الصعاب وانتفخت بوجهم كلما اصطفوا معاً وتقاربوا، فمشاهد التكافل قد لا تراها في دولٍ آخرى وتثبت حقيقة راكزةً  تقول بكل بساطة ،إن جميع القتلة بكل أنواعهم الناعمين والمدللين والظاهرين والمخفيين ،لا يمكنهم أن يكسروا إنسانية العراقي وعاطفته.