اخلاقيات المجتمع تتعرض للتهديدات

تحقيقات وتقارير
  • 27-03-2019, 05:25
+A -A

 

بغدادـ واع

تحذر المرجعية الدينية والباحثون بالشؤون الاجتماعية والنفسية بين الحين والآخر، من خطر انهيار المنظومة الاخلاقية في المجتمع نتيجة ظهور حالات كثيرة منها القتل والاعتداءات التي من شأنها ان تثير الرعب والقلق والفوضى في المجتمع، ومؤخرا نبَّه ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدّسة السيد احمد الصافي في اكثر من خطبة في أيام الجمع من كلّ أسبوع التي يلقيها من داخل الصحن الحسيني الشريف على ضرورة دق ناقوس الخطر لاحتمالية انهيار بعض اساسات المنظومة الاخلاقية في بلدنا

 اذ لوحظ وجود تراجع وانهيار لبعضها ودون اكتراث، والأعجب أنّ التصدي لها خجول جداً لا ينهض ولا يحل المشكلة، بل يقف البعض موقفا متفرجا في حين من المهم ان يأخذ كل فرد دوره في المجتمع لاعادة بنائه بالشكل الصحيح.

الاربعيني علي مجيد يشعر بالقلق والخوف - حسب قوله - على بناته الصغيرات بسبب ظهور حالات الابتزاز الالكتروني بين الحين والآخر يقوم بها شباب ومراهقون ضد الفتيات، خاصة لدى التعرّف عليهن على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك فهو يفضّل أن تستخدم بناته الفيس بوك ووسائل التواصل الأخرى أمام ناظريه كي يكون على اطلاع ومعرفة بما قد يحدث لهن.

وبهذا الشأن خصصت وزارة الداخلية، أرقام هواتف للإبلاغ عن حالات جرائم الابتزاز الالكتروني، اذ ان أي شخص يتعرّض للتهديد عبر حساب مجهول أو إبتزاز من خلال صور او وثائق معينة سواء أكان حساب المبتز رجلا أو امرأة، وان كان الحساب حقيقيا أو وهميا عليه الاتصال بالرقمين “533 او 131” التابعين  لجهاز الأمن الوطني الاتحادي والجرائم الالكتروني، كما دأبت الوزارة على عقد ورش عمل وندوات داخل المدارس لاسيما المتوسطات والاعداديات من اجل زرع الوعي بين صفوف الطالبات كي يصبحن اكثر حذرا ومعرفة باستخدام الاجهزة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ويذكر ان الشرطة المجتمعية عقدت ندوات في اكثر من 25 كلية و60 مدرسة فضلا عن دوائر ومؤسسات حكومية  استعرضت فيها الجوانب التقنية والوقائية والاجتماعية لمكافحة الابتزاز الالكتروني، وبيّنت الشرطة المجتمعية ان حالات الابتزاز غالبا ماتكون نتيجة اساءة استخدام الثقة بين الاشخاص، وهذا ما دفع الشرطة الى توعية الطلاب بهذا الموضوع، فضلا عن مخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية التي لها آثار مخيفة على المجتمع.


مكافحة المخدرات

دأبت مواقع التواصل الاجتماعي على نشر تحذيرات بين الحين والآخر من وجود المخدارت داخل المدارس وأخذ الحيطة والحذر بهذا

 الجانب.

المحامي والمستشار القانوني يونس عيدان المحمداوي يرى أنّ هناك جهلا واضحا بقوانين مكافحة المخدرات، اذ توجد نصوص قانونية تردع المروّجين والمتعاطين ولكنّها غير واضحة ولم يسلّط الضوء عليها من قبل وسائل الاعلام، اذ يوجد قانون خاص بمكافحة الاتجار بالمخدرات بالمادتين (28،29) وتنص المادة 28 منه على “يُعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد على ثلاثين مليون دينار، كلُّ من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو تملك مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية مدرجة ضمن جدول رقم (1) من هذا القانون، أو نباتا من النباتات التي تنتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية، أو سلّمها أو تسلّمها أو نقلها أو تنازل عنها أو تبادل فيها أو صرفها بأية صفة كانت أو توسّط في شيء من ذلك بقصد الاتجار فيها بأية صورة، وذلك في غير الأحوال التي أجازها القانون، او قدّم مواد مخدرة للتعاطي أو مؤثرة عقليا أو اسهم أو شجع على تعاطيها”، كما تحاسب هذه المادة “كلّ من أغوى حدثا أو شجّع زوجه أو احد أقاربه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية”، وفي ما يخص المادة 29 فقد اشارت الى انه “اذا كان الفاعل من الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة المنوط بهم مكافحة الاتجار أو الاستعمال غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية أو الرقابة على تداولها أو حيازتها فتكون العقوبة مشددة”.

لافتا الى ان هناك غيابا واضحا لدور منظمات المجتمع المدني التي من كان من الممكن ان تؤدي دورا اكبر واوسع في معالجة المشاكل التي اخذت تطرأ على المجتمع، وذلك عن طريق زرع الوعي بين صفوف افراد المجتمع لاسيما الشباب والمراهقين.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام

نبذ الطائفيَّة

عميد كلية الفقه في جامعة المصطفى الدكتور جاسم الجزائري بيَّنَ أنّ البلاد مرّت بمشاكل كثيرة، منها الحروب والسياسات غير المنضبطة، وبحسب علم الاجتماع فإنّ هذا من شأنه أن يتسبب بآثار جانبية كثيرة على المجتمع خصوصا وان المرحلة الحالية هي بناء دولة مؤسسات تضطلع بدور كبير في المجتمع، فضلا عن ضرورة الاهتمام بالاجيال الشابة التي ترتاد المدارس والجامعات كونهم اللبنة الاساسية في بناء الوطن ومؤسساته، وان يسود المنهج العلمي في التعامل مع المشاكل الدينية او العرقية او الاثنية.

موضحا انه لايخفى على احد سيادة الطابع الديني في المجتمع وهذا الامر لا بدَّ من استغلاله بشكل صحيح بجعل المنابر والمنصات والمناسبات الدينية وسيلة لنشر القيم الانسانية، والتذكير بالشخصيات التي ضحت في سبيل إشاعة القيم الاخلاقية والمبادئ التي تبني المجتمع وتسهم بتطوره، فضلا عن ضرورة نبذ التفرقة والطائفية ونبش الماضي والاهتمام بالحاضر، ولا بدَّ من سيادة القوانين وتطبيقها بشكل صحيح والقضاء على الجشع الذي بدأ يظهر على التجار وبعض الموظفين لأنّ المجتمع الان يمر بمرحلة حرجة وخطرة لا بدّ ان نتجاوزها ونتغلب عليها.


دخول التكنولوجيا

يشير الباحث بالشؤون الاجتماعية ولي الخفاجي الى ان الانفتاح المفاجئ الذي حصل في المجتمع ودخول التكنولوجيا بشكل سريع اصابت المجتمع بضرر وخلل كبيرين في بنيته، بل اثرت بشكل واضح على المؤسسات المختلفة، اذ غابت الجدية في اداء الاعمال نتيجة الاستخدام الخاطئ لها، لذلك اصبح هناك تهاون في تطبيق القوانين والحرص عليها، كما ان هناك الكثير من المظاهر التي كانت غائبة قبل سقوط النظام المباد منها العشائرية واللجوء الى المذاهب والطوائف، اما بعد السقوط فصار لهذه المظاهر اثر وحضور كبير عندما صار المواطن يلجأ اليها بهدف حمايته، يضاف الى ذلك غياب سلطة الاب والجد في العائلة نتيجة اضطرارهم الى الاعتماد على الابناء في اعالتهم، اذ لايخفى على احد ان هناك الكثير من المؤسسات التي تم حلها لدى انهيار النظام، وقد وجد الباحثون الاجتماعيون ان هذا الامر اثر كثيرا على النسيج الاسري والتواصل بين افراد العائلة، كما ان الاستخدام غير المنضبط للحرية خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن دخول المخدرات وتأثيرها على الشباب والمراهقين، والجريمة المنظمة التي صارت تستهوي الكثيرين، كلُّ هذه الامور جاءت نتيجة غياب الوعي والثقافة الاجتماعية، وكلُّ تلك القضايا أثرت بشكل واضح على المجتمع.