قادة أمنيون يستذكرون فتوى الجهاد ودورها في تحقيق النصر على الإرهاب

تحقيقات وتقارير
  • 13-06-2022, 12:11
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
خمس سنوات مرت على نهاية دولة داعش الظلامية، بعد أن لاقت ضربات موجعة من القوات الأمنية والحشد الشعبي، ضربات خطتها أنامل تشابكت من أجل كتابة حكاية جديدة من حكايا وادي الرافدين، فالذكرى لا تزال تحتفظ بتلك الأيام العجاف بعد أن اغتصبت عصابات داعش الإرهابية جزءاً كبيراً من أرض العراق، ذكرى كانت شاهدة على وحشية جيوش الظلام التي حملت معها أساليب إجرامية لمرتزقة لا يحملون جزءاً بسيطاً من الإنسانية والرحمة، ولا يجيدون إلا استعمال آلة القتل ونشر الخراب والدمار، مشاهد لا تزال عالقة في أذهان كل عراقي عاش تلك اللحظات ،وهو يرى ما يحدث لمدن عراقية وقعت أسيرة لعصابات إجرامية توهمت بأنها قادرة على طعن العراق في قلبه، لكن هيهات ،وما هي إلا ثلاثة أيام حتى انجلت الغمامة السوداء ،وعادت روح الأمل للوطن ،وتحولت صرخات الهزيمة والانكسار الى ابتسامة انتصار حقيقي.

فلم يخطر ببال تلك العصابات ،ولم يكن في حسابتها، أن يستنهض جبل العراق همة العراقيين ،ويقودهم بفتوى عظيمة نحو الانتصار الناجز، فالجميع ظن أن كل شيء انتهى، وأفضل التقديرات العسكرية لمراكز عالمية توقعت بقاء داعش لعقود من الزمن، ،وبعضها عد عملية محاربة هذه العصابات بالمستحيلة في ظل سيطرتها على مناطق شاسعة يوجد فيها الملايين من المدنيين، إلا أن جميع تلك التقديرات سقطت أمام صوت المرجعية العليا، وهي تخاطب أبناء الوطن ،وتحرك فيهم روح الشجاعة المعهودة فيهم، لتضع بفتواها العظيمة بوصلة توجه الجماهير لحمل السلاح ومساندة الأجهزة الأمنية من أجل خوض معركة المصير، ولتبدأ معها عمليات التحرير التي انتهت بشكل كامل بعد ثلاث سنوات على سقوط المدن العراقية، فتوى أعادت المسار وأسست لمنظومة أمنية رصينة مثلما أسست لتعزيز اللحمة الوطني ،وأكدت ثبات الحرص الوطني لدى جميع العراقيين وهم يتشاركون كسرة خبر خلف ساتر واحد.

اليوم وفي الذكرى الثامنة لفتوى الجهاد الكفائي تستذكر وكالة الأنباء العراقية (واع) هذه الفتوى العظيمة ،وانعكاسها على البيئة الوطنية أثناء الحرب على الإرهاب وبعد تحرير المدن من عصابات داعش.

وفي هذا الصدد قال قائد القوات البرية الفريق الركن قاسم المحمدي، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "فتوى الجهاد الكفائي، كان لها تأثير إيجابي جداً على صمود القوات المسلحة ورفع معنويات القطعات العسكرية وزيادة القدرة القتالية".

وروى المحمدي، اللحظات التي سبقت انطلاق فتوى الجهاد الكفائي ووقع صدورها وتلقيها من قبل المقاتلين في القوات المسلحة وهم في الميدان، قائلاً: "كنت قائداً للفرقة السابعة ،وكانت القطعات موجودة في منطقة حديثة والبغدادي وهيت، وكان هناك تنقل في قطعات أخرى، لكن فور صدور توقيت الفتوى ارتفعت معنويات الصمود للمقاتلين الموجودين في تلك الأيام العصيبة".

وأضاف وهو يتحدث بفخر واعتزاز أن "قطعات الفرقة السابعة صمدت صموداً اسطورياً مع الأهالي والعشائر وجميع المقاتلين الآخرين من منتسبي الحشد الشعبي الذين لبوا الدعوة من تأريخ العاشر من حزيران آنذاك وحتى التحرير الكامل للعراق".

ولفت إلى أن "الفتوى أضافت أمراً مهماً أيضاً في الميدان، وهو تخصيص مقاتلين من قطعات المتطوعين مع كل القطعات الأصلية الموجودة، وعلى سبيل المثال كانت سريتي تضم (25) مقاتلاً وقمت بدفع (22) متطوعاً ما عزز القدرة القتالية ورفع الروح القتالية للمقاتلين الآخرين وعبور المرحلة بانتصار".

الفتوى ومعادلة الحرب

نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن عبد الأمير الشمري، تحدث عن معادلة الحرب آنذاك وكيف كانت القطعات العسكرية في حالة الدفاع ثم تحولت إلى حالة الهجوم بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي. 

الشمري، قال: إن "فتوى الجهاد الكفائي نقلت الحالة المعنوية لكل قطعات الجيش العراقي والقوات الأمنية نقلة إيجابية ودفعتهم في عملية نفسية مؤثرة ومهمة ،ورفعت المعنويات".

وأضاف في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "مئات الآلاف من المتطوعين انخرطوا في صفوف القوات المسلحة في الأيام الأولى تلبية لنداء المرجعية العليا"، مردفاً بالقول: "كنا في غرفة عمليات بغداد آنذاك ،وكان يومياً لا يقل عن 5 آلاف متطوع يتم استقبالهم فقط في مدرسة قتال قيادة عمليات بغداد".

ولفت إلى أن "هذه الأعداد كانت تتلقى تدريباً وتجهيزاً بسيطاً ليتم بعدها مزجهم مع الوحدات العسكرية في الخطوط الأمامية، والقسم الآخر منهم يتم إرسالهم إلى باقي قيادات العمليات".

وأكد أن "فتوى الجهاد الكفائي نقلت القتال ضد الإرهاب من الدفاع إلى الهجوم والتعارض، وشهدنا تداعيات ذلك لاحقاً إذ كان هناك تقدم وتحقيق للنصر وتحرير المناطق المغتصبة المحتلة من داعش والتي بدأت من أطراف محيط بغداد مثل الكرمة والفلوجة والمناطق الأخرى لتتقدم بعدها القطعات العسكرية باتجاه المناطق الأخرى المغتصبة وتحريرها حتى تحقيق النصر بالكامل".

أثر الفتوى على ميدان الحرب

أما الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، يقول لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "البلد كان منهاراً وعصابات داعش الإرهابية وصلت إلى حدود العاصمة بغداد ،وكانت تهدد أمنها، إضافة إلى أن القيادة العسكرية العراقية كانت لا تمتلك القوات الاحتياطية، وبالتالي تم اللجوء إلى إيقاف الخرق واحتواء الصدمة وبدأت القوات المسلحة بالدفاع عن مدينة بغداد".

وتابع اللواء رسول: "بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي للسيد على الحسيني السيستاني، كانت ردة الفعل قوية جداً وإيجابية ،فضلاً عن رفع معنويات المقاتلين لاسيما بعد مشاهدة كل أبناء الشعب العراقي من كل القوميات والديانات والمذاهب وهم يلبون هذا النداء بحملهم السلاح والقتال مع القوات المسلحة، وبعد ذلك انبثق الحشد الشعبي الذي أصبح من ضمن المنظومة العسكرية العراقية بعد أن صوت على ذلك في مجلس النواب".

وأكمل حديثه: "قاتلنا وأعطينا الدماء واستطعنا تحرير الأراضي العراقية بوقت قياسي بعد أن كانت 40% من مساحة العراق التي تضم ثلاث محافظات ومدن كبيرة مغتصبة من قبل داعش، لكن فتوى الجهاد الكفائي أسهمت بشكل كبير برفع الروح المعنوية وإحداث تغيير كبير في موضوع القتال والدفاع عن العراق".

وحول الملبين لفتوى الجهاد الكفائي والذين أصبحوا ضمن هيئة الحشد الشعبي، قال اللواء رسول: إنهم "كانوا وما زالوا السند والظهير القوي للجيش العراقي ،وهم من ضمن منظومة الدفاع الوطني العراقي والقوات الأمنية البطلة".

الخبير الأمني والسياسي، العميد عدنان الكناني، قال لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "العراق شهد عام 2014، سقوط ثلاث محافظات في وقت كانت معنويات الجيش العراقي منهارة تماماً، ما مكن عصابات داعش الإرهابية من اقتحام مدينة الموصل بثلاثة آلاف مقاتل في وقت كان تسليحها بسيطاً إذ لا تمتلك سوى البندقية والقناص وبعض الأسلحة الخفيفة والمتوسطة".

وأضاف الكناني: "فيما كان الجيش العراقي يمتلك الطائرات السمتية والمقاتلة والدروع والآليات وحاملة الأشخاص والآليات ،ويمتلك مواقع دفاعية وأسلحة متوسطة وخفيفة وفوق الخفيفة وحتى الثقيلة، لكنه انهار وانهارت معنوياته وأصبح في وضع لا يحسد عليه ،ويحتاج لأمر حتى يعيد نشاطه ويعود إلى وضعه الطبيعي، فجاءت فتوة المرجعية الدينية ،وهبت قوات عقائدية مستجيبة لفتوى المرجعية وقاتلت عصابات داعش الإرهابية بإسلوب عقائدي".

وتابع أن "فتوى المرجعية استجاب لها بحدود 3 ملايين عراقي من طفل عمره 14 سنة إلى شيبة عمرها 60 سنة، وبالتالي أعادت هذه الفتوى نشاط القوات المسلحة العراقية وامتزجت الدماء بين المقاتلين وتحقق النصر بفضل القيادة الدينية العقائدية ودور الأبطال العسكريين وما تحقق من ألفة بين المكونات العراقية".