فرصةٌ لتحويلِ النفاياتِ إلى كهرباء

تحقيقات وتقارير
  • 12-03-2019, 06:06
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
أصبح الانتشار العشوائي لأماكن تجمع النفايات على الجزرات الوسطية وفي الساحات العامة قرب المدارس والبيوت من المناظر المألوفة في أغلب أحياء العاصمة بغداد ، ومازالت الطرق البدائية في رفع النفايات بواسطة سيارات الحمل المكشوفة وتناثر البعض منها في الطرقات اثناء عمليات النقل لاماكن تسمى ( الطمر الصحي) ، وهذه هي الاخرى تشوبها مخالفات صحية وبيئية كثيرة ، لقربها من مناطق سكنية وصناعية خصوصا مع تكدس آلاف الأطنان وتوسع مساحتها بشكل يومي ، الأمر الذي لا يخلو من وجود تلوث بيئي غير معلن سيعود بضرر كبير على الوضع الصحي مع تباطؤ فرص حل مشكلة النفايات بشكل جذري . 
 
مناشدة
حل مشكلة انتشار النفايات في الشوارع ووسط الاحياء السكنية بحاجة الى تسريع الخطوات وتجاوز عقبات الروتين الاداري ، فتبادل الاتهامات بتحمل مسؤوليات عرقلة المشاريع الاستثمارية الخدمية وتاخير تنفيذها اصبح احد هموم الواقع الخدمي في حياة المواطن العراقي . امانة بغداد ناشدت الامانة العامة لمجلس الوزراء 
بضرورة الاسراع بحسم احالة قطاع النفايات الى الاستثمار لأهميته للواقع الخدمي للعاصمة.
في احياء ومناطق مختلفة في مدن الشعب والصدر والطالبية وحي اور تنتشر اكداس النفايات قرب الحاويات لتتجاوزها على الارصفة والشوارع ، فكمياتها يفوق حجم الحاويات التي لم تعد تكفي لاستيعاب الكميات الكبيرة التي تطرحها المحال والبيوت والمعامل والورش، بالاضافة الى المهن والاحياء العشوائية التي تكتظ في اغلب احياء العاصمة بغداد ، يقول علي عبد الواحد (32) صاحب اسواق بقالة في منطقة الشعب : إن اغلب المحال والبيوت القريبة من السوق تقوم برمي النفايات في الجزرة الوسطية من الشارع  بعد ان تمتلئ الحاوية الصغيرة خلال نصف نهار ، وبعد امتلائها تنتشر النفايات في الشارع ويصبح المكان مرتعا للحيوانات في الليل والنهار وبعد مرور 24 ساعة فقط تتوسع مساحة الازبال الى جانبي الشارع بمنظر مزرٍ مع الخطورة الصحية والبيئية التي يمكن من خلالها ان تنتشر امراض مختلفة وخصوصا في فصل الصيف .  
 
أطراف
رفع النفايات من الشوارع والاحياء السكنية مازال يتم بوسائل بدائية بواسطة سيارات حمل اهلية مكشوفة بعضها غير مخصص لحمل النفايات بالاضافة الى وجود سيارات( كابسات) متخصصة تابعة للامانة ، لكن اعدادها غير كافية لتغطية جميع الاحياء والازقة في بغداد ، احمد حسن السراي باحث في مجال البيئة بين ان مشكلة تراكم النفايات في الشوارع والازقة سببها طرفان : المواطن وامانة بغداد، فالجانب المتعلق بالمواطن هو غياب الثقافة العامة والمجتمعية التي لا تمنع الافراد من إلقاء النفايات بطرق عشوائية في الساحات العامة وفي الجزرات الوسطية والشوارع، لامشكلة لدى المواطن في اخراج النفايات من بيته والقائها في اقرب مكان على قارعة الطريق.
واضاف السراي وإن ما يخص امانة بغداد فهو تمسكها بالحلول الترقيعية على مدى 15 عاما مضت من دون ان تضع خطة ستراتيجية عملاقة لحل مشكلة النفايات ومشاكل اخرى كثيرة، فهي مازالت تتحدث عن خطط ومشاريع لم تر النور واستسهلت الطرق البدائية التي اضرت بالبيئة وسينعكس ضررها الصحي على المواطن من خلال انتشار اوبئة وامراض لاحصر لها ، وحتى مواقع الطمر الصحي التي تنتشر في مناطق مختلفة من اطراف العاصمة هي اصلا مواقع غير مدروسة ولايمكن ان تتوافر فيها شروط صحية 
يمكن ان تجنب البيئة والانسان خطر التلوث. 
 
تجارب 
برغم اطلاع امانة بغداد على تجارب دول مختلفة في عملية اعادة تدوير النفايات والاستفادة منها في الطاقة بدلا عن التلوث البيئي الذي يمكن ان تسببه من عمليات الطمر في مساحات واسعة من التربة ، الا انها لم تستفد من اي تجربة ولم تتبن مشروعا محددا في السنوات السابقة ، الباحث المهندس في مجال الطاقة والبيئة سلمان حسن قال : لا يوجد تنسيق مشترك بين المؤسسات الحكومية في تبني مشاريع مشتركة ، فالبيئة عندما كانت وزارة مستقلة بذاتها او بعد ان دمجت مع الصحة، لم تلتفت او تضغط لحل مشكلة النفايات بشكل حقيقي، فما هي الاعذار من عدم نصب معامل تدوير النفايات وتحويلها الى طاقة كهربائية واعلاف حيوانية على مدى سنوات مضت ، سواء عن طريق المستثمرين الاجانب او الشركات، حتما ان الفساد هو احد الاسباب التي عطلت مشاريع عديدة تمس حياة المواطنين، لكن مع استمرار الانتشار العشوائي للنفايات وسط الشوارع والازقة ورفعها بطرق واساليب بدائية مثيرة للسخرية، لابد من ايجاد حلول جذرية وسريعة عن طريق الاستثمار،  بدلا من الدراسات والخطط التي نسمع عنها في الاعلام ، واضاف حسن أن ما كشفته امانة بغداد من عروض لشركات تشتري النفايات وتحويلها الى طاقة كهربائية، لابد ان يتم استغلالها في اسرع وقت وعدم تمييع هذه العروض بسبب رغبات وخلافات مصالح  تسد الابواب امام الشركات والمستثمرين وتبقي على اوضاع اصبحت لا تليق ببغداد كعاصمة والعراق كدولة .     
 
ضرورة
الباحث الاقتصادي سلمان علي الغانمي ابدى ضرورة اعطاء المستثمرين الاجانب فرصة كبيرة في مجال شراء النفايات وابداء كافة التسهيلات الادارية من اجل التخلص من انتشار مواقع الطمر غير الصحية والاستفادة من بناء مصانع للطاقة الكهربائية التي تعتمد على غاز الميثان المستخرج من حرق النفايات، فهناك دول استفادت من هذه المشاريع منذ سنوات وحافظت على نظام بيئي صحي متوازن ، لدينا مئات الاف الاطنان تتكدس شهريا في احياء العاصمة بغداد لوحدها بغض النظر عن باقي المدن العراقية الاخرى ، فما هو المانع من تعطيل مثل هكذا مشروع اصلا ، خصوصا وان الشركات الاجنبية هي التي ستدفع الاموال وتنتج 
الطاقة. 
واضاف الغانمي أن مشكلة النفايات ليست لها علاقة بالتخصيصات المالية ولاتحتاج سوى الى جراءة وحزم بقرار حريص على بيئة وصحة المواطن العراقي. 
                                                   عروض
 امانة بغداد كشفت عن تقديم 28 شركة اجنبية عروضا لشراء النفايات وتحويلها الى طاقة كهربائية، وناشدت الامانة العامة لمجلس الوزراء بضرورة الاسراع بحسم احالة قطاع النفايات الى الاستثمار لأهميته للواقع الخدمي للعاصمة، معاون مدير دائرة البيئة والمخلفات الصلبة في الامانة وسمي عبد الامير قال : إن الامانة تدرس عروضا مقدمة من 28 شركة اجنبية لشراء النفايات وتحويلها الى طاقة كهربائية، كاشفا عن مناشدة الامانة العامة لمجلس الوزراء بضرورة الاسراع باحالة قطاع النفايات الى الاستثمار بعد ترشيح ثلاث شركات متخصصة قدمت طلبات لاستثمار النفايات. واضاف ان العروض الاستثمارية تشمل ثلاثة اشكال: الاول  بتحويل 2000 طن يوميا، والثاني تحويل خمسة الاف طن يوميا، الى جانب العرض الاخير الذي ينص على استثمار جميع نفايات العاصمة التي تتراوح بين (8 – 9) الاف طن يوميا لسد حاجة بغداد كليا من الطاقة الكهربائية. وبين عبد الامير ان الهدف من احالة قطاع النفايات الى الاستثمار، هو توفير الاموال المخصصة شهريا لطمر النفايات والبالغة 250 مليون دينار بالرغم من عدم الحصول على موافقات بيئية من وزارة الصحة لموقعي ابو غريب والنباعي اللذين يستقبلان يوميا اكثر من ثمانية الاف طن من النفايات، اضافة الى تقليل نسب التلوث وانتشار الامراض والاوبئة التي قد تخلفها مواقع الطمر 
الصحي. 
واكد ان احدى الشركات قدمت عرضا لشراء الطن الواحد من النفايات بمبلغ  خمسة دولارات ومن ثم تبيع الطاقة المنتجة لصالح وزارة الكهرباء بـ4,5 سنتات لكل كيلو واط، بينما تشير الاحصائيات الى استيراد الكيلو واط من دول الجوار بـ 11 سنتا، مفصحا عن ان الامانة اعدت ثمانية معايير لاختيار الجهة المقدمة، هي:  تحديد كلفة التنفيذ وطريقة التعبئة المستخدمة وكمية الطاقة الكهربائية المنتجة والجانب الاقتصادي واختزال الوقت والعمل بالنسبة للجهد الالي 
والبشري. 
واردف معاون مدير دائرة البيئة والمخلفات الصلبة ان المعايير المعدة للاحالة تضمنت ايضا ضرورة انعدام نسب التلوث واعتماد الطرق المثلى لاستثمار النفايات لاستخراج غاز الميثان المولد للطاقة الكهربائية، فضلا عن الافادة من المتبقي منها كسماد وعلف للحيوانات.
المصدر : الصباح