جرس إنذار قد يكون متأخراً!

مقالات
  • 11-01-2021, 05:32
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مَن يسرح بنظره عند ساعات الصباح الاولى، يلاحظ بوضوح، طبقة سوداء، تُطبق على افاق العاصمة بنحو دائري، وكأنها كف عملاقة، تمسك بخناق بغداد، محاولة كتم انفاسها!، هذه الطبقة السوداء السميكة، هي عبارة عن خليط من الأدخنة والأبخرة الناتجة عن حركة السيارات، والمصانع والمعامل، المنتشرة في ارجاء بغداد، فهناك اكثر من مليوني سيارة تسير في شوارع بغداد وضواحيها، من اصل نحو (7) ملايين سيارة في عموم العراق، إضافة إلى الدراجات النارية، وما تعرضت له العاصمة من غزو «تكتكي» غير مسبوق!، وما ينجم عن هذا الزخم من اختناقات مرورية لا تطاق، تتسبب بهدر كبير في الوقت، وتراجع في الإنتاجية، فضلا عن التوتر النفسي الذي تسببه لسالكي الطرق، وما ينجم عن هذا التوتر من حوادث مرورية، قارب عددها (11) الف حادث مروري عام 2019، أدت إلى وفاة اكثر من 2600 إنسان عراقي، وإصابة نحو 12 الفا آخرين.وهناك مخاطر أخرى، تتمثل بالمواد الملوثة، من المصادر الصناعية، مثل المعامل والمصانع بمختلف اشكالها وأصنافها، وكثير منها، لا تتوافر على الشروط الصحية ولا البيئية، لاسيما تلك المنتشرة بين الأحياء السكنية، التي تسببت برفع مناسيب ثاني أوكسيد الكاربون، وهناك مشكلة أخرى تتمثل بوجود اغلب الصناعات العراقية، بالقرب من الأنهار، من دون مراعاة الشروط والمتطلبات البيئية، ما تسبب بحدوث تلوث كبير في المياه.

ولنا ان نتصور المشهد بوجود هذه الأعداد الهائلة من السيارات، وهي تسير في شوارعنا، مطلقة لعوادمها العنان لإعدام البيئة، وتلك المصانع التي تسببت بمشكلات كبيرة، كيف ستكون بيئة العاصمة؟، في ظل مخاوف كبيرة من انخفاض معدلات هطول الأمطار خلال الثلاثين سنة المقبلة، وما ينتج عن هذا الانخفاض، من ارتفاع في درجات الحرارة،؟؟ معنى ذلك اننا سنواجه اختناقا حقيقيا، وهنا لست بصدد اثارة رعب الناس، بقدر ماهي محاولة لقرع جرس إنذار مبكر، للقيام بخطوات معالجة استباقية لما ستشهده البيئة من تداعيات خطيرة، ستواجهها الأجيال المقبلة، والمعالجات المطلوبة، ربما تكمن في تبني سياسات اقتصادية صديقة للبيئة، كما ان الحال يستدعي زيادة كفاءة الموارد المائية، ويرتبط بهذا الجانب، زيادة الخزن المائي، وتحسين نظم الري والبزل، وفي سياق اخر، فان مواجهة تهديد البيئة، يتطلب أيضا إيقاف طرح المياه الثقيلة إلى حوضي نهري دجلة والفرات، وسائر الأنهار، وزيادة المساحات الخضر، فضلا عن وضع سياسة محكمة من خلال إصدار قوانين او قرارات وتعليمات، تنظم عملية استيراد السيارات، هذا الملف الذي يمثل احد اخطر التحديات التي تهدد البيئة في العراق، عدا ذلك، فإننا مقبلون على مشهد بيئي، ينذر بخطر كبير.