تحديات العمل ومسؤوليات الأسرة.. جبهتان أمام المرأة ونجاحها

تحقيقات وتقارير
  • 8-02-2022, 20:44
+A -A

بغداد- واع- آمنة السلامي 
أصبحت عمالة المرأة، مشهداً مألوفاً ومقبولاً وآخذاً بالاتساع في العقود الأخيرة بين أغلب الأسر العراقية.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وفيما كادت تطورات الحياة وضروراتها أن تطوي صفحات عريضة من الجدل حول جواز ذلك أخلاقياً وعرفياً، خلقت تلك التطورات نفسها أسئلة وعقبات أمام إمكانية عملها في قبال تنامي مسؤولياتها داخل الأسرة وتربية الأبناء، مع إصرار واسع بأن العمل يضفي قيمة إضافية للإنسان، ويعطيه دافعا للانتاج، وأن المرأة قادرة على أن تكون عضوا منتجا في مختلف ميادين العمل، اذ يساهم عمل المرأة عادة في تحسين المستوى المالي والوضع الاجتماعي لعائلتها، وتبحث بعض النساء عن اثبات وتحقيق ذاتهن في القدرة على التوفيق بين العمل والأسرة، وعادة ما تفضّل المرأة البقاء في عملها إذا وجدته ممتعاً، ممّا يوفّر لها الشعور الإيجابي بالإنجاز.
الأكاديمي الدكتور صفاء عبد الله برهان، يقول في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "متطلبات الحياة التي نعيشها، تختلف كثيراً عن مفردات الحياة التي عاشها ابناؤنا، ويمكن أن نلحظ ذلك في التغييرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، التي ضربت باطناب المجتمع كافة، بما يحتم معه إيجاد الواقعية المناسبة لمواكبة هذه التغييرات الكبيرة، وعليه فاعتماد الأسرة على مصدر دخل واحد، لم يعد يكفي لتلبية حوائجها، فيدعو ذلك إلى أن يثقل كاهل الاب".
ويضيف برهان: "ومن هنا يتوجب إيجاد البدائل الناجعة، لقيادة الأسرة بنحو سليم، ومن ذلك منح المرأة الفرصة للاسهام في تأمين البعد الاقتصادي للاسرة، بعدما أصبحت حاجات الاولاد غيرها في الزمان السابق، فلهم متطلبات لم تكن موجودة في أيام آبائهم، هذا من جانب ومن جانب آخر، فقد يكون حضور المرأة واجباً عينياً في عدد من الوظائف مثل التعليم أو الصحة التي لا تتحرج الأسر عند التعامل معها، ولاسيما نحن أبناء مجتمع شرقي، وذوي أصول عشائرية، ولاسيما في الارياف التي تبرز النزعة الذكورية، والاعراف الاجتماعية التي تختزل بادبيات العشيرة، ومراعاة تعامل المرأة بنحو خاص".
وأردف بالقول: "وهو ما يعني أن القوى العاملة والمهنية، تحتاج إلى العنصر الانثوي بتغطية هذه المساحة المهمة في تكوين المجتمع، وأن ذلك يرفع الحرج عند التعامل مع المعلمة والطبيب وما شكلها من المهن التي يتطلب حضور المرأة دون الرجل، ومن هذين الانموذجين المادي والاجتماعي، ندرك أهمية حضور المرأة في تأدية عدد من المهن التي تشارك فيها الرجل، بل تنفرد عنه في مواطن مهمة، وهو ما يمكن أن يسير عجلة الحياة التي تعرف الكثير من التطورات يوميا".
ولفت إلى أن "آثار ذلك الايجابية اكثر من سواها، ونعني بها الابتعاد عن تربية الاولاد أو قلة الاهتمام بهم، فإن ذلك لا يشكل حرجاً كبيراً، لأن اوقات الدوام معلومة، والتناوب بين الاب والام موجود إلى حد معين، كذلك وجود أهل الاب أو اهل الام، لاحتضانها احيانا، طيلة وجود الوالدين خارج البيت، هذا اذا ما حسبنا وقت العمل قياسا إلى وقت المنزل، وأيام العطل وسواها، مما يهون الحذر من عدم رعاية الأطفال".
بدورها، قالت الموظفة الحكومية هدى الشمري، إن "موضوع المرأة العاملة يعتمد على شخصيتها إذ هناك نساء قادرات على التوفيق بين العمل والبيت وحتى الإلتزامات الأخرى مثل الدراسة وفي المقابل من لا تستطيع سوى تربية أولادها"، لافتة إلى أن "أغلب الرجال ليسوا داعمين للمرأة وخصوصاً الرجل الشرقي، وبالتالي على المرأة نفسها أن تنظم الوقت وأن تعد خطة او برنامجا يتضمن كل فعالية ستقوم بها خلال اليوم".
وأضافت الشمري، في حديثها لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "هذا الأمر سيسهل عليها الأمور كثيراً من ناحية إدارة عملها الخارجي وعملها في البيت وتربية أولادها والتي تعتبر العامل والركيزة الأهم بكل الواجبات، وبالتالي تنظيم وقتها يبعدها من الوقوع في التقصير بأي جانب من هذه الجوانب".
وأكدت، أن "هناك نساء ناجحات يربين أولادهن تربية صحيحة وناجحات في حياتهن الزوجية إذا يعتمد ذلك على شخصية المرأة وتنظيمها للأمور وترتيب برنامجها اليومي".
أما الاستاذة الجامعية آلاء العامري، فتقول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "المرأة المتعلمة التي تتسلح بالعلم والمعرفة تعتبر كنزاً بالنسبة للرجل وكذلك للعائلة لأن وعي المرأة وثقافتها يصنع اسرة متميزة تستطيع أن توازن بين عملها ومسؤولياتها وأيضا الحفاظ على كيان الأسرة وسلامة الأولاد".
وأكملت العامري: "نلحظ الأم العاملة يكون أطفالها أكثر اعتماداً على النفس ويمتلكون الثقة العالية ولديهم الإمكانية على التصرف في حالات الطوارئ، وهذا بالنسبة للأم الواعية، لا سيما وأن المال مطلوب لأجل التعليم ومواكبة متطلبات العصر لكن بالمقابل هناك ضرورة لتنظيم الوقت بصورة صحيحة دون أن يكون هناك خلل بحقوق الالاود ومتابعتهم من ناحية التربية والتعليم وأيضاً أن لا يكون هناك تقصير بحق الزوج ومتطلباته، والجدير أن جميع النساء قادرات على ذلك".
وأشارت إلى ان "المرأة العراقية عاشت فترات عصيبة من محن الحروب وعدم تواجد الزوج وفقدانه، وإذا تمكنت المرأة من الإحاطة بكل الأمور نصنع جيلاً قوياً غير مدلل يعتمد على نفسه ويشق طريقه بكل قوة وهو المطلوب في هذه الفترة وكل الفترات".
وأكدت، أن "المرأة القوية مطلوبة لأن المجتمع لا يرحم والوضع العام الذي نعيشه يجبر المرأة على العمل لأجل صنع حياة ومستقبل افضل لها ولأسرتها".
من جانبه، قال الباحث الإسلامي، أحمد إحسان العاملي، إن "عمل المرأة اليوم يواجه مشكلة كبيرة للأسرة لأن تواجد الأم مع الأسرة واهتماها بأولادها له أثر كبير على نفسية الطفل وسلامة قواه النفسية والجسدية من حيث التربية والتعليم والأمان الذي يشعر به الأولاد بوجودها لأنها مصدر الحنان، ومجرد اجتماعهم على مائدة الطعام له أثر بتقوية الروابط الاسرية".
وأضاف العاملي، أن "غياب الأم عن البيت له أثره السلبي على نمو الأطفال ومستقبلهم، لا سيما وأن هناك أهمية لمعرفة من يقوم بسد مكانها وهل يعد أميناً وهل هناك ضمان بأن الطفل لا يتعرض الى الظلم والاضطهاد؟، بالمقابل نجد هؤلاء الأطفال أكثر اعتماداً على النفس".
ونوه إلى أن "هناك مشكلة تواجهها الأسرة العراقية وهي اضطرار المرأة للعمل بسسب الفقر والعوز المادي لذلك تضطر للعمل من أجل عدم مد يد العون والعوز الى الآخرين ومن أجل سد حاجة الاسرة من الطعام والشراب والسكن"، خاتماً بالقول: "ولذلك المرأة تعمل وهناك شواهد كثيرة بالشارع العراقي عن طريق نساء تمكن من التغلب على ظروفهن وأصبحن مثالاً يقتدى به".