ميسان: الصابئة المندائيون أقدم الديانات وانموذج للتعايش الاجتماعي

تحقيقات وتقارير
  • 16-03-2021, 12:04
+A -A

ميسان- واع شذى السوداني- وعبدالحسين بريسم

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عبر التاريخ، لا يكاد يذكر اسم محافظة ميسان سواء في الجوانب السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية وحتى الشعبية من دون أن يكون للصابئة المندائيين نصيب بهذا، فالصابئيون سكنوا ميسان منذ آلاف السنين وعاشوا على أرضهم وتعمدوا في عذوبة مياهها.
سنوات طويلة وميسان تتزين بأبناء هذه المدينة المعطاء، الذين أغنوا العراق بأسماء ثقافية وعلمية وفنية وفي شتى مجالات الحياة أمثال العالم الكبير عبد الجبار عبد الله والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم من الأسماء الأخرى التي كانت ولا تزال رافداً مهماً من الروافد الفكرية لهذا الوطن.
وكالة الأنباء العراقية (واع) شاركت الصابئة المندائيين أفراحهم وهم يحتفلون بعيد الخليقة (الأيام الخمسة) الذي يعد واحداً من أهم أعيادهم والتقت شيخ الطائفة في ميسان الترميذا نظام كريدي الذي قال: إن " عيد الخليقة (الأيام الخمسة)  للصابئة المندائيين يعد واحداً من أهم الأعياد، حيث يعمد الصابئة بالماء الجاري وهو عيد الأيام الخمسة البيضاء ،التي تجلت فيه صفات الخالق العظيمة وحلت قدرته ،ويعتبر التكوين الأول للعالم النوراني"، لافتاً الى أن "من طقوس العيد هي توزيع الثواب من الطعام والماء على أرواح الموتى من المندائيين وطلب الغفران لهم والدعاء لجميع أبناء الوطن من أجل رفع هذا الوباء وأن يعم الرخاء والسلام على جميع الإنسانية".
وعن كيفية أن يصبح الرجل ترميذاً في الديانة المندائية أوضح الشيخ نظام أنه: " إذا أراد الرجل أن يصبح ترميذاً من خلال لجنة كبار الحكماء في بغداد ويدخل عدة دورات دينية حتى يصبح ترميذاً في أعلى المراتب الدينية مع الالتزام الكامل ومعرفة تامة باللغة والطقوس الدينية المندائية".

المعبد والماء 
ويتابع الشيخ نظام أن " معبد المندائيين الصابئة الذي تم تشييده العام 1974 على ضفاف نهر الكحلاء يعد من الشواهد المهمة الذي يؤرخ طقوس الديانة وفكرة انشاء هذا المعبد يكون كسوار من ماء ومحبة يحيط بالمدينة ويحميها من الأضرار التي قد تلحق بها ،وكذلك ليكون ارتباط الصابئة المندائيين بالماء الجاري، لما تتطلبه طقوسهم الدينية ذلك لكون (الصباغة) أي التعميد هو ركن أساسي من أركان الدين المندائي ،ويكون بالمياه الجارية حتماً ، لذلك يتواجد الصابئة المندائيون قرب الأنهار" .

أعياد وطقوس
وأضاف أن " أهم الأعياد والطقوس للصابئة المندائيين هي العيد الكبير ،وهو مناسبة التكوين الأول للخلق المادي ويعد بداية للسنة المندائية والعيد الصغير (عيد الازدهار) هو مناسبة تهيئة الأرض بأمر الحيّ العظيم مبارك اسمه من كل شيء لأجل خلق آدم وحواء، وعيد الخليقة (البرونايا) هو عيد الأيام الخمسة البيضاء التي تجلت فيها صفات الخالق العظيمة، ويعتبر التكوين الأول للعالم النوراني ،ولذلك فهو يعد يوماً واحداً ليس فيه الظلام  ولا يشطره الليل، والعيد الذهبي وهو هبة الله مبارك ومعظم اسمه للملائكة حيث تعمدوا في عوالم النور العليا واهديت لآدم وذريته من بعده وفي هذا اليوم تعمد النبي يحيى بن زكريا (ع)، مشيراً الى أنه "يجب على الفرد المندائي أن ينال التعميد بعد 30 يوماً من ولادته إذ يعد هذا الطقس ولادة روحية له ليكون مندائياً".

أعلام ونجوم
وأشار الى أن المندائيين لهم دور في بناء العراق ومحافظة ميسان ومنهم العالم عبد جبار عبد الله والدكتور عبد العظيم سبتي والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وناجية المراني ولميعة عباس عمارة وغيرهم الذي أسهموا في رفع اسم العراق عالياً.

رجال الدين 
وتابع أن "الطقوس الدينية التي يؤديها المندائيون تعتمد على رجال الدين الذين يتسلسلون بمراتب كهنوتية وفق دراستهم وتبحرهم في الدين الصابئي المندائي ومراسيم طقسية خاصة تقام لهم ، وأن يكون من سلالة ملتزمة دينياً ويجيد القراءة المندائية، وأولى المراتب في الديانة المندائية هي مرتبة (الترميذا) ويكون فيها رجل الدين مكرساً حياته بطريقة خاصة يرتقي فيها الى هذه الدرجة، ومرتبة (الكنزا ربا) وتعني أنه قد درس وحفظ الكتاب المقدس (الكنزا ربا) أي أنه ختمه ،وعليه أن يجسد معناه فعلياً حيث يكون ملماً بجميع جوانب الديانة المندائية، ومرتبة (ريش أمه) وتعني رئيس الأمة ،وهو رجل يمتلك الحكمة والدراية والحنكة في اتخاذ القرار الصائب ،وهذه هي المرتبة السامية ،وهي قمة ما يصل إليه رجل الدين من الإيمان والعلم الديني ، وأنها أعلى درجات الزهد الديني التي تتطلب منه الابتعاد عن كل ألماديات والانصراف الى التعبد، ومرتبة أعلى المراتب الدينية هي مرتبة النبي يحيى بن زكريا (ع).