عقد الزواج الالكتروني يختصر الوقت ويسهل الإجراءات

تحقيقات وتقارير
  • 25-03-2019, 05:28
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغدادـ واع

كانت محكمة الاحوال الشخصية في الكرخ تكتظ بالمراجعين واغلبهم قادمون كي يكللوا ارتباطهم العاطفي بالزواج، ومن بين الواقفين كان الثنائي (أ، م) و(ز، ن) اللذان كانت فرحة ارتباطهما واضحة وبادية على محياهما فقد كانا يستعدان لتتويج حبهما بالارتباط، ولان الثنائي كانا متعجلين لذا اخذا بالبحث عن اسهل الوسائل واسرعها لتقريب المسافات بينهما، ويقول (أ ،م ) وهو مبتسم:

“منذ ان قررنا الارتباط انا و(ز، ن) ونحن نبحث عن اسرع وسيلة لاتمام عقد الزواج، علماً انه قد سبقني الكثير من اصدقائي بالارتباط ولكنهم كانوا يتأخرون بسبب الاجراءات المعتادة التي كانت تأخذ اياماً، ولكن بعد اعلان مجلس القضاء الاعلى عن الآلية الالكترونية  للزواج صار بامكان المتقدمين ان يدخلوا على الموقع الالكتروني الخاص بالزواج ويضعوا بياناتهم الشخصية واوراقهم الثبوتية”.

بداخل قسم عقود الزواج في محكمة الاحوال الشخصية بالكرخ، كان الموظفون كخلية نحل تعمل على الحاسبات الالكترونية لتدوين اسماء المخطوبين تارة والتدقيق بالاوراق الثبوتية تارة اخرى، وبينما هي منشغلة بتدقيق الوثائق الرسمية للخطيبين كانت مسؤولة قسم عقود الزواج في المحكمة كفاح عبد عبيد تقوم بفرز الوثائق والتأكد من تاريخها وتفاصيلها المختلفة عبر شاشة الكومبيوتر وتقول عبيد:

“ منذ انطلاق مشروع العقد الالكتروني للزواج ونحن نستقبل الكثير من المرتبطين ونتسلم طلباتهم عبر الموقع الالكتروني المخصص لهذا الامر، و هذه الخدمة تقدم استمارة طلب عقد الزواج عبر الشبكة العنكبوتية لتسجيل البيانات الخاصة بطرفي العقد (المتقدمين لطلب الزواج ) لتقليص الوقت والقضاء على الاجراءات الروتينية للعقد، وتحديد موعد الحضور الى المحكمة عن طريق استلام رسالة نصية عبر موبايل الخاطب والمخطوبة  لغرض اجراء العقد امام السيد القاضي.

 

تجربة حديثة

وبينما كان الخطيبان (أ، م) و(ز، ن) يستعدان للدخول لاتمام اجراءاتهما امام القاضي تحدثا عن تجربتهما مع العقد الالكتروني بالقول:

“ترددنا كثيراً قبل ان نقوم بهذه الخطوة واستعمال الآلية الالكترونية، ربما لانها جديدة وغير مطروقة سابقاً، ولكن قربنا من التكنولوجيا دفعنا الى هذه التجربة الحديثة التي وجدناها ذات منافع كثيرة وبنفس الوقت قادرة على تذليل الصعوبات التي تواجه الطريقة التقليدية.

من وجهة نظر القانونية زينب سلمان فان هذه الآلية الجديدة للزواج عندما تكون خاضعة لسيطرة ورقابة الجهات ذات العلاقة، فهي ستغني في الحقيقة الخطيبين عن الاجراءات التي كانت تأخذ اشهراً متعددة، مبينة ان المقبلين على الزواج كانوا سابقاً غالباً ما يواجهون الكثير من الاطالة والتمديد بالوقت لحين اكتمال الاجراءات .

 

الفحص الطبي

يمسك الخطيبان بايديهما اوراق الفحص الطبي الذي اجري في المركز الصحي التابع للمحكمة وتقول (ز، ن):

“بداخل قصر العدالة في المحكمة هناك مركز صحي قمنا بداخله بمجموعة من الفحوصات الطبية منها فصيلة الدم والايدز والامراض الانتقالية، وبعدها تسلمنا النتائج وجلبناها معنا استكمالاً للاوراق المطلوبة”.

وتشير مسؤولة عقود الزواج الى ان هناك مجموعة من الالتزامات التي يتحتم على الخطيبين ان يقوما بها ومنها اجراء الفحص الطبي قبل التقديم للاستمارة، وايضاً يجب ارفاق البطاقة التعريفية(هوية/ بطاقة وطنية موحدة للمتقدمين للزواج مع صور ملونة)، وايضاً لابد من التأكد من ادخال اسم المركز الصحي الذي جرى فيه الفحص الطبي وتاريخ الفحص بصورة صحيحة وفي حال عدم دقة البيانات سيتعذر اكمال الطلب ، وفي حال عدم التزام المراجع بالحضور في اليوم المحدد له في الرسالة النصية يلغى الطلب ويجب التقديم مرة اخرى لحجز موعد عقد جديد بالاعتماد على الفحص الطبي

السابق.

شروط قانونيَّة

تجمع التقارير الاعلامية التي تناولت هذه الآلية الجديدة للزواج على ان التواصل الالكتروني مع دوائر البطاقة الوطنية والاحوال المدنية المختصة في تنفيذ الاجراءات الخاصة بالعقد وكذلك تسجيله  في سجلات الجهات ذات العلاقة، اضافة الى التنظيم الاداري الذي سيتحقق، ستسهم بالتقليل من الزخم الحاصل امام المحاكم المختصة حيث ان التقديم الالكتروني لطلب عقد الزواج سيحدد موعداً لحضور طرفي العقد امام المحكمة لإنجاز الطلب وهذا التاريخ سيحدد عدد العقود التي ستنجز في اليوم، وبالتالي لن تكون هناك عشوائية وزخم امام المحكمة المختصة تربك عملها، فمعرفة عدد الاشخاص الذين سيحضرون لتنظيم عقد الزواج سيكون معلوماً لدى المحكمة، وستعمل على وضع الامكانات الادارية وبخاصة الموظفين الذين سيتولون تنظيم العقد ،يضاف الى ذلك ان مشروع عقد الزواج هو اجرائي لتنظيمه و لا علاقة له بمشروعية او صحة هذا العقد.

 

أسسٌ صحيحة

كانت السعادة ترتسم على وجه الخطيبين (أ،م) و(ز، ن) وهما يغادران قسم عقود الزواج للوقوف امام القاضي كي تكتمل مراسيم العقد ويقول الخطيب:

“ان الزواج لا يبنى على العاطفة فقط بل لابد ان تكون هناك توافقات اجتماعية وفكرية بين المقبلين على الزواج كي تنجح العلاقة بشكل صحيح يتم بناء اسرة سعيدة ومتكاملة تغيب عنها الخلافات والمشاكل”.

الباحثة بالشؤون الاجتماعية والانسانية والاكاديمية الدكتورة ناز بدرخان السندي تلفت الى ان قرار الزواج من القرارات المصيرية التي يجب ان يفكر بها المقبلون على الارتباط، اذ لابد ان يكون هناك وعي وتخطيط صحيح ودقيق قبل اتمام هذه الخطوة، وتوفر الانسجام الفكري  والاجتماعي والمادي كي تنجح العلاقة بشكل صحيح، وفي ما يتعلق بالزواج عبر الآلية الالكترونية فهي خطوة جيدة من شأنها ان تسهل الكثير من المعاملات والاجراءات بل من الافضل ان تشمل مختلف القطاعات ولا تقتصر على الزواج فقط، وهي بمقدورها ايضاً ان تخفف من العبء المادي الذي يقع على كاهل الخطيبين عندما يقرران أن ينجزا معاملة الزواج، اذ تكون هناك استحقاقات مادية خصوصاً عند تكليف قانوني

بانجاز الاجراءات المختلفة.

 

القضاء على البيروقراطية

القاضي ناصر عمران الموسوي يرى ان مشروع عقد الزواج الالكتروني الذي تم تنفيذه جزئياً في العراق من قبل مجلس القضاء الاعلى يشكل خطوة مهمة باتجاه تطبيق الحوكمة الالكترونية التي تسعى للقضاء على البيروقراطية الادارية، وتسهيل الاجراءات المختلفة وتقديم الخدمات للمواطنين بشكل سريع وبجهد اقل، ويحقق تنفيذ هذا المشروع عدة اهداف، اضافة الى ما ذكر واهمها خلق حلقة اتصال متعددة الاتجاهات بين الدوائر الحكومية ، فمن خلال هذا المشروع سيكون هناك اتصال الكتروني مباشر بين دائرتي الصحة والمحاكم عبر ارسال تقارير الفحص الطبي، وهذا التواصل سيتسع في المخاطبات بين الدوائر ذات العلاقة المرتبطة بتنظيم العقد والتي ستشكل بعد ذلك شبكة عنكبوتية، الامر الذي سيقضي تماماً على المخاطبات الرسمية بين الدوائر، وسيؤدي الى سرعة في الانجاز، اضافة الى منع حالات التزوير التي ربما ستكون حاضرة في المخاطبات والتي يستغلها المزورون وضعاف النفوس، كما انها ستخلق ملفاً الكترونياً لعقد الزواج الخاص بطرفي العقد.