لا ديمقراطية من دون استقلال والعكس صحيح

مقالات
  • 1-03-2021, 12:58
+A -A

 أ.د.عامر حسن فياض
 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
في العراق لا يستقيم وطن ولا تتشكل دولة من دون السير في عجلة السياسات التي تنتقل بالعراق من كيان او كيانات سياسية ما قبل الدولة الى عراق الدولة الوطنية.. وكيما يتشكل عراق الدولة الصح فإن كل تحول ديمقراطي فيه ينبغي ان لا يفسر إلا بوصفه مسارا أدواته تعددية حزبية وتحالفات سياسية؛ لأن الديمقراطية من حيث المبدأ ليست عقيدة نناصرها مقابل من يناهضها، ولا هي مذهب نقدسه مقابل من يدنسه، ولا ايديولوجيا نتقاتل من اجلها ضد من يتقاتل ضدها، ولا هي آلية نتوسل أدواتها لنتسلق السلطة مرة ونتخلى عن أدواتها مرة أخرى كي لا ننزل عن منصات التسلط. بمعنى آخر، إن الديمقراطية منظومة فكر وممارسة متكاملة تضم وتؤطر التنوعات وتعمل ضمن حركة تحالفات ومسارات تحسن إدارة التنوعات، وعلى أساس ذلك فإن تلك المنظومة الحركية لا يمكن أن تكون جزءا من نشاط حزب سياسي ولا يمكن أن تجيّر باسم حزب، ولا يمكن أن تكون ملحقة بحزب ولا واجهة جانبية او خلفية لحزب. وفي سياق استكمال مواصفات العراق الصح نقول إن هذا العراق هو عراق الدولة وليس عراق ما قبل الدولة... وعراق المصلحة الوطنية، وليس المحاصصة الجهوية.... وعراق الديمقراطية المؤطرة بالاستقلال الوطني، وليس عراق الاستقلال الملوز بالديمقراطية وليس عراق الديمقراطية المطعمة بالسيادة.... وعراق الاتحاد الصاعد للوحدة، وليس عراق الوحدة المعدومة الهابطة للاتحاد، وعراق المسؤول الباني التكميلي، وليس عراق المسؤول الهدام التصفيري.... وعراق مأسسة المناصب لا تنصيب الأشخاص... وعراقٌ يخاف فيه الفاسد، لا عراقا يخاف من فاسد... وعراقٌ منخرط في قضايا العدالة والحرية، لا عراقا ينأى بنفسه عن قضايا العدالة والحرية لشعبه ولكل الشعوب... وعراق «نرید وطن»، لا عراق «نبيع وطن»... وعراقٌ يستحضر الماضي للتذكير بحسناته ومغادرة سيئاته، لا عراقا يسترجع الماضي ليعيش به ويعتاش منه... عراق أحياء يعمل لمستقبل أحياء، لا عراق أحياء يحكمهم أموات.. عراقٌ يعرف حكامه ثقافة الاستقالة، لا عراقا تعشش في عقول حكامه ثقافة الاستطالة... وعراقٌ يفهم التاريخ ويتفهم الحاضر ويعشق المستقبل، لا عراقا يعيش التاريخ ويراوح في الحاضر ويكره المستقبل.... وعراقٌ ينظر الى تنوعاته من ابواب العراق الواسعة، وليس عراقا ينظر اليه من ثقوب تنوعاته الجهوية المذهبية والعرقية والمناطقية الضيقة... وأخيرا العراق الصح هو عراق التوأمة إن لم نقل عراق الزواج الكاثوليكي بين الاستقلال الوطني والديمقراطية على مستوى التعامل مع الخارج بعد أن يتطهر من وساخة الوجود العسكري الأجنبي بالرحيل عن أرضه عموديا وإلا سيكنس أفقيا. على أن يتلازم تحقق هذا الرحيل مع طلاق العراق الأبدي من المحاصصة المقيتة والفساد الوسخ على مستوى التعامل 
في الداخل.