شهدت البلاد نهضة اقتصادية غير مسبوقة، حيث حققت الخطط الحكومية الطموحة نجاحات ملحوظة أبرزها الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الحبوب وتنشيط الأسواق وخلق المنافسة بينها بالإضافة الى النمو الاقتصادي وانخفاض الديون الخارجية الى أدنى مستوياتها.
وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الحكومة عملت على تأسيس نظام محكم للأمن الغذائي قائم على نجاح التكامل بين السياستين الزراعية والمالية"، مبينا أن "الدعم الحكومي لمنتجي الحبوب شكل صمام الأمان في تشجيع الإنتاج الزراعي لمحصول الحبوب والذي بدوره شجع المزارعين على توفير قرابة 6 ملايين طن من الحبوب خلال العام 2024 وهي الكمية التي تتناسب مع حاجة البلاد الى الحبوب، وعدت واحدة من بوابات الأمن الغذائي المعتمد على الذات".
وأوضح، أن "تلك الإجراءات رافقها توفير السلة الغذائية بنوعيات وكميات تمس حياة 40 مليون مواطن، فضلاً عن التوجه لإحياء الأسواق وهي نمط من الاستثمار التجاري التنافسي".
وأشار، الى أن "الشركة العامة للأسواق المركزية هي واحدة من تشكيلات وزارة التجارة، إذ أعلنت عن سياستها الجديدة في شهر آذار الماضي، بأنها مستمرة في إحالة مواقعها وأسواقها للاستثمار بمواجب قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل، بغية تحقيق التوازن الاقتصادي ودعم المستهلك العراقي".
وأردف، أن "السياسة التسويقية للشركة العامة للأسواق المركزية وعبر استراتيجية الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، قد تولت تفعيل نمط من أنماط استقرار السوق بتوفير منافذ تسويقية تنافسية تلامس احتياجات الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل، عن طريق أفضل المنتجات الاستهلاكية من حيث ضمان الجودة واستقرار الاسعار"، مؤكدا أن "هذه المسألة تنسجم مع الدور المحوري الذي يمارسه مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الصادر بموجب القانون 14 لسنة 2010 والذي يصب في حماية حقوق الابتياع من الاحتكار والتلاعب".
واستطرد، أن "الدور الإشرافي والرقابي لوزارة التجارة في تنظيم الأسواق المركزية، يأتي في إطار ما يمكن تسميته (بالأسواق الاستهلاكية المركزية التنافسية) وهي أسواق تشهد منافسة قوية بين الشركات والبائعين لتقديم المنتجات والخدمات الاستهلاكية، حيث تتنافس الشركات على تقديم أفضل الأسعار، وضمان جودة المنتج والخدمات النوعية لجذب المستهلكين، ما يؤدي إلى تحسين التجربة العامة للمستهلك".
واستكمل، أن "الأسواق المركزية التنافسية التي تشغل على أساس الاستثمار من جانب القطاع الخاص تتميز بما يأتي:
1-تنويع المنتجات، وذلك بتوفير مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات من علامات تجارية مختلفة.
2- توليد مناخ مستدام من الأسعار التنافسية وقمع الاحتكار، إذ سيسعى البائعون الى تقديم عروض وخصومات سعرية لتحفيز العملاء على الشراء.
3- توفير خدمات لوجستية للمستهلكين وهي خدمات مضافة مثل خدمات التوصيل، برامج الولاء، أو خدمات ما بعد البيع التي تزيد من جاذبية السوق.
وتابع، أن "الشركات العارضة لمنتجاتها في الاسواق المركزية التنافسية ستمارس (الابتكار) وذلك بتقديم حلول جديدة أو مبتكرة لمنتجاتها أو في كيفية تقديمها، لتبقى جذابة في ظل مناخ جديد من المنافسة في الأسواق المنظمة".
ونوه، بأن "الأسواق المركزية التنافسية، ستعتمد في توفير سبل الوصول اليها، أنظمة توزيع قوية تمكن المستهلكين من الوصول بسهولة إلى المنتجات التي تقدمها الأسواق المركزية".
وأضاف، أن "الأسواق المركزية التنافسية القائمة على الاستثمار، ستمكن الشركات ذات العلامات التجارية الرصينة من ان تستفيد من سعة ودور الأسواق المركزية في عموم البلاد لتقدم على الدوام شيئاً متميزاً يلائم نمط العيش وطرازات الحياة وذلك بتحسين منتجاتها باستخدام أفضل التكنولوجيات لزيادة حصتها السوقية".
أما على صعيد مؤشرات الاستقرار والنمو الاقتصادي، ذكر صالح، أن "النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي قد لامس 6 بالمئة في ظل معدل نمو الاسعار المعتدل جداً ولم يتعد وعلى وفق آخر الأرقام سوى 3.7 بالمئة سنويا ما يعني أن البلاد تشهد استقراراً سعرياً وتنموياً عاليين".
ولفت، الى أن "الديون الخارجية للعراق انخفضت الى أدنى مستوى خلال السنوات الأربعين الأخيرة ولم تتعد 10 مليارات دولار، والحكومة تتبع برنامجاً دقيقاً لتسوية المديونية الخارجية التي لا تشكل نسبة سوى أقل من 9 بالمئة من إجمالي احتياطات البلاد من النقد الأجنبي والتي تقارب 108 مليارات دولار وهي الاحتياطيات الأجنبية الأعلى في تاريخ البلاد النقدي والمالي".
من جانبه أكد الباحث والمختص في الشأن المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، أن "الاقتصاد العراقي خلال الثلاث سنوات الماضية شهد عدداً من التوجهات الصحيحة منها:
1- دعم القطاع الخاص بقانون (تقاعد العمال) رقم 18 لسنة 2023 والذي من شأنه ضمان الحقوق التقاعدية لجميع العاملين في العراق.
2- دعم ثقافة الدفع الإلكتروني التي من شأنها تقديم خدمات مالية ومصرفية عالية المستوى للمواطن وكذلك تحديد موقف السيولة وامتلاك قراءة مالية للسوق.
3- العمل بجدية على إنجاز تصاميم ومتطلبات البدء بمشروع (طريق التنمية) والذي يعتبر أساساً لفتح اقتصاد النقل للعراق والذي هو مشروع مكمل لميناء الفاو.
4- تأسيس لجنة (الجهد الخدمي) التي قدمت خدمات ملموسة في العاصمة بغداد بعد سنوات طويلة من الإهمال والتي من شأنها تحريك سوق العمل والبناء في العاصمة وتقليل تكاليف التنقل والوقت.
5- التوجه نحو المجمعات السكنية (محاذية للمدن) وإعادة التفاوض مع شركة هانو الكورية.
وأشار، الى أنه "بالرغم من تلك الإجراءات فإن الاقتصاد العراقي لا يزال بحاجة الى العديد من الخطوات منها:
1- سياسات نقدية فعالة في (الإقراض - جذب الودائع - تمويل الاستثمار) من شأنها تكوين دورة للنقد من الفائض نحو العجز.
2- بناء القطاع الخاص من خلال وتيرة متسارعة باستخدام نماذج (موازنة قطاع خاص - موازنة قروض) من شأنها تفعيل البنية التحتية للقطاع الخاص من (مدن أو مناطق صناعية أو زراعية اأ سياحية - طرق لخدمة الاستثمار - كهرباء استثمارية) مع موازنة قروض متاحة ومعلومة وبشروط منطقية.
3- حماية المنتج المحلي من خلال (شراء الدولة للمنتج المحلي - غلق الحدود والمنافذ غير الرسمية - دولار صناعي وزراعي).
4- التفاوض الدولي الفعال حول ملفات مثل (إنتاج 25 ألف ميغا واط كهرباء بالآجل مع سيمنز - تأسيس الشركة العالمية لميناء الفاو - زيادة حصة العراق من إنتاج وتصدير النفط).
5- تأسيس صندوق سيادي استثماري (داخلي) بعملة الدولار بعد التفاوض مع الجانب الأمريكي يذهب إليه جزء من إيرادات النفط بالدولار ويدخل باستثمارات محلية آمنة مثل (العقارات - الاستثمارات النفطية والغازية) وغيرها.
6- تأسيس سياسة عقارية تتكون من (مصالحة عقارية مع الزراعي - دعم مجمعات البناء الاقتصادي - توزيع الأراضي لمستحقيها - إطلاق تمويل لمبادرات سكن مدروسة).
بدوره بين الباحث والأكاديمي هيثم الخزعلي، أن "الاستقرار السياسي الذي نتج عن سياسة الحكومة المتوازنة، والبعد عن الإدارة بالأزمات والتركيز على تحقيق التقدم الاقتصادي هو ما أثر في استقرار الوضع الأمني ومن ثم تحقق الاستقرار الاقتصادي".
وأردف، أن "الاقتصاد مرتبط بالأمن والاعتماد على الاستقرار السياسي".
التجارة تكشف عن برنامج جديدة يحوّل البطاقة الموحدة إلى تموينية