الرئيسية / دور الاعلام في فترة الحرب واعادة بناء السلام في البوسنة والهرسك

دور الاعلام في فترة الحرب واعادة بناء السلام في البوسنة والهرسك

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام

بين خطاب الكراهية وخطاب السلم الأهلي

في الثمانيات بعد وفات الزعيم تيتو (جوزيف بروز تيتو، حكم يوغسلافيا بين 1943 و1980، توفي في مايو 1980) بدأت الانقسامات والصراعات تظهر وفي نهاية الثمانينات حدث تفكك على عدة مستويات مع مطالبة العديد من الشعوب بالانفصال، حيث انقسم الاتحاد اليوغسلافي الى ست دول، وتحولت الانقسامات سريعا الى صراعات دموية في التسعينات

سامان نوح

مدخل تاريخي

الدور السلبي للاعلام

ظهور خطاب الكراهية

الحقيقة صعبة الذكر

تقول Dragana Erjavec   التي عملت لسنوات في توثيق التاريخ الشفوي لضحايا الحرب ومجال العدالة الانتقالية وزميلتها   Jasmina Djikoli التي قدمت برامج تلفزيونية تتعلق بجرائم الحرب وضحاياها ومحاكمة المجرمين، عن تجربة الاعلام البوسني في مواجهة الحقائق الصعبة وتوثيق الابادات وانجاح مرحلة العدالة الانتقالية وبناء السلم الأهلي:-

الحرب والتعصب

يقول العديد من الصحفيين البوسنيين، ان الاعلام في البوسنة بعد الحرب والى لاآن مازال يواجه تحديات كبيرة في ظل سيادة الاعلام الحزبي وضعف اعلام الدولة، وهو ما يجعل الانقسامات والتعصب بل وحتى الحرب حاضرة في الحياة البوسنية:

آليات مواجهة الاعلام التدميري

الى جانب الدور الداخلي للمؤسسات الاعلامية في منع خطاب الكراهية المحرض على الانقسام والعنف في البوسنة، من خلال اعتماد المهنية واخلاقيات العمل الصحفي، فان هناك هيئات في الدولة تسعى بدورها الى مواجهة الخطاب التدميري للاعلام، مثل الهيئة المنظمة للاعلام، ومجلس الصحافة.

هي الهيئة المعنية بمنح تراخيص العمل لمحطات الاذاعية ووسائل الاعلام المرئية في البوسنة والهرسك، وهي تقوم بتحديد أسس العمل وقواعد البث في تلك المؤسسات حصرا، وتتابع تطبيق تلك الأسس والقواعد.

تقول Azra Maloمن هيئة تنظيم الاتصالات في البوسنة والهرسك، ان قوة وسائل الاعلام وتأثيرها يظهر بشكل أكبر اثناء الصراعات والانقسامات والخلافات السياسية والمجتمعية والكوارث.

- كانت لدينا وسائل اعلام تنشر خطاب الكراهية في فترة ما قبل الحرب وهي ساهمت في تعقيد الانقسامات وزيادة الخلافات واشعال الحرب واستمرارها لسنوات، مع انتهاء الحرب تنبهنا لخطر تلك الخطابات واهمية معالجتها وبدأنا في 1998 بانشاء هيئة تنظيم البث الاعلامي والتلفزيوني، بهدف متابعة تلك القنوات والزامها بالعمل بشكل مهني ومنع خطاب الكراهية فيها، و تم وضع قواعد للبث ونتابع تطبيق تلك القواعد بصرامة.

- وسائل الاعلام قبل الحرب، وبعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي، لم تخضع لقواعد تنظم عملها بحجة التمتع بالحريات التي ظلت مفقودة خلال الحكم الشيوعي في يوغسلافيا، ومع عدم وجود جهة رقابية وتنظيمية تم استخدام وسائل الاعلام قبل الحرب وخلالها من قبل الاطراف السياسية من اجل بث خطابات التحريض على العنف والكراهية وتحولت الى آلية فاعلة ومؤثرة لتأجيج الاوضاع، وتغذية الفكر القومي والديني المتطرف، وكانت بعيدة عن أسس ومثل الصحافة المهنية.

- مع انتهاء الحرب رأى المجتمع الدولي صاحب القرار في البوسنة ضرورة تنظيم عمل الاعلام، وتمثلت اول خطوة في ذلك الاتجاه دعم تأسيس هيئة تنظيم الاعلام في العام 1998 بهدف تعزيز دور الاعلام في بناء السلام. وبدأت الهيئة في البداية عملها دون معايير محددة وواضحة لمحاربة خطاب الكراهية ومحاسبة المروجين له، لكنها اليوم تفرض معايير اخلاقية محددة للعمل بوسائل الاعلام بعد تبني ميثاق شرف للبث.

التحدي قائم ومستمر

يرى صحفيون واكاديميون بوسنيون، ان مواجهة خطاب الكراهية، يتطلب المزيد من العمل المشترك وعلى اكثر من صعيد تربويا وتعليميا ومجتمعيا واعلاميا وقانونيا، ويظل التحدي قائما، مع تغير التعابير والكلمات التي تدل على الكراهية، فلا توجد مشكلة اكبر من مشكلة مواجهة خطاب الكراهية بوجود مصادر متعددة لذلك الخطاب، ومن هنا فان مسؤوليات وسائل الاعلام تختلف وتتنوع في هذا الاطار:-

الاطار التنظيمي وسبل العمل

هناك ثلاثة اطر تنظيمية للعمل في الهيئة، تتمثل في ادارة الهيئة، ولجنة تلقي الشكاوى من الجمهور والنظر فيها واتخاذ الاجراءات، وهناك المحكمة التي تصدر القرارات في حال عدم قناعة وسيلة الاعلام بالاجراءات.

للهيئة صلاحية متابعة البث الاذاعي والتلفزيوني والتدقيق في البرامج من اجل التحقق من الالتزام بالمعايير المحددة، لكن في ظل وجود نحو 250 مؤسسة حاصلة على رخصة البث والعمل في البوسنة، يستحيل متابعتها كلها ورصد برامجها، يتم الاعتماد على شكاوى الجمهور من اجل رصد خطاب الكراهية والتنبيه له ومعاقبة الجهة المسؤولة عنه.

وسائل الاعلام ملزمة قانونا بحفظ البرامج التي تبثها لمدة ستة اسابيع، وهي المدة التي يمكن ان يتم فيها تقديم الشكاوى من قبل الجمهور او اي طرف آخر، أما رفع شكوى ضد برامج تم بثها قبل اشهر فان الملف عادة يفقد قدرته على الادانة بسبب التقادم في الزمن.

هو مجلس يعنى بمتابعة الصحف والمواقع الالكترونية ورصد ما تنشره والتنبيه للأخبار المحرفة وتلك التي تخالف قواعد العمل المهني واخلاقيات العمل الصحفي، وهو يمثل شبكة وصل او وسيط بين الجمهور والصحف، ويعمل المجلس من خلال الدعم والتبرعات بشكل مستقل، وهو لا يرتبط باي سلطة حكومية او حزبية.

تقول  Liljana Zurovac من مجلس الصحافة والإعلام عبر الإنترنت في البوسنة والهرسك، ان عمل الصحف والمواقع الالكترونية يخضع للقوانين والاجراءات المتعلقة بعمل وسائل الاعلام في البوسنة والهرسك والتي تم تبنيها اعتمادا على القوانين الاوربية وبدعم من المجتمع الدولي. وهناك مدعي عام من واجباته متابعة وسائل الاعلام ورصد ما تنشره من مواضيع وتحريك الدعاوى القانونية اذا لزم الامر.

يضم المجلس، هيئة ادارية، وهيئة عامة، ولجنة للشكاوى التي تمثل جهة مستقلة تماما داخل المجلس تضم 9 اعضاء (3 رؤساء تحرير، و 3 قانونيين، و3 من الاكاديميين) وهم ينظرون في الشكاوى الواردة ويتخذون القرارات بشأنها.

ولا يعنى المجلس بمتابعة ورصد ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينظر الى كونها نشاط اجتماعي ومنصات لتعبير المواطنين عن آرائهم وليس الصحفيين الذي ينظم عملهم من خلال القواعد المهنية والاخلاقية في مؤسساتهم.

مهام المجلس

يقول أعضاء بمجلس الصحافة، ان المهمة الاساسية للمجلس تتمثل في مراقبة تطبيق ميثاق الشرف الصحفي، والمعايير الاخلاقية والمهنية للعمل الصحفي، وحماية المواطنين من نقل الاخبار الخاطئة والمفبركة والمحرفة، وتشجيع الصحفيين على العمل باستقلالية وحرية، وتشجع المواطنين على الدفاع عن حقهم في الحصول على المعلومات والاخبار الصحيحة (الحقيقة)، فبدون ذلك لا يمكن الحصول على مجتمع حيوي وصحي.

آلية العمل:

تصاعد الشكاوى

ووفق القضايا المسجلة فان عدد الشكاوى يتصاعد عاما بعد آخر، كانت هناك  113 شكوى في 2011 وفي 2017 تم تسجيل اكثر من 317 شكوى، وهذا أمر ايجابي من جهة ان الجمهور يرفض خرق معايير العمل الصحفي ويسعى لمحاسبة وادانة القائمين بها، لكن في ذات الوقت  يشير الى استمرار الصحفيين بخرق اسس العمل المهني وميثاق الشرف الصحفي.

في حال ورود شكوى، وصدور قرار من لجنة الشكاوى بحصول انتهاك وبغياب الاجراءات العقابية في آلية عمل مجلس الصحافة فيفترض ان يتحرك المدعي العام قانونيا، وان لا يتم انتظار قيام مواطنين برفع دعوى قانونية في المحاكم ضد تلك الصحيفة او الصحفي. يجب على المدعي العام ان يتابع هذه الامور، لكن واقع الحال ان الادعاء العام لا يتحرك حتى عندما يقوم مجلس الصحافة او الجمهور بالتحرك ، وهذه مشكلة كبيرة، فالادعاء العام لا يتحرك وفق ما هو مطلوب ولا يدرك خطورة نشر الكراهية في ظل الظروف القائمة في البوسنة ووسط السلم الاهلي الهش.


12-11-2018, 15:17
المصدر: https://www.ina.iq/58741--.html
العودة للخلف