هدر الميزانيات المخصصة لإعمار الجنوب

مقالات
  • 29-01-2022, 13:31
+A -A

باسم محمد حبيب
ثماني عشرة سنة مرت من العام 2003 وإلى الآن ، وبلغة المال ثماني عشرة ميزانية عامة ومثلها خاصة لمجالات مختلفة ومن بينها مجال الإعمار وتطوير الخدمات ، لكن بينما تحقق كثير من الإعمار في محافظات إقليم كردستان في شمال العراق ، كان الإعمار أقل من ذلك في المحافظات الأخرى ، أي محافظات الوسط والجنوب والغربية ، إذ تعد محافظات الجنوب الأقل من بين هذه المحافظات في مستوى الإعمار وتطوير الخدمات إلى درجة يبدو البون شاسعاً بينها ، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن مصير الأموال التي خصصت لمشاريع الإعمار في هذه المحافظات ، لأن هذه الأموال ومنذ تخصيصها باتت حقاً من حقوق هذه المحافظات ومن حق أبناء هذه المحافظات المطالبة بها ، ومعرفة مصيرها ، وما هي الجهات المتورطة في هدرها أو تحويلها إلى مجال آخر ؟

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ومن أجل أن تعود هذه الأموال إلى وجهتها الصحيحة لا بد أولاً من تشكيل هيئة تحقيق لمعرفة مقادير هذه الأموال ، وما هي المشاريع التي خصصت هذه الأموال لها ؟ وما مقدار ما أستغل منها في تنفيذ و إكمال المشاريع التي جرى تخصيصها لهذه المحافظات ؟ وما هي الجهات المقصرة في ذلك ؟ وإلا فإن عدم القيام بذلك سوف يجعل هذا الملف مفتوحاً ، وسيبقى أبناء هذه المحافظات يطالبون بمعرفة مصير هذه الأموال التي كان بإمكانها أن تغير من أوضاعهم وحياتهم رأساً على عقب  .
لقد قلناها سابقاً ونقولها الآن مرة أخرى ، إن مسؤولية تلكؤ مشاريع الإعمار وتطوير الخدمات في هذه المحافظات يقع على عاتق ممثليها في البرلمان ،فضلاً عن المسؤولين في الحكومة المركزية والحكومات المحلية لهذه المحافظات ، ولا يمكن لهؤلاء التملص من المسؤولية مهما طال الزمن ، لأن نتائج تدني مستوى الإعمار وتطوير الخدمات لا يقتصر على الجانب المادي وحسب ، أي عدم توافر الخدمات الجيدة ، وعدم حصول تغيير في الواقع الحياتي والمعاشي للناس ، بل وعلى الجانب المعنوي أيضاً ، والذي يمكن ملاحظته بتزايد الهوة بين المواطن والمسؤول ، واتجاه المواطن إلى عدم الثقة بالوعود والعهود التي يطلقها المسؤولون في أوقات معينة كالانتخابات أو في أثناء الأزمات ، فضلاً عن تزايد الشعور بالغبن الذي بات يسود طائفة كبيرة من الناس .
إن من واجب الحكومة القادمة التعاطي مع هذا الملف المهم ، ليس فقط من أجل إنصاف هذه المحافظات التي عانت طويلاً من الإهمال وسوء الإدارة فحسب ، بل ومن أجل ردع الفاسدين ومن كانوا السبب في هدر ما خصص من أموال لهذه المحافظات أو من كانوا السبب في عدم إكمال كثير من مشاريع الإعمار وتطوير الخدمات ، فضلاً عن المشاريع التي لم يتم تنفيذها أو المشاريع السطحية التي لا تتناسب مع الأموال التي خصصت لها ، وهذا ما يصح أيضا على مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة ، وإلا فإن أبناء هذه المحافظات لن يكفوا عن المطالبة بحسم هذا الأمر الذي سيبقى مفتوحاً إلى أن يتم حسمه نهائياً .