الضمير المستتر والمتحرك

مقالات
  • 14-04-2021, 08:32
+A -A

 ماجدعبدالحميد الحمداني
الضمير هو ذلك الشعور الواعي، الذي يميز بين الخير والشر وضبط السلوك الذاتي، بما لا يتقاطع مع ذلك الشعور المتأصل داخل كل شخص منا، وهذا الشعور يؤثر ايجابا في راحة الشخص النفسية، إن شعر بعدم التناقض بين ما يضره وما ينفعه من خلال وجدانه وسلوكه واستطيع التشبيه التقريبي.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
فكأن وجدان الشخص هي القيم التي تمثل مثلًا (السلطة التشريعية بما تتضمنه من قوانين ودستور) ومابين السلوك الفعلي، الذي تمثله الحكومات او الإرادات الفاعلة على أرض الواقع (العمل الميداني) وبما أن اساس كل مجتمع هو الافراد، لذا فإن حصيلة التفاعل ما بين هؤلاء الأفراد بمجموعهم، يشكلون حركة نمو في هذا المجتمع، فإن كانت تلك الحركة او العلاقة ماضية بشكلها العام وفق القوانين المرسومة، فإن نتائجها مؤكدة ستثمر بشكل وآخر وحسب طبيعة الامكانيات والطاقات المتوفرة والمستثمرة على أرض الواقع، وان كانت تلك العلاقة بعيدة عن تلك القوانين بمعناها الحقيقي، فإن ذلك سينعكس سلبا على الواقع، وهنا يبرز مفهوم الضمير عند الافراد والجماعات بشكل واضح، وهذا ديدن كل شعوب الارض.
 فالضمير في موروثنا الفكري والثقافي مقياس لحسن تصرف الاشخاص تجاه مختلف القضايا في المجتمع، ومنها قضايا العدالة والتطور والحقوق الخاصة والعامة، وحسب اعتقادي ان من مظاهر تحرك الضمير ما تفعله مجموعات الناشطين مثلاً عند مطالبتها بحقٍ من الحقوق، ان كانت مجموعة صغيرة او كبيرة كما تجسد ذلك في التظاهرات، التي انطلق بها التشرينيون الشباب منذ أكثر من عام، لتحقيق إصلاحات يعتقد ويؤمن بها هؤلاء الشباب في العراق للتعبير عما يجول في ضمائرهم من مشاعر، يجدها المتظاهرون من الضرورات التي يجب تنبيه الطبقة السياسية إليها بالطرق السلمية حسب الدستور، الذي يكفل ذلك والتي يعتقدون ان الطبقة السياسية تناست او ابتعدت كثيراً او قليلا من المبادئ المرسومة لها من خلال ذلك الدستور، ولديهم حججهم وبراهينهم وبالنتيجة اصبحت الضمائر كمنطلقات وجدانية وشعورية تعبر وتخاطب أصحاب القرار، بأشكالٍ ومستويات مختلفة.
 فمن كان ضميره كما نقول (حياً) فسوف يتفاعل ايجاباً وبنسب متفاوتة بين شخص وآخر، فإن مرض الضمير أو أصابه خلل ما كما يقال فإن تفاعله سيكون ضعيفاً أيضا تجاه القيم المسلم بها، وحتى موروثنا الشعبي يربط الكثير من القضايا الحياتية والمجتمعية بصحوة الضمير، وكلنا يردد العبارة المشهورة "ما دام ضميري مرتاح اني مرتاح" اي ما دام سلوكي وتصرفاتي تتوافق مع القيم التي أؤمن بها، اذاً لايوجد قلق أو تناقض في داخلي وبعبارةٍ اخرى أدق، يمثل الضمير لدى المؤمنين بمبادئ معينة في مدى تطبيق القيم الروحية والاخلاقية في الحياة العملية، وعلم النفس يرى (ان الضمير قد يتسع ليشمل مجموعة صغيرة او كبيرة تتحول فيما بعد إلى مجموعة أكبر وأكبر لتشمل شعبًا بأكلمه)، وبذا ستكون أهداف تلك الضمائر محققة على أرض الواقع. ويفترض بقادة الرأي في مختلف المجالات الدفع باتجاه احترام الضمائر الحية التي تنتهج وتهدف إلى تجسيد القيم النبيلة، التي يؤمن بها المجتمع منذ قديم الزمان سواء التي تخص الأفراد ام المجتمع عمومًا، لكي نتفادى التصادم وهدر الجهود والوقت ولأجل بناء بلدنا ورفاهيته، مثلما تفعل الكثير من بلدان العالم اما اذا انحرف الضمير - لاسمح الله- فإن ضمائر اخرى ستحاول تصحيح هذا الانحراف، لتستمر عجلة الحياة بالدوران الصحيح للمضي نحو التغيير الإصلاحي وإن اختلفت صور وأشكال أساليب هذا التغيير.