العنفُ في المفردات اليوميَّة

مقالات
  • 20-01-2022, 08:14
+A -A

كاظم الحسن 
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
يبدو أن العنف في الزمن البعثي، قد أفاض على محمولات اللغة، بما يعسكرها ويزيد من قساوتها ويجعلها متصلبة، لكي تشرعن 
الحرب. 
والحقيقة إن ثقافة العنف، كانت لها قاعدة في العراق، فجاءت عقيدة البعث الفاشية، لتكملها وتضيف اليها، لا سيما أن عهد البعث هو حروب وعنف مفرط.
في اقصى درجاته ولذلك كانت الاناشيد السياسية، تعبر بطريقة فجة، عن هذا المسار مثلا (هسه يجي بابا البطل متخيل الدبابة) تخيل طفل ينتظر أباه وهديته هي 
الدبابة؟ 
وقبلها النشيد المدرسي في الابتدائية (أنا جندي عربي بندقيتي بيدي)، اما النشيد الذي كتبه كريم العراقي ولحنه جعفر الخفاف، فهو الاعنف (منذ فجر التاريخ ألبس خوذتي ووصية الفقراء فوق نطاقي) المهم الخوذة، الى أين اوصلت العراق؟ الى الخراب والدمار والانهيار في المجالات كافة. الحروب هي صانعة الفقر، فأي وصية وهراء تحمله فوق النطاق! او (ياحوم اتبع لوجرينا) والتي تخالف مقولة اكرام الميت دفنه، او الأخرى (هيه يهل العمارة هاي اجمل بشارة اليوم كلنا جنود) هل الحرب فيها بشائر! اما آن للعراقي أن يترجل عن 
صليبه. 
تمظهرات العنف، تأخذ تجلياتها ايضا في مفردات الحياة اليومية، حتى في الطعام: (راح اضرب العشا) في العمل (راح أطگطك )في المكالمات الهاتفية (دكيت عليك وما جاوبت)، حتى في قراءة الكتب تجد من يقول (خبزت الكتاب خبز) او (سحگته باسبوع)، في سيارات النقل العام، يقول السائق (راح اذبك رأس الشارع) وهناك ربط غريب بين الطبخ والاعدام يقال (طگوه بالطاوة)، وفي النجاة،فلت من الطاوة والبعض حين تطلب منه، بعض المال يقول (يخضر على كبره لو عندي) في حين يشتط البعض في الكلام ويصل فيه الى ماهو ابشع، من الكلام العادي وهذا ما يجعل العنف في مدياته القصوى. 
قد تكون اللحظة الاولى للخلق، بدايتها الدم، حين قتل قابيل هابيل. ولذلك نرى اسم قابيل القاتل يختاره الكثير كمسمى لهم دون ذكر اسم هابيل. 
البعض يعتقد أن كلمة اهبل المصرية مشتقة من هابيل وهي تشير الى عبيط او ساذج؟. 
حتى أسماء الحيوانات المفترسة، يتسمى بها الانسان، مثل أسد، نمر، صقر، فهد، عكاب دون ذكر اسماء الفرائس، هي دليل على تمجيد العنف والقوة، التي لها مكانة عليا في الثقافة الذكورية، وقد يكون تاريخ الانسان هو تاريخ الحروب بامتياز.