موسع.. رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة مواجهة الفكر المتطرف وعزله

سياسية
  • 7-02-2019, 10:59
+A -A

 

بغداد- واع

أكد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح ان "حريةُ التفكيرِ والتعبير عن الرأي مكفولةُ دستورياً في العراقِ الديمقراطي تعززها حريةُ حركةِ الكتاب وتجاوزُ أيِّ رقابةٍ على الفكرِ، طالما كان الفكرُ يعززُ الحريةَ والسلامَ وكرامةَ الإنسان وحسنَ التعايش ما بين البشر".

واشار صالح، لدى افتتاحه اليوم الخميس، معرض بغداد الدولي للكتاب، الى ان "مواجهة الفكر المتطرف وعزله في هذه الظروف مهم جداً طالما يجري استخدامه من أجل إشاعة الكراهية ونزعات التكفير والقتل"، مضيفاً " أن الحياة السياسية العراقية هي في مرحلة تحول يجب معها تعزيز النصر على الإرهاب والعنف بالمزيد من الاجراءات والاصلاحات التي تجعل منه نصراً حاسماً"، مبينا ان هذا يتطلب القيام "ببعض الاجراءات التنفيذية والتشريعية والاجتماعية والثقافية، لكنه يظل يتطلب أيضاً عملاً إقليميا متضافراً ومسؤولاً حتى بلوغنا جميعاً بيئةً إقليمية نظيفةً من دواعي نشوءِ ونمو وتكاثر الإرهابِ فكراً وعملاً".

واوضح رئيس الجمهورية ان "بغداد اليوم سوقٌ كبيرة للكتاب وهي بكتّابِها ومفكريها، منتجٌ حيويٌّ للكتاب، ثم هاهي الآن في طورٍ متنامٍ لصناعةِ الكتاب ونشره وتوزيعه، وقدرُ هذه المدينة أنها مركزٌ حيٌّ ما بين الشرقِ والغرب،مثمنا  قرار مجلس الوزراء بخفض  الضرائب على الكتاب المستورد، معربا عن امله في ان يتم الاعفاء الضريبي التام عن الكتاب اسهاما في وصوله للقارئ العراقي بسعر مناسب".

وأضاف " أقف هنا بأسف واستنكار شديدين إزاء جريمة اغتيال الكاتب الراحل علاء مشذوب، هذه الجريمة تفرض علينا، كمسؤولين وكمجتمع، العملَ بجهد استثنائي لكشف الجناة والقبض عليهم وإحالتهم للعدالة، والعمل أيضا بجهد فاعل، أمنياً واستخبارياً وسياسياً واجتماعياً، لأن تكون هذه الجريمة دافعاً آخر لاجتثاث العنف والارهاب وأي تهديد لحياة وأمن وكرامة المواطن".

وتجول الرئيس صالح برفقة السيدة الأولى سرباغ صالح ووزير الثقافة والسياحة والآثار وعدد من كبار المسؤولين، في أجنحة المعرض، مطلعا على اهم النتاجات الادبية المحلية والعربية والعالمية التي تم عرضها، كما استمع سيادته الى اراء وطروحات عدد من اصحاب دور النشر المشاركة.

وفي ما يلي نص كلمة رئيس الجمهورية:


"بسم الله الرحمن الرحيم

(إقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم)

السيدات والسادة الحضور

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحيّي بدءاً الضيوفَ من كتابٍ وشعراء ومفكرين وناشرين، ضيوفَ بغداد والعراق.

أعربُ عن ثقة أكيدةٍ بأن زيارتَكم وإسهامَكم في فعالياتِ معرضِ بغداد الدولي للكتاب سيكون مشاركةً حيويةً فاعلة إلى جنبِ زملائِكم من كتّابِ العراقِ ومفكريه وشعرائِه وناشريه، وبما يغني حياةَ الثقافةِ والمعرفةِ والجمال.

تمنياتي أن تكونَ أوقاتُكم ببغدادَ بلُطفِ هذا الربيع المبكّر، في الطقسِ، وفي دورة حياةِ الكتابِ والفكرِ في بغداد.

تاريخُ بغداد وراهنُها كانا دائماً وثيقَي الصلةِ بالكتابِ وبحضارةِ الكتاب.

لم يقف هذا فقط عند الماضي؛ عند بغداد حاضرة الدولة العباسية وعصرها الذهبي، وبيت الحكمة فيها، وسوق الوراقين، ومجالس العلم والعلماء والأدباء، ومدارس الجدل الفكري في جوامعها وجامعاتها، وتقدير خليفتها المأمون الكتابَ بميزان الذهب، بل أن حاضرَ بغداد، بدءاً من نهوضها الأول مطالع القرن العشرين، كان حضوراً حيوياً للثقافةِ والمعرفةِ ولاختصارِ الزمن في صنعِ الحياةِ المدنية والتأسيس لتقاليدَ احتُرمَ بموجبِها الكتاب، وهكذا أضحت بغداد سوقاً أساسية للكتاب في العالم العربي.

بغدادُ اليوم سوقٌ كبيرة للكتاب، وهي، بكتّابِها ومفكريها، منتجٌ حيويٌّ للكتاب، ثم ها هي الآن في طورٍ متنامٍ لصناعةِ الكتاب ونشره وتوزيعه.

وقدرُ هذه المدينة أنها مركزٌ حيٌّ ما بين الشرقِ والغرب. على أيدي مفكريها ومترجميها جرى نقل وتفاعل المعارف والعلوم من شرقي الأرض وغربيِّها، وبخزائن كتبِها تم حفظ التراث الإنساني، وبتنوع مناهج التفكير لدى علمائها اغتنت المعرفة جدلاً وتفاعلاً. هكذا أسهمت بغداد في صنع المدنية، وهكذا كانت مناراً للإبداع.

وهكذا أسهمت، ويجب أن تواصلَ إسهامَها، في البناءِ الحضاريِّ وفي تفاعلِ الحضاراتِ والتقائِها.

ولا بناءَ ولا تفاعلَ من دون دورٍ حيوي للثقافةِ والمثقفين، ومن دون الكتاب.

تمنياتي أن تكونَ أيامُ هذا المعرض مناسبةً لتعزيزِ حركةِ الفكرِ والثقافة ولتقدير الحاجةِ المتناميةِ للكتاب وحريةِ انتقالِه وتداولِه وانتشارِه بما يعزز حضارةَ الإنسان وتقدمَها ورفعتَها وتعزيز الحياة المدنية في بغداد.

أشيرُ هنا باعتزاز إلى حرصِ كبرياتِ دور النشر في البلادِ العربية من أجل الاشتراك بمعرضِ بغداد والوصولِ إلى القارئ العراقي من خلالِه.

نؤكد حرصَنا المقابل، في سلطاتِ الدولةِ العراقية، على تذليلِ كافةِ الصعابِ التي قد تواجه حركةَ الكتابِ وانتقالَه. وأشير بتقدير على قرار الأخ رئيس مجلس الوزراء قبل ايام بخفض الضرائب على الكتاب المستورد، سنطمح أكثر من أجل إعفاء ضريبي تام عن الكتاب مقابل التأكيد على الناشرين والباعة على خفض سعره للقارئ العراقي.

حريةُ التفكيرِ والتعبير عن الرأي مكفولةُ دستورياً في العراقِ الديمقراطي تعززها حريةُ الكتاب وتجاوزُ أيِّ رقابةٍ على الفكرِ طالما كان الفكرُ يعززُ الحريةَ والسلامَ وكرامةَ الإنسان وحسنَ التعايش ما بين البشر. الأفكارُ تقابلها الأفكارُ لا المنعُ والقسرً والفرضً بالقوة.

مهم جداً في هذه الظروف مواجهة الفكر المتطرف وعزله طالما يجري استخدامه من أجل إشاعة الكراهية ونزعات التكفير والقتل.

وما دمنا قد اقتربنا من السياسية، من خلال أخطر تحدياتها، وهو التحدي الإرهابي، أشير إلى أن الحياة السياسية العراقية هي في مرحلة تحول يجب معه تعزيز النصر على الإرهاب والعنف بالمزيد من الإصلاحات والاجراءات التي تجعل منه نصراً حاسماً.

يمكن هذا ببعض الاجراءات التنفيذية والتشريعية والاجتماعية والثقافية، لكنه يظل يتطلب أيضاً عملاً إقليميا متظافراً ومسؤولاً حتى بلوغنا جميعاً بيئةً إقليمية نظيفةً من دواعي نشوءِ ونمو وتكاثر الإرهابِ فكراً وعملاً.

أقف هنا أيضاً بأسف واستنكار شديدين إزاء جريمة اغتيال الكاتب الراحل علاء مشذوب. هذه الجريمة تفرض علينا، كمسؤولين وكمجتمع، العملَ بجهد استثنائي لكشف الجناة والقبض عليهم وإحالتهم للعدالة، والعمل أيضا بجهد فاعل، أمنياً واستخبارياً وسياسياً واجتماعياً، لأن تكون هذه الجريمة دافعاً آخر لاجتثاث العنف والارهاب وأي تهديد لحياة وأمن وكرامة المواطن في هذا البلد.

حتماً، ضيوفنا الكرام، ستتاحُ لكم فرصةُ زيارة شارع المتنبي، شارعِ الكتب والقراءة والإبداع.

بجهودٍ وحيويةِ للمثقفين العراقيين أضحى المتنبي ظاهرةً ثقافية لافتة في المنطقة والعالم.

في أسوأ سنواتِ العنفِ والإرهاب ظلّ هذا الشارعُ حياً وحيوياً بمكتباتِه ومثقفيه وبباعة الكتبِ فيه وبالحضور المتعاظم لجمهور القراء من مختلف طبقات وفئات الشعب. وكان هذا رداً عظيماً على جريمةِ تفجيرِ الشارع البشعة.

هذه هي بغدادُ وهؤلاء هم البغداديون.

الكتابُ والمثقفين جزءٌ أساس من الحياةِ اليومية لمدينةٍ حفظ لها التاريخ وابناؤها لها هذا الدور.

وقبل أيام، في غضونِ هذا الأسبوع، أيضاً انطلقت ببغداد دورةٌ سنوية جديدةٌ لفعاليةٍ شبابية تكرستْ منذ سنواتٍ متخذةً من شعار (أنا عراقي أنا اقرأ)، حيث تُقام فعالياتٌ عامة للقراءة، يكون فيها الكتابُ متاحاً للجميع، فيما يكون الكتّابُ والأدباءُ بمواجهة مباشرةٍ مع قرائِهم.

هذه الفعالية هي الأخرى وجدت صدىً لها في مدنِ العراق الأخرى، وأُقيمت نشاطاتٌ لها في أكثر من مدينةٍ خارج العاصمة.

أذكر هنا باعتزازٍ أن أولَ فعاليةٍ مدنيةٍ انطلقت في الموصل بعد تحريرِها من الإرهاب الداعشي كانت فعالية (أنا عراقي أنا أقرأ).

كانت هذه بمبادرةٍ من شبّان المدينةِ وناشطيها ومثقفيها.

وكان هذا رداً اجتماعياً بليغاً ضد التكفير والإجرام وضد الإرهاب وضد محرقةِ كتب جامعة الموصل على أيدي ظلاميي العصر.

أقدر فعلاً معاناة المؤلفين والناشرين وحتى المطابع، منذ التسيعينات جراء بعض الاجراءاتِ المتراكمة المتبقية من الحصار وقوانينَ سابقةٍ للنظامِ الدكتاتوري المنهار والذي قيّد بموجبها تصديرَ وإخراجَ الكتاب العراقي، هذا ما يجبُ العمل على الانتهاءِ منه بأسرعِ وقت. وذلك من خلال تشريعات قانونية تحفظ حقوق التأليف والملكية الفكرية.

وربما يعاني الناشرون أيضاً، ومعهم المؤلفون، من مشكلات عدم احترام الحقوق في نقل الكتب إلى شبكة الانترنيت.

هذه مشكلة تجب مراعاتها ومراعاة أن مستقبل الكتاب عبر نوافذ الإنترنيت، نشراً وتسويقاً ومطالعةً، هي تحديات قد تزعج الناشرين والطباعين، لكن هذه هي الحياة وهذا هو التقدمُ المتسارع لعالمنا وواجبنا أن نتأقلم ونستفيد من هذه التطورات.

لا أريد، أيها السيدات والسادة، الإطالةَ عليكم.

أنا مثلكم أحتاجُ إلى وقتٍ لجولةٍ ما بين الكتبِ وسحرها.

أحيّي في الختام جميعَ الجهود التي أسهمت في هذا اللقاءِ الحضاري الذي وضعنا أمامَ عالمِ الكتبِ والكتابة.

آمل للقراء العراقيين الذين سيفدون إلى المعرضِ، رجالاً ونساءً وأطفالاً، أن يجدوا ما يُشبع حاجاتِهم الروحيةَ والعقلية.

كلُّ التمنياتِ بأن تكونَ أيامُ المعرض ربيعاً للكتاب والمعرفة والثقافة.

شكراً لجهودكم.

ومرحباً ثانيةً بكل الضيوف الأكارم.

أتمنى لكم أوقاتاً سعيدة ومعرضاً ناجحاً."

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام