قضية نقل أهالي الدواعش من «الهول» الى مخيم «الجدعة»

مقالات
  • 30-05-2021, 08:35
+A -A

  القاضي زهير كاظم عبود 
في منطقة (الهول) الواقعة ضمن محافظة الحسكة السورية يقع معسكر يضم متبقي النساء والأطفال الذين تركهم المقاتلون من عصابات داعش الإرهابية، بعد تحرير المنطقة من سيطرتها، وتم تجميع تلك الأسر ضمن مساحة هذا المعسكر، من دون وجود خطة لإعادة تأهيل الأطفال والنساء للاندماج ضمن المجتمع ونزع الأفكار التكفيرية والاجرامية المتشبعة في عقولهم.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بقيت تلك الأسر مقيدة ومحددة الحركة مع تزايد في نمو الأفكار المتطرفة وزيادة في نمو الأحقاد والكراهية ضمن إطار مساحة المخيم، وبقيت تلك المجموعة البشرية بين قيود السلطات والحركات المسلحة المسيطرة، وبين مكاتب الأمم المتحدة ومكاتب اللاجئين المشرفة على المعسكر، وبين محاولات التواصل بينها وبين بقايا المسلحين المقاتلين من عصابات داعش الإرهابية الملاحقين من جميع الاتجاهات، وهم يعيشون مطاردين مثل البهائم في الصحارى والمناطق غير المأهولة بالسكان، متخذين من الكهوف والمغارات والانفاق المتروكة ملاذا ومقرات لما تبقى لهم من اعمار على امل تحقيق الحلم، الذي سيطر على عقول قياداتهم في فترة زمنية حالكة.
ضمن تلك الأسر جنسيات مختلفة اجنبية وعربية ومن بينها
 العراقية.
ويفترض ان يتم فرز تلك الأسر العراقية وتدقيق مواقفها القانونية، وإخضاع تلك العناصر للتحقيق الجنائي بالنظر لاشتراك العديد منها في جرائم القتل واحداث الأذى والتخريب والتعاون مع عناصر تلك المنظمة الاجرامية، وعلى ضوء ذلك يجري إحالة من تتوفر الادلة عليهن للمحاكمة العادلة، واطلاق سراح من لم تتوفر الأدلة ضدها، حيث ان مجرد ارتباط أي امرأة بمتهم او مجرم لا يشكل تهمة او دليلا للمحاكمة. 
أما الجنسيات الأخرى غير العراقية فيجري عليهن ما يجري على العراقية ان كانت الجريمة المرتكبة فوق الأرض العراقية، أو ضد مواطن عراقي، وفي حال عدم توفر الأدلة لا يتوفر أي سبب قانوني للاحتفاظ بهن في مخيمات ترعاها الحكومة العراقية، ويستوجب اعادتهن الى بلدانهن مع أطفالهم للتصرف بهم وفقا للقانون. 
الأمم المتحدة تشرف على تلك المخيمات ولكنها لا يمكن ان تفرض على العراق التزامات خلافا للقانون والدستور، مهما كانت الأسباب، وبذلك فان عملية نقل تلك الأعداد من مخيم الهول السوري الى الأراضي العراقية ضمن مخيم (الجدعة) الواقع جنوب مدينة الموصل في منطقة ناحية القيارة، يشكل موقفا يحمل معه تداعيات غاية في 
الخطورة.
ضمن محافظة الموصل وخصوصا المناطق التي يسكنها الايزيديون والمسيحيين، تم ارتكاب جرائم خسيسة لم تزل الناس تعاني منها حتى اليوم، ووضع تلك المجموعة البشرية بالقرب من أهالي الضحايا مثل الذي يضع عبوة البانزين بالقرب من النار، كما يشكل التصرف موقفا استفزازيا خطيرا وتحديا سافرا لمعاناة تلك المجموعة البشرية، إضافة الى إمكانية قيام تواصل بين الإرهابيين وبين تلك الاسر في هذه المنطقة، وما ستشكله ذلك من خطورة على الامن الاجتماعي واستقرار المنطقة، التي لم تزل تعاني من تبعات الجرائم التي ارتكبتها عناصر داعش الارهابية.
وأيضا فان وزارة الهجرة والمهاجرين لا تملك الخطة المقنعة لاندماج تلك الاسر العراقية بالمجتمع، ونزع تلك الأفكار التي زرعها الدواعش في عقول النسوة والأطفال، يصاحب ذلك تلك الدعوات الرافضة لمبدأ وجود المخيم في تلك المنطقة إذ بين النسوة عناصر غاية في الخطورة، وستتكرر التجربة نفسها حصر العناصر المتهمة بالإرهاب في معسكرات اعتقال، ليتم تجنيد وتثقيف تلك العناصر ضمن تنظم القاعدة او داعش مثلما كشفت لنا التحقيقات بعد ذلك. 
نقل أسر عناصر داعش خطوة لا تعبر عن مسؤولية ولا حرص اكيد على آمن المواطن والبلد، وخضوع ليس له مبرر لإرادات خارجية غير حريصة على مصلحة العراق، لأن مسألة التوطين وإبقاء تلك المجموعة البشرية وبهذا الوضع لا يشكل حلا للمشكلة، ولا يرقى الى احترام دماء العراقيين التي سالت جراء جرائم الدواعش، والعراق ليس مكبا لمخلفات الدول التي تريد التخلص من مشكلاتها مع الإرهابيين وتتجنب معالجتها بالقوانين والمنطق
 والعدل.
لا ينبغي أن تمر قضية نقل اسر الدواعش من مخيم الهول في سوريا الى مخيم الجدعة في العراق، مثل ما مر علينا سابقا نقل إرهابيين ينتمون لعصابات داعش بالباصات الحكومية من سوريا الى العراق، من دون ان يتحمل أحد المسؤولية.
وبدلا من إيجاد حلول إنسانية ووطنية عراقية لمعالجة حالات إعادة المختطفات والاسيرات الايزيديات الموجودات لدى بقايا الدواعش، واعادتهن الى اهاليهن، يجري التفكير بإعادة توطين أسر القتلة والسفاحين ليكبر الأولاد وهم مشبعون بالفكر الإرهابي المتطرف. 
المجتمع الدولي بدوره مدعو لإيجاد حلول إنسانية وعاجلة لهذه الاسر، خصوصا الأطفال الذين لا يحملون جنسية بلد معين، وان يجري تعاون جميع الأطراف الدولية المعنية التي يهمها الامر للاتفاق على حلول يتفق عليها جميع الأطراف، وبما يحفظ للعراق سيادته وأمنه وحرصه الأكيد على حياة وحرية مواطنيه.