عراقيون في شيلة: "روشة اسطنبول" على البحر الأسود

تحقيقات وتقارير
  • 12-11-2018, 15:17
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
تتمتع شيلة بساحل جميل ذي امتدادات صخرية ورميلة خصص قسم واسع منه لمرسى تتوقف عنده السفن واليخوت والقوارب القادمة من جهات مختلفة، وتنطلق إلى سواحل أخرى، داخل تركيا وخارجها، معطيا شيلة وجهة جديدة حيث صارت محطة إبحار في مياه البحر الأسود. وخُصصت أقسام أخرى من ساحل شيلة للتنزه بينها "متنزه الميناء" الذي يكتظ بالعوائل في ساعات المساء لتسلية الأطفال بمختلف الألعاب المجانية. وتقول سجى إبراهيم، وهي طفلة عراقية قدمت مع عائلتها من منطقة باهجه شهير في اسطنبول، إن "هذا المتنزه أجمل وأكبر من المتنزهات الموجودة في منطقتنا". ويضم الساحل شاطئا رمليا (بلاج) يحرص على نظافته وأمنه مشرفون يعمل تحت إمرتهم أكثر من فريق. ويذكر بنيامين أوسكاي، أحد المشرفين على الشاطئ، إن "فرقنا تحدد مواقع مقاعد رواد الشاطئ والمظلات عند حدود قانونية لا نسمح بتجاوزها، كما لا نسمح بإدخال المقاعد للمياه، ونحدد بواسطة أشرطة تنبيه منطقة الاستلقاء، ومنطقة السباحة". وتعد بلدية شيلة إحدى الجهات الأساسية المسؤولة عن تنظيم ارتياد الشاطئ، ويمنع موظفوها الباعة غير المرخصين من استغلال رواد الشاطئ بفرض أسعار عالية على المأكولات والمشروبات لضمان شعورهم بالأمان والراحة. وعبّر أحمد سمير، وهو سائح عراقي قادم من بغداد، عن شعوره بالرضا والمتعة بعد ساعات قضاها على الشاطئ. واستذكر سمير أكثر من مدينة ساحلية زارها في أوقات سابقة، لكنه وجد أن "ساحل شيلة يذكرني بساحل بيروت، وتحديدا عند منطقة الروشة حيث توجد صخور متشابهة هنا وهناك". وتقع على امتداد الساحل مجموعة فنادق سياحية يحوي بعضها مسابح لمن يفضلون الاستجمام بعيدا عن الرمال. البحيرة المخفية وتبعد البحيرة المخفية بضعة كيلومترات عن مركز شيلة، ولا سبيل للوصول إليها غير سيارة خاصة أو سيارة أجرة (تكسي). وتسمى البحيرة بالمخفية لأنها لا تظهر أمام العين إلا عند الوصول إليها، كونها محاطة بتلال خضراء وغابات من جميع جوانبها. واستثمر أصحاب مطاعم ومقاهي جانبا من جوانب البحيرة لتأمين وجبات طعام وشراب للسياح وهم يطلون على البحيرة. ويُخيّر السياح بين طلب الطعام الجاهز، والذي تغلب عليه المشويات، أو شراء اللحوم لشوائها بأنفسهم بعد تزويدهم بمناقل وكل ما يحتاجه الشواء. وتُشاهد في البحيرة أسماك بأحجام صغيرة وطيور مائية وسلاحف، كما يحيط بالبحيرة طريق بمسافة 3 كيلومترات لهواة التجوال وسط الطبيعة. ويقصد البحيرة يوميا عرسان كثر لالتقاط صور الزفاف التذكارية، وقد بنيت قرب البحيرة غرفة لارتداء ملابس العرس، قبل التجول حول البحيرة والغابات، لتوثيق لحظات السعادة فوتوغرافيا. واعتاد الأتراك على التقاط صور العرس في أماكن جميلة عند سواحل البحار والبحيرات، أو الغابات والمتنزهات، والمواقع المشهورة. ويقول دنيز أوزكوك، وهو مصور أعراس، إن "جمال البحيرة ومحيطها يوفران بيئة مناسبة لالتقاط الصور، وما على المصور إلا أن يهيئ كاميرته للالتقاط، فأين ما يدير العدسة يجد موقعا جميلا". سوق شيلة ويضم سوق شيلة على جانبي شارع رئيس العديد من المحلات التجارية، والمطاعم والمقاهي المطلة على البحر. ويفتح السوق أبوابه للزبائن من الصباح وحتى منتصف الليل، ولكن مرور السيارات فيه يُقطع عند الساعة السابعة مساء وحتى منتصف الليل، حيث يُسمح في هذه الساعات لباعة متنقلين بعرض سلعهم على "بسطات" تتوزع على امتداد السوق. وتتنوع السلع في سوق شيلة بين مأكولات، ومشروبات، وملبوسات مما يحتاجه السائح في السباحة والاستجمام، وهدايا، وتحف، لكن ما يميزه عن غيره من الأسواق تذكارات ومنحوتات مأخوذة عن معالم شيلة، إلى جانب مشغولات يدوية بسيطة، فضلا عن مقتنيات نادرة، وهذه غالية لأنها تعود لزمن بعيد، أو لأنها مصنوعة من مواد ثمينة. وترى هناء الطائي، وهي عراقية مغتربة في ألمانيا كانت تشتري دلة للقهوة من سيدة في محل عطارة، أن سوق شيلة "بسيط ومنوع وجميل، ويناسب منطقة سياحية تجتذب مختلف الناس"، مضيفة "تجد في السوق دلة قهوة نحاس سعرها 10 دولارات، وتجد فيه إبريق شاي فضة سعره 300 دولار". تاريخ شيلة وتعني تسمية شيلة – Şile باللغة التركية المردقوش – mercanköşk وهي نبتة عطرية من مجموعة النعناع. ويعود تاريخ المنطقة إلى العام 700 قبل الميلاد، وقد وقعت تحت سيطرة حضارات عديدة بينها الرومانية والبيزنطية والسلجوقية والعثمانية. وتمركز الأتراك في شيلة إبان العهد العثماني، حتى أن أسماء المحلات السكنية الحالية فيها أخذت من أسماء الشخصيات البارزة أيام حكم السلطان يلدرم بيازيد المعروف باسم بايزيد الأول (1360 – 1403). وتأسست بلدية شيلة عام 1923 بالتزامن مع إعلان قيام الجمهورية التركية الحديثة بزعامة مصطفى كمال أتاتورك على أنقاض الدولة العثمانية. وتحتفل شيلة في 1 تموز من كل عام باليوم البحري - ذكرى الاستقلال والسيادة على المياه. وأحيت المدينة في تموز الحالي الذكرى الثانية والتسعين لهذه المناسبة، بمشاركة قائم مقامية شيلة، وقيادة الحامية البحرية، والبلدية. وشملت مراسم الإحياء إلقاء إكليل من الزهور في مياه البحر تخليدا لذكرى الشهداء الذين وقعوا دفاعا عن استقلال تركيا وتأسيس الجمهورية الحديثة، واستعراض قارب عمره 150 عاما، ومسابقة للسباحة.