برامج الاستثمار وعقدة التنفيذ

مقالات
  • 12-01-2021, 05:47
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
علي حسن الفواز

الحديث عن الاستثمار وبرامجه يضعنا أمام المشكلات التي تواجه هذا القطاع الحيوي، وضعف البنى الساندة له، وتراكم العراقيل التي تضعها عديد الجهات في سياق الحصول على الاجازة الاستثمارية، والتي تخصّ ملكية الارض، والمطابقة البيئية، والجدوى، وشفافية الاجراءات التي ينبغي اعتمادها في التعاطي مع المشاريع الاستثمارية.

كما أن هذا الحديث ليس بعيدا عن السياسة، وعن نظرة القوى السياسية لمشاريع الاستثمار، لاسيما تلك التي تخص الأهداف الستراتيجية التي لها علاقة بمعالجة الأزمة الاقتصادية المتراكمة، والبحث عن مصادر أخرى للثروات خارج اطار الثروة النفطية، فضلا عن دورها في معالجة ظاهرة البطالة المستشرية في واقعنا 

الاجتماعي والاقتصادي.

من هنا تأخذ الحاجة الى تفعيل هذا القطّاع فاعليتها، عبر اعطائه اولوية في الموازنات الاتحادية، وفي أية معالجة اقتصادية، وكذلك في اقرار القوانين التي من شأنها توسيع مديات الاستثمار وتيسير اجراءاته بعيدا عن البيروقراطية والتعقيد وتعدد النوافذ، فضلا عن العمل على تكريس ما هو حيوي في بناء مؤسساته، وأطره العاملة، لاسيما استقلالية هيئة الاستثمار على مستوى توصيفها الوظيفي، أو على مستوى الصلاحيات الممنوحة لها، تجاوزا لكل التعقيدات التي قد تضعها في سياق التراكم الوظيفي في عمل العديد من الوزارات.

التقاطع بين استقلالية عمل الهيئة، وطبيعة توصيف عملها، وبين ما هو مُكرّس في الواقع، من تعدد غير مدروس في الصلاحيات والنوافذ والاجراءات، ينعكس سلبا على إنجاز مشاريع الاستثمار، وتعطيل الكثير منها، فضلا عن دخول الفساد في تعويق آليات التنفيذ، عبر اختيار شركات لا خبرة لها، أو عبر اعطاء بعض المشاريع البسيطة فرصا موازية للحصول على الاسبقية والمنافسة، مقابل تعطيل المشاريع الستراتيجية الاتحادية مثل السكك والمطارات والبنى التحتية والبتروكيمائية، والطرق السريعة، فضلا عن المشاريع التي تخصّ الاكتفاء الذاتي والصناعات التكميلية مثل مشاريع المصافي، ومشاريع الاسمنت ومشاريع الاغذية والملابس والادوية، والمشاريع الزراعية والاروائية والمجمعات السكنية وغيرها.

كل هذا يرتبط بالحاجة الى التخطيط، والى المعالجة الواقعية التي تعمد الى برامج اصلاح البيئة الاقتصادية، بوصفها بيئة مشوهة، وغاطسة بالفساد والعجز والمعالجات الرثة، وهو ما يتطلب اعتماد سياسات وبرامج تدعم اولا الاقتصاد الاستثماري في الموازنة الاتحادية، وثانيا تعمد الى اعادة النظر بسياسات الاستثمار وتنظيمه، وثالثا وضع الخطط لجعل برامج الاستثمار ناجحة من خلال الحوكمة في ادارتها لغرض السيطرة على الاداء، ومتابعة بؤر الفساد، فضلا عن  اعتماد المراقبة الدقيقة، والتعامل مع الشركات الرصينة وذات الخبرات المعروفة،  وكذلك ايجاد الاليات المناسبة لايصال الخدمات الى المشاريع 

الاستثمارية لدعمها.

هذه الاجراءات وغيرها لا يمكن ان تكون ناجعة وناجزة دون وجود بيئة صحيحة، واجراءات صالحة، ودون وجود تأطير مؤسساتي يقوم على ما يسميه الخبراء بـ” النافذة الواحدة” التي تتمثل فيها الوزارات والجهات البلدية، التي تملك صلاحيات اعطاء الموافقات على تكامل عمليات الاستثمار، وقطع الطريق على “مثبطات” الروتين وتعدد النوافذ، ووجود بعض الارادات اللادولتية، التي تقف عائقا أمام تنفيذ برامج الاستثمار وتحت حجج واهية، لها علاقة بملكية الأرض، أو الابتزاز، أو ضعف المؤسسات الادارية والأمنية في هذا المكان أو ذاك.