تركيا: حراك قوي للمعارضة يمهد لتحالفات الانتخابات

تحقيقات وتقارير
  • 12-11-2018, 15:17
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
nbsp; اسطنبول –واع تقرير-- فراس سعدون حين كان كمال كلجدار أوغلو، زعيم المعارضة التركية، يصافح بيمناه مرال أكشنار الزعيمة القومية المناهضة للقضية الكردية، أمس الخميس، وهما يبتسمان للكاميرا؛ كان يحمل بيسراه كتاب "أساطير الأناضول الثلاث" لكمال يشار الكاتب الكردي الشهير المدافع عن القضية الكردية! أمن الانتخابات قبل التحالف كلجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP) أقدم الأحزاب السياسية التركية، حمل نفسه وزار أكشنار، رئيسة الحزب الجيد (IYI Party) أحدث الأحزاب السياسية التركية، في إطار مساعي العمل على تحقيق تفاهمات تستبق تشكيل تحالف معارض لتحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) مع حزب الحركة القومية (MHP) الذي انشقت عنه أكشنار. وناقش الرئيسان الحزبيان أهمية "أمن صناديق الاقتراع" بعد تغييرات في قانون الانتخابات تتيح للسلطات نقل الصناديق من أماكن غير آمنة إلى أخرى. وفي مؤتمر صحفي مشترك قال كلجدار أوغلو "يجب على الجميع الذهاب إلى صناديق الاقتراع واستخدام أصواتهم بكل ثقة". وتابع "سنحمي جميع صناديق الاقتراع وسنكافح معا لتحقيق ديموقراطية قوية في هذا البلد". وعقد كلجدار أوغلو اجتماعات سابقة مع حزب الشعوب الديموقراطي (HDP – ممثل الأكراد في البرلمان التركي)، وحزب السعادة (SP)، والحزب الديموقراطي (DP)، بشأن "أمن الانتخابات"، وليس لتشكيل تحالف رسمي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها العام المقبل، مؤكدا "عبرنا بشكل متبادل عن حساسيتنا بشأن الأمن الانتخابي". وأيد الحزب الجيد ترشيح زعيمته أكشنار لخوض الانتخابات الرئاسية أمام رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان. واجتمعت أكشنار هي الأخرى مع حزبي السعادة والديموقراطي واتفقت معهما على تشكيل تحالف بعد التأهل إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لا قبله. وفقا للنظام الانتخابي، سيكون على المرشح الحصول على 50 بالمائة من الأصوات للفوز بالمقعد الرئاسي في الجولة الأولى. ولكن إذا لم يحصل أي من المرشحين على 50 بالمائة في المرحلة الأولى، فإن المرشحين الأولين اللذين يحصلان على أعلى الأصوات في المرحلة الأولى سيتنافسان في الجولة الثانية. مخاوف التعديلات الانتخابية وصادّق إردوغان على حزمة تعديلات في قانون الانتخابات أقرها البرلمان، الثلاثاء 13 آذار الماضي، لتسفر عن عراك بالأيدي تحت قبته بين المؤيدين والمعارضين، وجدل واسع في الأوساط السياسية والمعنية. وتتيح التعديلات تشكيل تحالفات انتخابية، في تمهيد للطريق أمام تحالف العدالة والتنمية والحركة القومية (تحالف الشعب الذي نجح أيضا في ضم حزب الاتحاد الكبير برئاسة مطفى دستيجي المنشق عن الحركة القومية) - الذي أعلنه إردوغان وزعيم حزب الحركة القومية، دولت باهجه لي، لأول مرة الشهر الماضي، بعد إعلان (باهجه لي) أن حزبه لن يرشح شخصية تنافس إردوغان في الانتخابات، وسيدعمه. ويقضي قانون الانتخابات، قبل التعديلات، بحصول أي حزب مشارك في الاقتراع على 10% من أصوات الناخبين، كحد أدنى، للفوز ودخول البرلمان، لكن تعديلات القانون تنص على أنه في حال تخطي التحالف الانتخابي النسبة (10%) فستكون جميع الأحزاب المشاركة في التحالف قد تخطتها أيضا، وهو أمر احتسبته المعارضة إنقاذا لحزب الحركة القومية إثر نتائج استطلاعات أفادت بأنه لن يكون قادرا على تحقيق النسبة فيما لو دخل الانتخابات بمفرده. واعترض على التعديلات الانتخابية (CHP) حزب مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، بدعوى أن التعديلات قد تحرم حزبا ينال 100 ألف صوت من الحصول على مقعد واحد في البرلمان، في حين قد تمكّن حزبا يحوز 20 ألف صوت فقط متحالفا مع حزب يحقق 90 ألف صوت من أخذ غالبية مقاعد البرلمان. تحالفات الحزب الحاكم وأحدث إردوغان وباهجه لي تغييرا جوهريا في الحياة السياسية، العام الماضي، بعدما مررا تعديل الدستور في البرلمان وأنجحا التصويت الشعبي لصالحه، وهو تعديل يسمح بتحول النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، ويكرس الصلاحيات التنفيذية بيد الرئيس ويلغي منصب رئيس الوزراء عقب انتخابات 2019. باهجه لي الذي كان من أشد منتقدي إردوغان إنما غير نهجه جراء منع إردوغان، بواسطة الشرطة، انعقاد مؤتمر عام لحزب الحركة القومية دعا إليه منشقون عن الحركة، على رأسهم أكشنار، بهدف الإطاحة بباهجه لي من رئاسة الحزب والحيلولة دون مشاركته في تعديل الدستور. هذا التحرك الذي يعود لأيار 2016 ضمن فيه إردوغان تأييد باهجه لي المستمر حتى الآن، في حين أسفر عن تأسيس المنشقين القوميين "الحزب الجيد" برئاسة أكشنار وزيرة الداخلية الأسبق الموصوفة بالمستذئبة. وعلى الرغم من أن إردوغان محسوب على "التيار المحافظ"، وباهجه لي على "اليمين المتطرف"؛ فإن الثاني يؤيد الأول في سياسة محاربة الإرهاب (المعرّفة رسميا بمكافحة منظمات داعش وغولن - المتهم بالوقوف وراء محاولة انقلاب 2016 - فضلا عن التنظيمات الكردية المسلحة المعادية لأنقرة). ولا يعني تحالف الرجلين، بالضرورة، هيمنتهما على الحياة السياسية، فبالكاد تمكنا من تحقيق غالبية ضئيلة (51%) لصالح تعديل الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي، ما يعني أن نحو نصف المقترعين ضدهما. تحالفات المعارضة هذه النتيجة التي تريد المعارضة قلبها في انتخابات 2019 تعد أساس مباحثات لعقد تحالف كبير معارض محتمل بين حزب الشعب الجمهوري (المعارض الأول لإردوغان)، والحزب الجيد (المعارض الأول لباهجه لي)، وحزب السعادة (الذي انشق عنه مؤسسو حزب العدالة والتنمية الحاكم) ويرأسه حاليا تمل كرم الله أوغلو. وتتحفظ الأحزاب الثلاثة على مناقشة ضم حزب الشعوب الديموقراطي لاتهامه حكوميا بأنه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الانفصالي ولدفاعه المتواصل عن التنظيمات الكردية المسلحة حتى في ظل معاركها الحالية ضد أنقرة. وباستثناء الحزب الكردي - الذي يشكل عامل ضعف نظرا لتداعيات معركة عفرين والمعارك المحتملة الأخرى - فإن التحالف المرتقب بين الأحزاب الثلاثة ذات الجمهور الكمالي - العلماني والقومي والإسلامي سيشكل ندا قويا لتحالف الشعب ذي الجمهور الإسلامي - القومي في الانتخابات البرلمانية. أما على صعيد الانتخابات الرئاسية فيجري الهمس باسم الرئيس السابق عبد الله غول لينافس إردوغان كمرشح محتمل عن تحالف المعارضة الذي تردد أن اسمه قد يكون "تحالف المبادئ"، وهو همس لم يؤكده أو ينفيه غول نفسه. وإذا ما شهدت انتخابات 2019 – الذي يتبقى على إجرائها الكثير من الوقت – سباق مرشحي تحالفات لا أحزاب؛ فهذا يعني أن تركيا ستدشن مرحلة جديدة من حياتها السياسية المليئة بالتحولات.