أزمة المياه.. بلا اتفاقيات ملزمة

مقالات
  • 13-06-2021, 08:34
+A -A

بشير خزعل 
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
الدراسات والبحوث التي أجريت على كميات هطول الأمطار المستقبلية على العراق تدل على أنها في تناقص مستمر مع مرور الزمن، وبيَّن الباحثون أن فترات هطول الأمطار ستكون قصيرة نسبيًّا، وهذا الأمر سيؤدي إلى تعرية التربة وتدهور الإنتاج الزراعي، كما أن التربة المنجرفة ستترسب في خزانات السدود مما يؤدي إلى تقليص القدرة التخزينية لهذه الخزانات. إضافة إلى ذلك، فإن كمية المياه في الخزانات الجوفية ستقل لأن كمية المياه المترشحة من الأنهار إلى هذه الخزانات ستنخفض نتيجة تقلص فترة هطول مياه الأمطار، هذا التحليل العلمي المقتضب من قبل الخبراء والباحثين في مجال المياه يبين لنا حجم الازمة المائية القادمة، مع استمرار قلة مناسيب نهري دجلة والفرات واستمرار عدم تنظيم الاتفاق مع دول الجوار التي نتشارك معها في المياه، وبالعودة الى الاتفاقيات التي ابرمت حول حقوق العراق المائية، فان اول اتفاقية وُقِّعت كانت بين بريطانيا وروسيا وإيران وتركيا عام 1913 حول تنظيم نهر شط العرب وبعدها وقَّعت فرنسا وبريطانيا اتفاقية لتنظيم استخدام مياه نهري دجلة والفرات عام 1920، تلتها اتفاقية ثالثة عام 1930. وعندما حصل العراق على استقلاله عام 1932 وُقِّعت اتفاقيتان إحداهما عام 1937 مع إيران حول شط العرب والأخرى مع تركيا عام 1946، اما اول المشاريع المائية في العراق فيعود الى خمسينات القرن الماضي، وعند أول اجتماع لتنظيم استخدام المياه بين تركيا وسوريا والعراق عام 1965، بدأت تركيا ببناء «سد كبيان» واتفقت مع العراق على تزويده بتصريف 350 مترًا مكعبًا بالثانية من نهر الفرات. وبعدها، توالت الاجتماعات بين الأطراف من دون التوصل إلى أي اتفاق، ثم بدأت سوريا ببناء «سد الطبقة» في العام 1975 وتفاقم الخلاف حول مياه نهر الفرات بين العراق وسوريا، ووصل الأمر إلى شفا الحرب لولا توسط المملكة العربية السعودية انذاك، ثم توالت الاجتماعات إلى الثمانينيات من دون التوصل إلى أي اتفاقية ملزمة للدول المتشاطئة، وتفاقم الخلاف بين تركيا وسوريا مرة اخرى عام 1987، عندما اتهمت تركيا سوريا بمساعدتها للمتمردين الكرد وهددت بقطع المياه عن سوريا، ثم توصلا في نهاية الامر إلى اتفاقية لحل المشكلة. ومع بناء أي سد على نهري دجلة والفرات في تركيا او سوريا تظهر للسطح مشكلة ازمة المياه في العراق من جديد، بعد تشغيل سد اليسو ومع استمرار تنامي انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، على الدولة العراقية ان تراجع سياسيتها وأمنها المائي، فليس السدود وحدها كاسباب خارجية، هي من تسبب ازمة المياه، فهناك أسباب داخلية وهي كثيرة ومتنوعة ولامجال للخوض فيها هنا، ولكن لا بد ان تكون لدى الدولة رؤية وخطة محكمة لإدارة المياه، من خلال مشاركة جميع القطاعات المعنية كالخبراء والاستشاريين والجامعات والوزرات والمنظمات غير الحكومية وممثلي المنظمات الدولية، مع إعادة تأهيل المؤسسات المعنية بالمياه وتحديث محطات التنقية وشبكات الري وتوزيع 
المياه. 
والالتفات الى الاستفادة من الموارد غير التقليدية، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال المياه، والاهتمام بالتعاون الدولي والإقليمي في مجال إدارة واستثمار الموارد المائية، ومن ثم التوجه نحو مشكلة واحدة فقط وهي تنظيم العمل مع دول الجوار المتشاطئة وحفظ حقوقنا المائية من دون اشتراطات او انتقادات تخص الهدر المائي، فمع مفاوضاتنا في الخارج، لا بد من عمل دؤوب لتنظيم عمل الداخل بما يخص واقعنا المائي بشكل علمي ومدروس.