مقاهي ميسان.. شواخص تأريخية تحاكي قصص المدينة ممزوجة برائحة الشاي

تحقيقات وتقارير
  • 15-12-2021, 15:11
+A -A

ميسان – واع - شذى السوداني/ عبد الحسين بريسم 

تمثل مقاهي ميسان القديمة، شواخص تأريخية تحاكي قصص وحكايات، مرَّ عليها زمن، لأبطال وبطولات منذ أربعينيات القرن الماضي، ممزوجة برائحة الشاي المهيَّل، والحامض.

ومازالت المقاهي القديمة في ميسان متمسكة بالعادات القديمة محاولة الحفاظ على طرازها الكلاسيكي والتراث الجميل، بدون التأثر بالمقاهي المعاصرة، لذلك نجد الآثاث القديمة (الكرويتات) واقداح الشاي الصغيرة المسمى مفردها (استكان) اضافة الى إبريقي الشاي و الحامض، وكل واحد منهما يسمى(قوري) وغالباً مايتوشح بالسواد ، لأنه ما مانفكَّ متربعاً على عرش يرتفع قليلاً عن الخشب المحترق ، تفوح منه رائحة زكية تعج بأرجاء المكان.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام

وكالة الأنباء العراقية (واع)، تجولت في تلك المقاهي، لاستطلاع ما تبقى منها، واستذكار تاريخها، حيث يقول الكاتب جمعة الأزرقي، أن "المقاهي كانت للأجيال الماضية أماكن ملتقى اجتماعي وثقافي وسياسي، حيث كانت تدور احاديث السياسة والأدب والفن في تلك الأماكن، ومنها انطلقت أهم المدارس الأدبية والفنية".

وأضاف، أن "من اقدم المقاهي في العمارة مقهى شنون ومقهى دعير وغيرهما، وتقع هذه المقاهي في سوق العمارة (المسكوف)".

وأشار إلى، أن "مقهى شنون يعد ملتقى لشيوخ العمارة وتجّار المدينة، أضافة الى انها مازالت ومن اكثر من نصف قرن تقدم الشاي الاصلي بطعمه المتميز،  ولم تغير من طقوسها من ذلك الوقت حتى الآن". 

وتابع، أن "مقهى دعيِّر يقع في سوق الطيور، وهو ايضاً من المقاهي القديمة، وملتقى أصحاب المهن من الصفارين وبائعي الطيور والكسبة، إذ يعد هذا المكان محطة لهم بعد تناول الفطور من الصباح الباكر، ويكون شرب الشاي فيه له خصوصية وطعم خاص". 



المقاهي تحاكي قصص المدنية

بدوره، أوضح محمد شنون صاحب مقهى، أن "المقاهي القديمة في العمارة تحكي قصة مدنية، وقصص لا تنتهي عن اول الاسواق والخانات، حيث العلاقات الحميمة وصدق المشاعر بين الناس، التي مازالت تحافظ على طقوسها في تقديم الچاي والحامض منذ زمن، ولم تضيف مشروبات اخرى مثل العصائر او الأراكيل الحديثة وغيرها".

وطالب الجهات المعنية بـ"الاهتمام بهذا الارث الشعبي، لكون ان هذه المقاهي عمرها اكثر من 100 عام، وتمثل وجهة تاريخية لمدينة العمارة". 



جزء من الحياة اليومية

من جهته، ذكر الإعلامي جاسم الانصاري، أن "مدينة العمارة تضم العديد من المقاهي الشعبية القديمة، التي تركت لها اسماً وأثراً في الحياة العامة، إذ إن الكثير من اهالي العمارة يتذكر بعض هذه المقاهي وأثرها في المجتمع الميساني والعراقي، كما ان معظم العراقيين ان لم يكن جميعهم قد اتخذوا من المقهى مكاناً لقضاء أوقاتهم، أو للسمر فيه، أو اللعب، أو لقاء صديق، لذلك كان المقهى جزءاً من الحياة اليومية".

المقاهي في قضاء المجر الكبير

وأكد المؤرخ علي العقابي، أن "أول مقهى فتح في قضاء المجر الكبير في منتصف الاربعينيات، وهو مقهى المرحوم حسين علوان الجبوري والد الشاعر علي حسين الجبوري، وبعد وفاته امتلكها عبد الرزاق الجبوري، وكان قريباً من مصرف الرافدين القديم، إذ كانت ترتاده وجوه المدينة ومثقفوها، وتدار هناك الاحاديث المتنوعة وكانت امامها ساحة منتشرة فيها مناضد خشبية".



مشهد من مقهى

واستدرك، بالقول "مقهى المرحوم حسين علوان الجبوري هي بناية بسيطة مستطيلة الشكل، ذات فناء واسع، وكانت مركز تجمع شباب وشيوخ المدينة، وعندما لا تتسع الارائك، يفترشون الأرض بعد أن توضع البسط أو العباءات الرجالية، حيث يضعون امامهم اكياس التبغ والشخاط او الزناد الذي كان منتشراً لدى المدخنين، وهم يستمعون الى الاغاني التي تبث من راديو القاهرة، وتعليقات المذيعين العرب والعراقيين، من خلال الاذاعة العراقية".

عدد المقاهي التاريخية

واكمل "وبعدها وفي منتصف الاربعينيات ايضاً افتتح محمد فليح المفرجي مقهى العروبة، الذي يقع حاليا قريبا الى بيت الحاج حبيني دوسي الذهيباوي، ليكون هناك مقهى اخر للمرحوم جاسم حسن ابو الراديوات و مقهى ابراهيم مهتلف في البدراوي على الشط قرب علي اﻻودجي ومقهى شاتي وعاتي بالقرب من محل جاسم فليح ويجلس فيها خليط بدون توجه سياسي او فكري، ومقهي ثامر بمكان مقهى علوان الخماس التي يرتادها عشاق المطرب الشعبي جعفوري ومقهى المرحوم لافي الحميداوي الذي يقع بالقرب من باب سوق البدراوي ومقهى ملاصقة لباب سوق السراي من جهة الشط للاخوين كنا نسميهما الحضر".



مكان للملتقى 

ويقول الباحث المحامي حازم رزاق المحمداوي: إن "المقاهي كانت جزءاً من حياة العراقيين، حيث أن هذه المقاهي كانت بمثابة ملتقى يومي لكبار العلماء والساسة وأصحاب الأعمال والمصالح، وللفنانين والأدباء والشعراء والمفكرين".

وأشار إلى أن "هناك العديد من المقاهي القديمة التي مازالت قائمة، وتقدم خدماتها للرواد ومنها مقهى شنون ومقهى دعير ومقهى سوق الطيور وغيرها".