الواقعيَّة السياسيَّة ونظرية المؤامرة!

مقالات
  • 2-03-2022, 08:05
+A -A

 عبدالأمير المجر
من طريف ما احفظه عن عالم الاجتماع الكبير علي الوردي، قوله مرة في حوار معه، ان هناك من يتهمه بالماسونية او العمالة! وانقل هنا بالمعنى وليس بالنص، بسبب دراسته في اميركا، وختم جملته التي انطوت على هذا الاتهام بعبارة .. والعياذ بالله!! 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ليس الوردي وحده من عانى من هكذا اتهامات، فكل من يتخرج من جامعة بريطانية او اميركية وقتذاك، لاسيما من الساسة، يكون موضع شبهة ما لم يثبت العكس، وكيف له اثبات ذلك؟!! مؤخرا خفّت تهمة العمالة للغرب واميركا بسبب انهيار المعسكر الاشتراكي وتغير المزاج العام، وصار البعض من الذين يشغلهم هذا الامر، اكثر تسامحا! لكن وجهتهم هذه المرة اختلفت باختلاف الظروف، اذ بعد زيارة اي مسؤول عراقي، لأية دولة عربية او اقليمية، فإنه يواجه الاتهام القديم الجديد، وهو انه عميل لتلك الدولة! وهذه التهمة باتت خاضعة للأمزجة، فالذي يكره دولة اقليمية معينة ولها دولة منافسة يحبها، يتعامل مع الامر وفقا لمزاجه هذا! ليس من مهمة المهتم بالشإن السياسي، الدفاع عن هذا السياسي او اتهام ذاك، لان جوهر التحليل السياسي ورسالته تتمثل باستجلاء الامور قدر الامكان ووفقا لقراءة موضوعية تساعد الناس على فهم ما يحصل، لكن من الموضوعية ايضا ان يعرف البعض ممن ينشغل كثيرا بهذه التفاصيل وتدفعه انحيازاته وميوله الى ذلك، ان هناك شيء اسمه الواقعية السياسية، اي ان يقدّروا ظرف البلاد وامكانياتها بعد كل ماحصل، وان يتفهموا محاولة المسؤولين في مد الجسور مع هذه الدولة او تلك من اجل المساعدة حتى لو كانت تلك الدولة سابقا اقل ثقلا واهمية من العراق، لأننا كدولة ومنذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي، مددنا ايدينا للجميع واسهمنا بنهوض دول باتت اليوم في المقدمة، ويشهد لنا بذلك اهلها قبل غيرهم، وان زيارة اي مسؤول او سياسي لأي دولة عربية او اقليمية تأتي في هذا السياق، اي مساعدتنا في اي مجال، سواء في مجال الأمن او الخدمات كالكهرباء او الصناعة او الزراعة وغيرها، فلاباس وكل سياسي يعمل في هذا السياق او يصب نشاطه فيه، فإن جهده مرحب به، وبالتاكيد هنا لانقصد من يعملون وفق اجندة خاصة للحصول على مكاسب حزبية او شخصية، او ممن يحتمون خلف شعارات طوباوية ويدفعون بمستقبل البلاد الى المجهول من خلال علاقات تغذي اوهامهم وتحقق اهداف من يقف وراءهم على حساب الشعب والدولة!