السحر والشعوذة.. شراك الدجالين توقع الضحايا وخبراء يوضحون العقوبات القانونية

تحقيقات وتقارير
  • 24-11-2021, 19:36
+A -A


بغداد- واع- آمنة السلامي 

تنتشر ظاهرتا السحر والشعوذة في أغلب المجتمعات بغض النظر عن المستوى الثقافي للشعوب.

وفي العراق، ما زال أصحاب هذه الممارسات يلقون استجابة نتيجة قلة الوعي ليقع ضحيتهم آلالاف من الجنسين بأزمات اجتماعية تصل لمستوى الصدام بين الأشخاص حيناً والأسر والعوائل في كثير من الأحيان.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام

أسباب ومسببات

ويقول الباحث والاكاديمي الاسلامي حسين المجاب لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "قضية السحر والشعوذة ظاهرة قديمة ومرتبطة بكثير من الغيبيات والقلق على مستوى العقيدة والفكر وضمن دائرة الشخص والعائلة، حيث يقلق الانسان على رزقه ومستقبله وهذا القلق ظاهرة موغلة في القدم ومن الطبائع البشرية".

وأضاف، أن "الحسد هو من يولد هذه الظاهرة ويستحضرها في عقول الناس وافكارهم، وللحسد والشعوذة اسباب ودواعٍ وتبدأ من ضعف الارتباط بالله سبحانه وتعالى وهي قضية مهمة جدا ويجب أن نتخذها وسيلة للابتعاد عن هذه المظاهر التي لا تكون الا عن شخصية تخلت عن الله ويأست للاسف من روح الله واتجهت الى اتجاهات تضر بالنفس الانسانية على مستوى من يقوم بعملية السحر او الشعوذة، وتضر بالاخرين".

وشدد على أن "الشريعة الاسلامية تقف بالضد وتحرم السحر بكل انواعه، وبالتالي لا يمكن أن يقال أن هذا السحر صالح وهذا سحر غير صالح هذا سحر من اجل محبة او هذا سحر من اجل الكره، لأن السحر واحد بعنوان هو ترك الله والالتجاء الى هذه الألاعيب التي تتجسد بهذه المظاهر المضرة في كل عصر وزمان".

وتابع المجاب أن "التخلص من حيز هذه الظواهر لا يكون الا بالرجوع الى الله سبحانه وتعالى والايمان المطلق بأن الله سبحانه وتعالى هو من يبعث القلوب ويرزق القلوب ويكون حاضرا في كل ميادين الحياة الاجتماعية فهو الخالق الذي خلق الانسان وتكفل رعايته، كما أن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم السحر في سورة البقرة حيث يتحدث عن الملكين ببابل هاروت وماروت يعلمون الناس السحر ويتعلمون منهم ما يفرق به بين المرء وزوجه، فكيف اذن يتم البحث عن راع بعيد عن الله سبحانه وتعالى ومن اين تأتي هذه الرعاية أن لم تكن مع الله، وأي شيء يكون من غير الله هو غير نافع وغير مجدٍ ولا يرتكز على اساس".

بدوره، قال الباحث الاسلامي والاكاديمي الدكتور رياض ساجت لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "السحر كان موجودا في العصور القديمة عند الناس ولذلك نرى أن الله تبارك وتعالى قد مكن موسى عليه السلام أن يرد على سحرهم بما يبطله، ولكن في زماننا الحالي القضية اختلفت".

وأضاف: "اليوم المجتمع البشري ارتقى بمعارفه عما كانت تلك المجتمعات تحسبه سحرا وكثير من الامور عادت للعلم والطب في حل المشكلات التي يعاني منها الناس وليس الى السحر ولذلك كان موقف الإسلام واضحا في تحريم ما يتعلق بالسحر ومعظم المراجع العظام في رسالتهم العملية حرموا السحر"، مضيفا: "يجب على الرأي الفقهي أن يكون هناك عمل ثقافي وأن نوضح للناس اسباب المشكلات الاجتماعية وآليات معالجتها".

 وتعتكز هذه الظاهرة بشكل كبير على موجودات المقابر كأحد الأساليب التي يستخدمها السحرة للقيام بأعمالهم المرفوضة دينياً واجتماعيا.

وحول ذلك أجرت وكالة الأنباء العراقية (واع) حواراً مع الناطق باسم قيادة شرطة النجف العقيد مقداد الموسوي، فقال: إن "هؤلاء السحرة والمشعوذين ملاحقون ويتم إلقاء القبض عليهم وفقاً للقانون وهم حالات فردية وليست جماعية، ولا توجد جماعات منظمة لهذا الموضوع بل هي حالات فردية الغاية منها الغش والنصب والاحتيال والحصول على الأموال بطرق غير مشروعة".

 

ما هو موقف القانون؟

قانونياً، يؤكد الخبير القانوني أمير الدعمي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "المادة 456 من قانون العقوبات نصت على تطبيق عقوبة الحبس بحق من يستعمل الطرق الاحتيالية او يتخذ الكذب سبيلاً في التعامل عن واقعة معينة".

وأضاف، أن "قانون العقوبات العراقي أوجد للشعوذة المادة 456 المتعلقة بالاحتيال والتي تعاقب بالسجن من سنة الى 5 سنوات".

 

أحد الضحايا يروي حكايته مع الدجالين

ويروي المواطن أ.ف قصته مع السحر قائلاً: "التجأت للسحر بسبب رزقي المتواضع وانعدام المنافسة، أعمل في أحد أسواق بغداد ورغم أن بضاعتي جيدة لا أجد مشترين".

ويضيف: "أقراني يبيعون بشكل جيد، وصراحةً دبت الغيرة والحسد بداخلي وبعد طول عدم قناعة التجأت للسحر ودفعت لأحد السحرة مبلغاً يتجاوز مليون دينار في سبيل تحسين وضع رزقي وتقليل رزق جيراني من الباعة".

وأضاف، أنه "في النهاية لم ينفعني السحر وذهب المال الذي دفعته أدراج الرياح، وخسرت قيمة بضاعتي بسبب اليأس والتفكير بالسحر بشكل دائم، وفي النهاية التجأت إلى الله وزاد عندي الوعي وابتكرت اساليب جديدة بالبيع ورزقني الله من أوسع أبوابه".

وتقول الأكاديمية ندى العابدي، إن "ظاهرتي السحر والشعوذة يقبل عليهما المتعلم والجاهل وذلك بسبب الجهل المركب الموجود حاليا"، مشيرة إلى أن "المجتمعات التي يطولها الفقر والجهل وتتراجع مستويات التعليم فيها يطغي عليها التفكير السطحي واللجوء إلى الحلول الكسولة التي لا تكلف جهداً ومن بينها السحر".

وأوضحت أن "هذه المجتمعات تعتقد بأن السحر أو اللجوء للدجالين والمشعوذين يوفر حلولاً سحرية وآنية بدون أن يؤمن أفرادها أن هذه الحلول تحتاج الى خطوات ايجابية وديناميكية وتحتاج الى تفكير معمق ولملمة الامور والبحث في الاسباب والمسببات والوصول الى النتائج".

للسحر أنواعه ووظائفه الخبيثة

ويضيف الأكاديمي صفاء عبد الله برهان بدوره لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "السحر حالة مرضية نتيجة التخلف الاجتماعي، المتمثل بكثير من مظاهر الجهل المركب وضعف الإيمان، والذي يؤدي إلى طرق مغلقة عند صاحبها، فالقهر الذي يعانيه الأفراد في مجتمعاتهم، يجعلهم يعيشون تحت مناخات مظلمة".

وتابع أن "هناك أشخاصاً يريدون الوصول إلى أمور بشكل أسرع، كالرزق بأنواعه، أو جذب الحبيب او التفريق، أو التعطيل، فيرى في السحر الوسيلة الأفضل، لأنها ستوفر له الحماية والنجاح"، مبينا أن "هذا التصور قد تركز في مضمراتهم الفكرية، نتيجة طول عهد القهر المتسلط عليهم، فيرون جهلا أن اللجوء إلى السحر والشعوذة، سيوفر لهم السعادة التي يبحثون عنها، وقد ساعد انتشار هذه المظاهر سهولة الوصول إلى المشعوذين في مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات، التي تقف وراءها مؤسسات هدفها الربح والانتشار، وعدم الاكتراث في طرق جني الأرباح".

ولفت إلى أن "مهمة السحر والشعوذة بحسب طبيعة السحر المعمول، وهي لا تخرج عن أمور ثلاثة، وهي: التأثير، والتخييل، والتمويه التي تمارس سلطتها على المسحور، ولهذا فقد انقسم السحر على وفق تلك الوظائف إلى أنواع، ويحتاج الساحر فيها جميعا اسم الشخص المقصود واسم أمه وأحيانا شيئاً من آثاره ويبدو أن ذلك لمعرفة طبيعة المسحور التكوينية".

وتابع أن "للسحر أنواعاً بحسب الطبيعة الفلكية للمسحور، وهي: السحر المدفون (الترابي) سواء في المقابر أم عتبة الباب أم الطرق، والسحر المرشوش (المائي)، وهذا يكون في الماء في أماكن معينة فيهما، والسحر المعلق (الهوائي) ويكون في الأشجار أو أي مكان في الهواء كجناح طائر أو إرسال خادم السحر، فضلا عن السحر المحروق (الناري) حرق بعض طلاسم سحرية أو أثر للشخص المقصود، أو إشعال شمعة مخصوصة، وهناك ما يجمع بين هذه الأمور او ينفرد بنفسه، وهو السحر المطعوم، وهو ما يوضع في طعام الشخص المقصود أو يطعم لكلب أسود، وغير ذلك من التفنن الخبيث في الأعمال السحرية".