كتاب "بغداد" .... احلام طفلة مغتربة!

تحقيقات وتقارير
  • 26-01-2020, 21:08
+A -A
 
من مآلات الاغتراب , انك تبحث بين الوجوه والاماكن عن هوية وطن , حقيقة لا تقتصر على عراقيين عاشوا مخاض الوداع في مرحلة الشباب, بل ايضا تطال اطفالا ولدوا و تربوا في المهجر لم يسمعوا يوما عن عظمة زقورة أور او اساطير مسلة حمورابي او حتى لم تسنح له الفرصة في التجوال بين ازقة شارع المتنبي والرشيد , تلك كانت بداية استهلالية لحكاية طفلة عراقية في سن السابعة تعيش في في كنف اسرة من اب و ام عراقيين هاجروا الى الولايات المتحدة على مضض و لم يهجر قلبهم حب العراق , نور تحلم ان تجد كتاب في مكتبة المدرسة يحكي عن تاريخ العراق او معالم عاصمة السلام بغداد , في كل مرة تتجول فيها الفتاة بين رفوف المكتبة تأمل ان تجد كتابا او قصة او حتى مجلد باللغة العربية يسرد امجاد اول حظارة في العالم كما قيل لها عن لسان والديها .
"لماذا لا يوجد كتاب عن بغداد ؟ هنالك كتب باللغة الاسبانية و الفرنسية لماذا يوجد كتاب باللغة العربية "؟ بلغة بسيطة وتعبير ابسط توجه نور تلك الاسئلة لمعلمتها كلما التقتها بالمكتبة!
في ذات يوم جاءت الفتاة الحالمة الى المنزل تشكوا الحال و تطلب من والدتها شراء كتب عن العراق باللغة العربية كي تتبرع بها الى المكتبة ! طلب اثار تساؤلات الام " ماذا تعلمين عن العراق و عن بغداد وانت ولدت و عشت هنا في قسوة الاغتراب"؟ لتأتي الاجابة من نور على سرعة البرق " لي رسالة علي ايصالها مفادها اننا جزء من العالم و علينا ابراز هويتنا لا طمسها في الخارج وقد يبدء المشوار بكتاب! وفعلا تم المراد , حيث تبرعت نور بعدد من الكتب لمكتبة المدرسة.
حكاية نور كالآلاف من جيلها , امام مفترق طرق بين ثقافة غربية مغرية من حيث التسهيلات و طبيعة الحياة وبين ثقافة عربية لم يبق منها في المهجر سوى بعض الملامح التي تواجه الاندثار , ورغم محاولة الاهل باحتواء الابناء و تعريفهم بثقافة شعبهم تبقى التحديات قائمة سيما في غياب مؤسسات تعليمية تتخذ اللغة العربية نهجا ثابتا واساسيا كي تنشأ جيلا قادرا على الاختيار بل ربما العودة الى الوطن محملين بتجارب و خبرات تخدم البلد في قطاعات مختلفة .