الرئيسية / ثيمة الموت في عروض الشباب

ثيمة الموت في عروض الشباب

  د.مهند العميدي
للفترة من 8 – 11 من الشهر السادس للعام 2021 أقامت منظمة عيون للفن والثقافة في محافظة النجف الأشرف المهرجان العراقي لمسرح الشباب والذي شارك فيه عدد من المحافظات العراقية ما بين عرض ولجان تحكيم ونقد ومشاهدة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
إذ اجتمعت في هذا المهرجان فرق امتدت على الرقعة الجغرافية للوطن فمن كركوك الى البصرة مرورا بديالى  وبغداد والفلوجة والديوانية وذي قار وواسط في عروض مسرحية اتسمت بروح الهم الإنساني والوطني، إذ اشتبكت في هذه العروض نوعية الخطاب الذي امتلكه صناع العرض المسرحي في هذا المهرجان مع أدواتهم في تصدير ذلك الخطاب بشكل جمالي اقترب الى التجريب في صناعة العرض، والملفت للنظر أن أغلب العروض بل جل العروض اقتربت الى الاشتغال على ثيمة معرفية ألا وهي مفهوم الموت وهيمنته على  مستوى التفكير، وكذلك على مستوى الشكل النهائي للعرض المسرحي
ولو وضعنا هذه المرحلة العمرية التي قادت المهرجان وحاولت أن تبث خطابها التي تكاد تكون متفقة في لاوعيها لأن الجذر الذي أنتج الوعي لديها هو واحد، إذ إن هذه المجموعة هي نتاج متغير خطير ألا وهو ما بعد 2003 وتداعيات هذا التغيير والاحداث التي رافقته بسوداويتها، فالمحيط الذي أنتج الوعي لديهم كان محملا بتراكمية سوداوية أثقلت كاهل تفكيرهم وحولتهم الى ذوات تعوم في المجهول امام ميتات متعاقبة ومتنوعة منها الموت الفسلجي والموت الروحي، وكذلك ضياع اغلب المفاهيم القيمية في مجتمع اكلت من جرفه الحروب والصراعات الكثير فأنتج مفهوم الموت وهيمن بذلك على البنية المجتمعية ليتحول هذا المفهوم الى ظاهر نصي وكذلك ظاهر مشهدي تجلى في عروض الشباب بمختلف المناطق التي جاؤوا منها، فما بين مسرحية الجزيرة الخرساء التي قدمتها رابطة عيون الفن في النجف والجفاف الروحي والفكري والذي انتج مفهوم الموت لدى ابطال العرض الى مسرحية اشلاء التي ادانت الموت المقبل والرغبة في التملص منه لكي نفتح بارقة امل جديدة  الى مسرحية رفع الى الاسفل التي قدمتها مدينة ذي قار والتي ادانت فيها التاريخ الذي انتج وصدر لنا الموت، فكل شيء قحط إلا الموت الزائر المستمر على البنية المجتمعية العراقية الذي جسدته مسرحية القحط والتي قدمتها واسط، وكذلك مسرحية انتهاكات التي قدمتها الفلوجة بمنتداها المسرحي الجاد والتي اقتربت من تلك الحياة السفلى التي يعيشها الموتى، الحياة الاكثر أمانا من الحياة الفوقية التي هي إدانة لكل الممارسات البشرية التي أحالت الحياة الى موت حقيقي، اما كركوك وان اختلف الجنس من خلال تقديم مونودراما قدمتها ممثلة واعدة (زينب رائد) تمتلك مقومات جسدية وادائية جيدة، إذ أدان العرض انهيار المنظومة القيمية للمجتمع وهيمنة النسق الذكوري في التعامل مع الآخر المتمثل بالمرأة.
إن مستوى التفكير قبل اشتغال العرض وفي اثنائه ينبئ بولادة طاقات خلاقة، تمتلك الديمومة في صناعة مشهد مسرحي آتٍ، يملك في خطاباته الهم الانساني والوطني من خلال التصاقهم بهموم 
الوطن. 
لقد كان المهرجان بارقة أمل جديدة في زمن القحط المعرفي الذي أتى بفعل كوفيد- 19 ومابعده، فشكرا لصناع المهرجان على الرغم من كل الصعوبات والمعرقلات المادية التي واجتهم، ولكن الاصرار في صنع وتصدير المعرفة والجمال كان هاجسهم فكان النجاح حليفهم بامتياز. 


23-06-2021, 08:59
المصدر: https://www.ina.iq/128693--.html
العودة للخلف