من سرق القرن؟

مقالات
  • 24-10-2022, 08:14
+A -A

حمزة مصطفى

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
الديمقراطية حلوة, كل شيء فيها مكشوف وشفاف ومتاح بمن في ذلك السرقات. 
لا يهم شكل السرقة أو مستواها.
لا يوجد فرق على صعيد المال العام بين الدينار والمليار. 
كما لا يوجد فرق بين من يسرق “باكيت كلينكس” أو بين من يسرق القرن بكامله، بدءاً من هيئة الضرائب إلى الجمارك، مرورا بالبنك المركزي عبر مصرف الرافدين وبينهما اللجنة المالية في البرلمان ووزارة المالية في الحكومة.
لا يهم مقدار المال المسرق, ألف دينار سعر باكيت الكلينكس أو ملياران ونصف المليار دولار وبحسابات عملتنا المحلية (3 ترليونات دينار عراقي) سعر سرقة القرن.

القانون واحد في كلتا الحالتين والسرقتين ومعهما كمية المال المسروق. 

الأهم هو تطبيق العدالة في النهاية.

القاضي لا يحكم إلا على وفق أدلة جرمية ومستمسكات أصولية.

المادة القانونية رقم كذا من قانون العقوبات العراقي المعدل أو “اللي بعده ما معدل”، رقم كيت تحكم بكذا سنة سجن أو كذا مبلغ غرامة وأبو “الباكنة” الله يرحمه.

سارق الكلينكس لا يحتاج إلى تواطؤ أو شبكة علاقات عنكبوتية، ودفع كوميشنات وستمئة وستين كتابنا وكتابكم ومقترحنا ومقترحكم.

الحاجة الماسة تدفعه إلى سرقة الباكيت لكي يبيعه حتى يشتري “صمون عشرة بألف”، دون أن يدور بخلده يوما أن القانون لا يحمي المغفلين من أمثاله فقط.

سارق القرن يعرف كيف يغافل ويستغفل ويتغافل القانون، وكل قضاة محكمة العدل الدولية.

ملياران ونصف المليار دولار لا تسرق الإ طبقا للقانون الغافل المغفل والمتغافل و”ياغافلين الكم الله”. 

كل شيء يجري وفق الأصول واللوائح والإجراءات والكتب والمناقلات والآراء والمقترحات بين عدة جهات.

هذه هي الديمقراطية, ما أحلاها.

القانون فيها لا يحمي نفسه، لكنه يحمي مستغفليه.

المهم هو البحث عن الأدلة الدامغة لمحاسبة الفاسدين ممن تخطو عتبة الحيتان إلى الدلافين.

ولأن أهم عوامل الدفع الديمقراطي هو الإعلام الذي يحول القضايا الخطيرة إلى قضايا رأي عام، فإن النظم الديمقراطية التي لاتريد لهذا السبب أو ذاك لمؤسساتها أن تنضج، لكي تحمي الديمقراطية يتحول الإعلام فيها إلى “لغو عام, لهو عام “وليس “رأي عام” مثلما كتبت قبل أيام تغريدة على موقع “تويتر” بهذا المعنى. 

في القضايا الكبرى السياسية أو المجتمعية أو الاقتصادية يلعب الإعلام دورا في تحويلها إلى قضايا رأي عام.

وبما أن الحديث يطول في حال أردنا استحضار أمثلة فإن السؤال الذي يردده العراقيون اليوم هو.. من سرق قرننا “ليكدام”؟

من يملك الإجابة عن هذا السؤال يمكنه الإجابة عن أصل القضية كلها بمتهميها وشهودها ومدانيها. 

بالنسبة لي الإجابة واضحة وهي أن النظام يسرق نفسه.