نـحــو دولــة مــواطنــة وعدالــة ونزاهــة للعراقيين

مقالات
  • 30-03-2022, 09:25
+A -A

عبد الحليم الرهيمي
مقابل الترويج الواسع لتوصيفات الدولة العراقية الراهنة، بأنها دولة فاشلة وفاسدة تقودها دولة عميقة او (عقيمه) حسب عنوان كتاب الدكتور حسن الجنابي وزير الموارد المائية السابق، إذ تعبر تلك التوصيفات عن الأزمة الحقيقية التي يواجهها العراق وشعبه، والتي تقف وراء التردي والخراب الذي وصلنا اليه. 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
 
يعمد الكثير من الكتاب والسياسيين (لا سيما المنظرين منهم) الى تجاهل هذه الحقيقة عمداً او قصوراً، عبر الانغماس في توصيفات متعددة يرى البعض منها بأن سبب تلك الأزمة هو أخطاء التأسيس (بعد عام 2003) دون تقديم تفسير مقنع لماذا وكيف؟ 
بينما يرى بعض آخر أن بسببها تصدرت الحكم والمشهد السياسي شخصيات غير مؤهلة وغير كفوءة من التي كانت في المعارضة خارج العراق، في حين يرى آخرون ان سبب الأزمة هو الصراع الراهن الدائر بين الدولة واللادولة، من دون توضيح معنى وتعبيرات ذلك، فإذا كان توصيف اللادولة قد برز في السنوات الاخيرة، فلماذا الأزمة منذ 2003 حيث لم يظهر بعد وجود اللادولة؟ فضلاً عن أن رموز الدولة واللادولة موجودة على رأس هرم الدولة القائمة، فكيف سيحل الصراع بينهم لتحل أزمة العراق وشعبه؟ أما البعض الذي يرى أن حل الأزمة والصراع يتحقق بأقامة (الدولة الحضارية الحديثة) بركائز اربع لا اكثر، ويحددها بأوصاف غير عملية وبتوصيف مجرد على المقاس الذي يريده هو، فلا يقترب حتى من رؤية واقعية للأزمة .
ربما يكون كل أو بعض تلك الرؤى والتوصيفات مقبولة لآخرين، لكن المتصدين لطرحها يبدون في حيرة وغير قادرين على الإجابة وتقديم الحلول العملية والواقعية لحل أزمة الصراع ونتائجها التي أوصلتنا الى الوضع المتردي الراهن .
والواقع أن الدولة الحقيقية التي يتطلع إليها العراقيون باستمرار، خاصة بعد عام التحرير والتغيير في 2003 هي دولة المواطنة والعدالة والنزاهة بما يتفرع عنها ويترتب من نتائج، ذلك أن دولة المواطنة تقتضي إنهاء دولة المكونات التي هي، فضلاً عن كونها مشروعا لتقسيم العراق وشعبه، فإنها لم تعمل لصالح أبناء المكونات، إنما لمصالح السياسيين الذين يتحدثون باسمها، عدا عن تجاهلها للاهتمام وحل القضايا الوطنية الكبرى. أما دولة العدالة فهي التي تفرض معاملة جميع العراقيين بالمساواة ومن دون تمييز وبتطبيق عادل وصارم للقوانين، من دون محاباة لهذا أو ذاك على حساب الحق والعدالة.
هذا في حين دولة النزاهة تتجلى في السعي الجدي لا اللفظي والاستعراضي بتشكيل اللجان، التي لا تقوم بمهامها على الوجه التام بمحاربة الفساد والفاسدين والمتسببين بهدر المال العام وتفشي الرشوة بين أعلى المسؤولين في الدولة والمجتمع، من دون ردع وعمل جاد لإنهائها . وبذلك فإن تحقيق دولة المواطنة والعدالة والنزاهة اول ما يتطلب الكف عن التنظيرات (الطلسمية)، التي لا يفهمها المواطن العادي بل ربما وحتى زملاء المنظرين لها.
وفي ضوء ذلك، فإن جهود الكتاب والسياسيين المخلصين ينبغي أن يركز ويصب في الدعوة لتحقيق تلك الدولة، والبحث واقتراح الحلول العملية الموصلة لتحقيقها، ومنها السعي لإعادة كتابة الدستور على أساس المواطنة لا المكونات، وكذلك السعي لابتداع افضل السبل لتطبيق القوانين بنزاهة على الجميع والحرص على حقوق المواطنين، خاصة حقه في العيش بكرامة والاستفادة من خيرات الوطن، وذلك فضلاً عن بذل أفضل المساعي لتحقيق النزاهة والمحاربة الجدية الواسعة النطاق للفساد والفاسدين وهدر المال العام وسرقته